شتاء هذا العام يقسو على اللاجئين في الجزر اليونانية

الخميس ١٢ يناير ٢٠١٧ الساعة ٣:٣٠ صباحاً
شتاء هذا العام يقسو على اللاجئين في الجزر اليونانية

خيام باردة توشك أن تنهار تحت وطأة الثلوج التي تغطيها بارتفاع نصف متر، أرضية متجمدة تصبح موحلة في النهار. إنها صور لمخيمات اللاجئين في الجزر اليونانية كشفت للرأي العام مرة أخرى حجم البؤس الذي يعيشه الناس في هذه المخيمات.
اختصرت صوفي دي فريز الوضع في مخيم موريا للاجئين في جزيرة ليسبوس اليونانية قائلة: “الطريقة التي يترك بها الناس يعيشون بها هنا غير مسؤولة وغير إنسانية لأقصى درجة”. وتعمل الطبيبة دي فريز التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود في هذا المعسكر منذ ستة أسابيع.
وأعمالها اليومية عبارة عن حرب ضد طواحين الرياح. “فهناك نحو 20000 شخص من بينهم أطفال صغار وحوامل و مصابون بصدمات نفسية يعيشون في هذه الخيام المصنوعة من نايلون رقيق بلا ماء ولا تدفئة ولا كهرباء، ليس لديهم مراتب للنوم عليها، إنهم ينامون على الأرض، وهذا على مدى ثمانية أو تسعة أشهر في بعض الحالات”.
لا يستطيع المتطوعون الوفاء بحاجة جميع اللاجئين من الرعاية في الشتاء “فاللاجئون مبللون دائما، نوزع ملابس جافة عليهم ولكن عندما تمطر السماء يبدأ كل شيء من الصفر مرة أخرى، يحدث ذلك مرارا في اليوم الواحد، المعسكر كله عبارة عن ثقب موحل، عند هطول الأمطار تنجرف خيام بأكملها”، حسبما أوضحت الطبيبة دي فريز.
وأضافت الطبيبة دي فريز أن اللاجئين فروا من مآسي الحرب ويحاولون في المخيم البقاء على قيد الحياة، ومن لم يصبه المرض يصبح مريضا في كل الأحوال “فالأوضاع هنا تنذر بمخاطر صحية هائلة”. كما توضح منظمة أطباء العالم إلى أي مدى يعاني الباحثون عن الحماية من عواقب الشتاء “فلدينا أطفال بأعداد متزايدة وكبار سن يعانون من التهابات في الجهاز التنفسي”، حسبما أوضح نيكولاوس مارينوس، منسق المنظمة في اليونان.
ويضيف مارينوس: “الوضع يهدد الحياة بالنسبة لبعض اللاجئين لأن البرودة يمكن أن تتسبب في نزلات الربو و في الالتهابات الرئوية الشديدة”. وأشارت الطبيبة فريز إلى أن أعداد حالات الإصابة بالالتهابات الرئوية تضاعفت خلال الشهرين الماضيين.
استمرت درجات الحرارة منخفضة إلى ما دون الصفر على مدى أيام عديدة إلى أن تدخلت الحكومة اليونانية حيث أرسلت اليوم الأربعاء سفينة تابعة لسلاح البحرية اليونانية إلى جزيرة ليسبوس لمساعدة 500 شخص بشكل مؤقت. على متن السفينة مدافئ وأغطية وغير ذلك من الأشياء الضرورية للاجئين.
تساءل أحد المتطوعين اليونانيين: “لماذا لم يرسلوا عبارة؟ ألا يرون أن لدينا هنا الكثير من الناس المصابين بصدمات نفسية ويفضلون الموت تجمدا، على الصعود على متن سفينة حربية خوفا، على سبيل المثال، من أن تعيدهم السلطات إلى تركيا؟”.
ويحمل فلوريان فيستفال، المدير التنفيذي لمنظمة أطباء بلا حدود في ألمانيا، اتفاقية اللاجئين بين الاتحاد الأوروبي وتركيا المسؤولية عن البؤس، الذي يعيشه اللاجئون في اليونان “فسبب هذه الصفقة هناك الآن أكثر من 15 ألف شخص في بؤر أوروبية مزدحمة في الجزر اليونانية ويعانون من البرودة”.
ولا يقتصر الوضع السيئ للاجئين في اليونان على الجزر فقط حيث إن الأوضاع في مخيمات  اللاجئين في أماكن أخرى سيئة، حسبما قال فرانسوا دي كيرسميكر، مدير منظمة أطباء العالم في ألمانيا والذي أضاف: “تمر اليونان بأزمة اقتصادية، لا نستطيع أن ننتظر من هذا البلد أن يواجه هذه المشكلة بمفرده في الوقت الذي لا تأوي فيه دول أوروبية أخرى أي لاجئين”.
كان هناك في الأصل اتفاق بين دول الاتحاد الأوروبي على أن تستقبل اليونان 300 ألف لاجئ العام الماضي، و لم يغادر منهم بالفعل اليونان سوى 5500 لاجئ.