“سقوط الجنة” يروي الأيام الأخيرة للبهلوية والإمبراطورية الإيرانية

الإثنين ١٣ مارس ٢٠١٧ الساعة ١١:٣٩ صباحاً
“سقوط الجنة” يروي الأيام الأخيرة للبهلوية والإمبراطورية الإيرانية

يتتبع الكاتب الأميركي، أندرو سكوت كوبر، حياة الشاه الإيراني، محمد رضا بهلوي، في كتابه “سقوط الجنة”، من مرحلة الطفولة مروراً بفترة جلوسه على العرش عام 1941.

ويصور الكاتب، وفقًا لمركز الدراسات الإيرانية، حالة الاضطراب في حقبة ما بعد الحرب، ومحاولات اغتيال الشاه، وأيضاً محاولات الانقلاب على بناء دولة عصرية موالية للغرب، ومضادة لإطلاق إيران إلى الساحة العالمية لتكون واحدة من القوى الخمس في العالم.

ويتيح الكتاب للقراء الاطلاع على قصة حياة الشاه السياسية، جنبا إلى جنب مع قصة حياته الشخصية، مروراً بمرحلة الخطوبة والزواج من “فرح ديبا”. كما يعرض الكتاب نظرة حصرية على الحياة داخل القصر أثناء الثورة الإيرانية.

ويحقق كوبر في أسباب سقوط السلالة البهلوية، عبر أنظار أشخاص كانوا مطلعين مباشرة على الأحداث في ذلك الوقت، كقيادات الثورة الإيرانية، ومسؤولي الرئيس الأميركي جيمي كارتر والبيت الأبيض وموظفي السفارة الأميركية لدى طهران آنذاك، والإمبراطورة فرح، وبقية أفراد الأسرة الإمبراطورية.

ويبيّن الكاتب بداية، راهن الشاه الإيراني السابق، محمد رضا بهلوي على مشروع علمنة الحياة في إيران، ودعواته إلى تحرر المرأة الدينية التقليدية، وحثه على الخروج من تحت الحجاب، والذهاب إلى الجامعات، وتوسيع نشاط المواطنين في المجالات العامة.

ويبرز كيف قام الشاه الإيراني السابق بتنفيذ القوانين العلمانية الشاملة التي تعطي المرأة حقوقاً أكبر ضمن أسرتها، كما سمح بتعيين النساء في المناصب العليا وشجع على الانفتاح على الغرب.

ويشير الكاتب إلى أنَّ “الثورة الإيرانية 1979 قامت بتعطيل كل طموحات الشاه في الدولة الإيرانية، وأنتجت ما يعرف باسم (الجمهورية الإسلامية)، التي فرضت شروطاً قاسية على الحياة في إيران، مع ذلك كانت مشاركة المرأة في الحياة العامة طبيعية ولم يمنعها ذلك من دخول الجامعات وممارسة النشاطات الاجتماعية”.

ويقدّم الكاتب أحداثاً درامية لحياة السلالة البهلوية، وقام بتصوير الشاه الأخير محمد رضا (1919-1980) على أنه الحاكم الذي سعى إلى رفاه الإمبراطورية الفارسية قبل كل شيء، وبعد الاطلاع على حياة الشاه الأولوية بداية من تنازل أبيه الشاه الأسبق رضا بهلوي 1941، والحياة داخل القصر وعلاقته مع الداخل الإيراني، قام كوبر بالتركيز على السنوات المشحونة التي بدأت 1970 ويغوص في علاقة الشاه التي كانت مشبوهة بالنسبة إلى الإيرانيين، وتخص الاستيلاء على الثروة النفطية وعلاقته بوكالة المخابرات الأميركية وتدخلاتها في الشؤون الداخلية للدولة، ومساعدته في قمع المعارضين له.

ويتناول كوبر أيضاً المفاهيم الخاطئة التي وضعها النظام كالأرقام المبالغ فيها لاعتقالات الشرطة السرية في زمن الشاه وأيضاً كموافقة الشاه على استخدام القوة ضد المتظاهرين.

ويتجلى إبداع الكاتب في تصوير حياة “فرح ديبا”، زوجة الشاه الثالثة الطموحة والسيدة الأولى، واصفًا إياها بأنها “أبرع الإناث في القرن العشرين”، التي أنقذت مرضى الجذام في إيران، وقامت ببناء المتاحف، وحولت طهران إلى مركز عالمي للنشاط الفني والثقافي، ووجهة للفنانين والأدباء، وكانت عطوفة وذكية، وكانت النجمة الحقيقية في السلالة البهلوية.

ويدعو كوبر إلى زيارة الذاكرة الموروثة عن الشاه الإيراني، وإعادة قياس الأحداث، والاطلاع على أمنية للشاه لم يصر عليها، لأنه لو فعل لفتح الباب على مصراعيه أمام مذبحة كانت ستستمر إلى يومنا هذا، لكن هذه الرغبة في الأساس على عكس شخصية الشاه الذي رفض العنف عندما أتيحت الفرصة للقمع وأبقى على المعارضين له.

يذكر كوبر أنّه “وفي المنفى قبل فترة وجيزة من وفاته سأله أحد أصدقائه لماذا لم تقضي على الخميني، فأجاب أنه: ليس بالرجل الذي يفعل ذلك، وأضاف: إذا كنت تريد أن تجد شخصاً يقتل الناس فابحث عن رجل آخر”.

وبشكل عام، فإن الكتاب، كما يوحي أندرو سكوت كوبر في عنوانه “سقوط الجنة”، إلى تضمينه كماً هائلاً من التفاصيل والأحداث التي أدت إلى سقوط الشاه، وحتى بعد إرساله إلى المنفى في عام 1979، مدرجة على شكل بحث شامل ووثيقة سردية بأسلوب درامي.