“أجفند” والأمم المتحدة.. علاقات ممتدة لتنمية الإنسان ودعم الإنسانية

الخميس ١٣ أبريل ٢٠١٧ الساعة ١٢:٤٢ مساءً
“أجفند” والأمم المتحدة.. علاقات ممتدة لتنمية الإنسان ودعم الإنسانية

ارتبط برنامج الخليج العربي للتنمية “أجفند”، منذ تأسيسه، بصِلات قوية بالأمم المتحدة. وهي امتداد للعلاقات الوطيدة التي بناها رئيس (أجفند) مع المنظمة الدولية، فقد كان طبيعياً أن يلتقي صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبدالعزيز، باهتماماته بشأن التنمية البشرية ورؤاه الإنسانية، مع الأمم المتحدة بوصفها قمة الهرم التنظيمي لإنسان العصر والمؤسسة العالمية التي تسهر على أخلاقيات حماية أمن العالم واستقراره من واقع ميثاقها التاريخي الذي يبدأ بـ(نحن شعوب الأمم المتحدة…).

أول مبعوث لليونسيف

لقد تمثل التقاء خُطى رئيس (اجفند) مع توجهات الأمم المتحدة في انبثاق شراكة من أجل التنمية بينهما، حيث سعت الأمم المتحدة إلى توظيف نقاء صورة الأمير طلال والكاريزما التنموية في شخصيته، واهتماماته بالطفولة والأمومة والفئات المحرومة في المجتمعات النامية، وذلك لتفعيل خططها وسياساتها في هذه الميادين، فاختارت الأمم المتحدة الأمير طلال لمهمة المبعوث الدولي للطفولة عندما أنشأ صندوق الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” هذا المنصب لأول مرة عام 1980.

وهو الهمّ التنموي الذي تقاسمه معه السيد جيمس جرانت (المدير التنفيذي اليونيسف آنذاك).. فتشارك الاثنان في معرفة تفاصيل احتياجات الأطفال، لدرجة أنهما كانا يتفاهمان حول نوع المصل الوقائي الذي يناسب أطفال كل إقليم من أقاليم العالم، وقف الأمير طلال خلال توليه تلك المهمة، حتى العام 1984، عن كثب على أحوال الأطفال خلال جولاته التي غطت معظم الدول النامية في القارات الست.. وأسهمت جهوده مع اليونسيف في تحسن أوضاع صحة الطفل.

تأسيس أجفند

ومن أهم نتائج سنوات تلك المهمة أن بادر الأمير طلال بإنشاء ” أجفند”، بمسمى برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية، من منطلق القناعة بضرورة وجود هيئات إقليمية ووطنية تساعد الأمم المتحدة في رسالتها العظيمة.

وفي ذلك يقول سموه: “إن تقديرنا كبير للأمم المتحدة، ومبادؤها العظيمة في صميم قناعاتنا الذاتية، ولذلك اخترنا أن يكون في منهجنا تشجيع هذه المبادئ والنزول بها إلى أرض الواقع بين الناس. فكان أن قبلنا تحمل مسؤولية رئاسة برنامج الخليج العربي لدعم منظمـات الأمم المتحدة الإنمائية (أجفند) الذي أنشأه قبل عقدين ملوك وأمراء ورؤساء دول الخليج العربي، وتوجهنا إلى المرأة والطفل، الفئتين المستضعفتين، برغم أنهما أساس المجتمع وركيزة الحاضر والمستقبل”

مؤسسات تخصصية

وانداح الفكر التنموي للأمير طلال عن توجه أجفند لإنشاء مؤسسات متخصصة هي: المجلس العربي للطفولة والتنمية، ومركز المرأة العربية للتدريب والبحوث، والشبكة العربية للمنظمات الأهلية، والجامعة العربية المفتوحة.. ولثقة الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة في هذا التوجه ساندت تأسيسها، وهي تدعم نشاطاتها.

تطابق المعايير

وتمضي علاقات أجفند والأمم المتحدة في العمق والامتداد. فالمحاور التي يعتمدها أجفند في استراتيجيته للعمل التنموي هي ” مكافحة الفقر، والتعليم المفتوح والتدريب، وتمكين المرأة، ودعم منظمات المجتمع المدني، وتنمية الطفولة المبكرة”. وذات القضايا لا تنفك عن الأهداف التي تعمل الأمم المتحدة على تحقيقها من خلال منظماتها ووكالاتها، ويدعم أجفند مشاريعها، التي تتوافق مع معاييره، ويسهم في تمويلها. فقد بلغ عدد مشاريع منظمات الأمم المتحدة التي قدم لها أجفند الدعم والتمويل621 مشروعاً.

تكريم الأمير طلال

وقد لاقى هذا التوافق في الفكر التنموي والتنسيق العالي تقديراً عالمياً لأجفند ورئيسه، وفي العام 2000 م كرمت الأمم المتحدة الأمير طلال مثمنة جهوده التنموية والإنسانية، وسلمه الأمين العام السيد كوفي عنان درع المنظمة.

كما كرمت (اليونيسف) الأمير طلال تقديراً لجهوده من أجل أطفال العالم. وقد قام الدكتور إبراهيم الزيق ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة لدول الخليج العربية، بتقديم درع تذكارى لسموه، وأكد الأمير طلال أهمية تحقيق “الأهداف النبيلة الكبرى التي نرجوها للنهوض بأطفالنا من منطلق المنهج الحقوقى الذي تبنته الأمم المتحدة ومنظماتها، وعلى أساس من التكامل بين نظم حماية الطفل ونظم الحماية الاجتماعية من أجل تأكيد حقوقهم وتحقيق الرفاهية والأمان وتوفير حياة أفضل له”. وحذر سموه من مغبة أن ينشأ الأطفال على الخوف، وأنه من أهم واجبات المجتمعات العربية (أسرة، وإعلاماً، ومؤسسات تعليمية، ومنظمات) العمل قدر المستطاع ليعيش أطفالنا في أمان، ونجنبهم الوقوع في براثن الخوف لأنه “أخوف ما يُخاف على أمة أن ينشأ أبناؤها على الخوف”.

مبعوث اليونسكو

وتنامت شراكة (أجفند) مع الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة في ميادين التنمية البشرية، وانعكس هذا التنامي في تنسيق تنموي مماثل للذي انعقد بين الأمير طلال والأمم المتحدة عام 1980 عندما اختارته اليونسيف ليكون أول مبعوث لها، ففي ديسمبر 2002 اختارت الأمم المتحدة الأمير طلال مبعوثاً دولياً خاصاً من أجل المياه العذبة مطلعاً بالمنصب الأول الذي أنشأته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو”.

وخلال قيامه بالمهمة لفت رئيس أجفند أنظار رؤساء الدول والحكومات والمختصين والجمعيات المدنية والشباب لمشكلة المياه المعقدة والحاجة لاتخاذ التدابير المناسبة لوضع الحلول. وأعلن عن تأسيس صندوق خاص لدعم مشروعات اليونسكو في مجال المياه، كما أعلن تبرع (أجفند) بمليون دولار للصندوق، ودعا الحكومات والمنظمات والأفراد المهتمين بقضايا التنمية، لتقديم الدعم المادي اللازم لتعزيز جهود هذا الصندوق ونشاطات. وذلك خلال مشاركته في المؤتمر الدولي للمياه الذي عقد بمدينة ديلفيت في هولندا، 17 يوليو 2003 م.

كما جدد الدعوة التي أطلقها لـ (الهجرة الداخلية والخارجية) للتغلب على مشكلات المياه في التجمعات السكانية، وقال سموه: إن حدة الأزمة تفرض علينا التفكير في حلول مبتكرة أو حتى التفكير فيما كان لا يمكن التفكير فيه مثل تهجير السكان من منطقة إلى أخرى داخل الدول التي يتفاوت توزيع الموارد المائية بين مناطقها، وكذلك دراسة إمكانات نقل السكان إلى دول مجاورة إذا كان هذا هو الحل الوحيد مع اتخاذ كل الاستراتيجيات التي تسهل التفاهم على ذلك بين الدول المتجاورة من الناحية السياسية.

تحقيق الأهداف

الإنسانية وعدم التمييز بين المجتمعات … هي” الثيمة” في سيرة أجفند وعلاقاتها الممتدة مع الأمم المتحدة دعماً لأهدافها وتعزيزاً لمبادئها.. وخلاصة هذه الثيمة في الفكر التنموي لأجفند والمؤسسات الشقيقة تتضح بجلاء في توجه أجفند نحو إنشاء البنوك المتخصصة في تحقيق الشمول المالي للفقراء، في إطار مبادرة الأمير طلال بن عبدالعزيز لمكافحة الفقر في المجتمعات النامية، كما نراها في جائزة برنامج الخليج العربي الدولية لمشروعات التنمية الريادية، التي دخلت عامها الثامن عشر.. مقدمة إضافات حقيقية في تطوير الفكر التنموي، ووضع المفاهيم الحديثة للتنمية في متناول الشرائح المجتمعية، ومد الجسور بين المجتمعات النامية لتبادل الخبرات والاستفادة منها.

فتوجه جائزة أجفند القائم على تعميم التجارب الناجحة يدعم حفز التطبيقات العملية للتصدي لمجمل القضايا التي يتبناها أجفند والمؤسسات الشقيقية، وبالتالي تدعم أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، مثلما دعمت تحقيق أهداف الألفية. فعندما أعلنت الأمم المتحدة عام 2005 العقد الدولي لمكافحة الفقر من خلال القروض الصغيرة، بادر أجفند بتخصيص موضوع جائزته في جميع الفروع لدعم هذا الهدف الدولي.

أجندة 2030

وفي استراتيجية أجفند من المرونة والنظرة البعيدة المستوعبة التي تمكنها من مواكبة أجندة 2030، ليس فقط ببرامج الدعم والتمويل المعتادة، ولكن بصورة خاصة بما تقدمه بنوك أجفند للشمول المالي من منتجات إبداعية تسهم في حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية للشرائح المستهدفة، وكذلك بالحلول التي تقدمها جائزة أجفند تحت شعار ” الابتكار في التنمية”.