شمس علي الحمد القابضة على الهم الوجودي المداعبة لذاكرة الحواس تغمض عينها عن الحياة

الأربعاء ٢٦ أبريل ٢٠١٧ الساعة ١١:٠٤ مساءً
شمس علي الحمد القابضة على الهم الوجودي المداعبة لذاكرة الحواس تغمض عينها عن الحياة

صاحبة “طقس ونيران”، صحافية لم تنجر إلى العمل المبتذل، ولم تغرها الإثارة السطحية، وطّدت مشوارها بالمصداقية، وزاوجت بين تقنية تهجس بالحداثة، ومواضيع تنم عن موقف من الذات والعالم.

صاحبة “المشي فوق رمال ساخنة”، التي كانت ترسل أشعتها، دون أن تدرك إلى أي بعد يصل نورها، بعدما قاومت استهلاك النصوص، وتحدّت النص التنبؤي، داعبت ذاكرة الحواس وجدلية الفكر والواقع، بلغة رشيقة، وقبضت على الهم الوجودي، واستطاعت دفعه إلى أفاق بعيدة في تماس مباشر مع النفس.

إنها المبدعة شمس علي طاهر الحمد، التي غابت عن عالمنا لتشرق في عالمها الآخر، صباح اليوم الأربعاء، إثر معاناة طويلة مع المرض، لم تؤثّر في مشوارها الإنساني، بل زادته ألقًا وعطاءً ومحبة، إذ كانت “شجرة الضوء الوامض”، وفق وصف شريك حياتها القاص والإعلامي زكريا علي العباد.

 

 

تجربة شخصية مع صاحبة النور:

عن تجربته الشخصية، مع الراحلة شمس، تحدّث الشاعر جاسم المشرف إلى صحيفة “المواطن“، مبيّنًا أنّها “لم تكن تتحرك وفق متطلبات العمل الصحافي الصرف الذي يلهث وراء السبق دون أن تستوقفها الأحداث وتتأملها، حينما كنت مشرفًا على إدارة أحداث العمل الإرهابي في الدالوة والعنود، كانت تتواصل معي تواصل الأخت المواسية لا الصحافية الحريصة على تقديم ما يلفت المتلقي، وإن كان ما قدمته ملفتًا وفريدًا”.

وأردف “كانت ترسل لي بين الفينة والأخرى بعضَ ما تنشره وما كتب عنها، فأبدي ما لدي من رأي وملاحظة، فتتقبله برحابة صدر وامتنان من انتشى بالضياء”.

وكشف أنّه “منذ عامين وهي تسألني الدعاء بإلحاح من انقطع رجاؤه من كل شيء عدا الله تعالى، فيأخذني الفضول عن طلبها وأملها وألمها الذي أحسه في نبض حرفها، فألمح لها إلماح البليغ من طرفٍ خفي، فتنعطف بي عن همها نحو همومنا الكبرى، فأفهم مرماها، حتى كشر المرض عن أنيابه بشراسة لم تعد قادرة على احتمال مقاومته، فأظهر ما أخفت، وأبرز ما سترت، فالقاصة شمس علي مصابة بالمرض الخبيث، وفي مرحلة متقدمة”.

واستطرد “أعدت قراءة رسائلها، فانكشف ما لم أستطع تفسيره، وكبرت في عيني تلك التي استغرقت في التوجع على مجتمعها مؤثرة شكواه على شكواها”.

 

لمحات من الضياء:

وأوضح الشاعر جاسم المشرّف عن الراحلة شمس، التي أشرقت على الكتابة، مبرزًا أنَّ “شمس لم يستفزها شبق الأضواء لأن تتزلف لهذا أو تتقرب لذاك، ففيها من الثقة والشموخ وعزة النفس ما يكفي لتزهد في زيف الشهرة والظهور”.

وبيّن المشرّف أنَّ “فيها من الصدق والوضوح ما يكفي لتحس بنبض رأيها وموقفها، وفيها من الصفاء ما لا يحتمل كدورة التحامل على أحد، إذ بقيت صامدة متحملة عناء همها ومرضها، تبتسم لتخفي وراء ابتسامتها ما لا يحتمل من وجع”، مشدّدًا على أنّه “لم تشغلها الكتابة الصحافية والقصصية، ومتابعة المشهد الأدبي والثقافي، عن الثوابت الدينية الواعية التي نشأت ودرجت عليها”.

وأكّد المشرّف، في ختام تصريحه إلى “المواطن“، أنَّ “شمس علي أنموذج للفتاة التي انفتحت على الحياة بمسؤولية واقتدار بوعي وبصيرة، تعاملت مع موهبتها كهبة إلهية تقتضي الشكر، الشكر في أن تكون كما يليق بجوهرها النفيس لا كما تقتضي متطلبات الحظوة لدى الآخر، أيّا كان وبأي ثمن بخس”.

 

إشراقتها الصحافية:

يذكر أنَّ الأستاذة شمس علي الحمد، كانت صحافية وقاصة وأديبة، تكتب زاوية أسبوعية في المجلة الثقافية لصحيفة الجزيرة السعودية، وباب عادات وتقاليد في مجلة الخفجي.

والراحلة، ناشطة في المطالبة بحقوق الصحافيين السعوديين المتعاونين، عملت في جريدة الحياة اللندنية النسخة السعودية من عام 2007 إلى نهاية عام 2011م وفي صحيفة العربي الجديد اللندنية قبل انطلاق عددها الصفري وحتى أذار/مارس 2015م.

 

نورها الإنساني:

وكانت من بين المشاركين في دورة “دور الإعلام في مناهضة العنف ضد المرأة”، على هامش فعاليات “ملتقى الأمان للمرأة”، الذي أقامته هيئة حقوق الإنسان السعودية في عام 1431هـ.

وشاركت في ملتقى الجوف الثقافي الأول المنعقد في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2008م، وكان من المزمع تمثيلها للمملكة في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2011م.

مثّلت المملكة في أمسية قصصية سعودية مغربية مشتركة أقيمت في المغرب عام 2013م، ولبت دعوة لوزارة الثقافة السعودية لحضور معرض الرياض الدولي للكتاب 2015، وأخرى لحضور أيام الشارقة المسرحية.

هي كاتبة لعدد من القراءات النقدية والمسرحيات والمقالات الصحافية، وشاركت كقاصة في أمسيات أدبية عدة، وأقيمت لها أمسيات خاصة.

كما شاركت في ورشة عمل “القراءة ومجتمع المعرفة”، التي نظمها مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي عام 1434. وقامت خلال عملها الصحافي بتغطية العديد من الفعاليات والملتقيات، والندوات إضافة إلى الحوار الوطني كما أجرت العديد من الحوارات المهمة مع أدباء كبار ومسؤولين.

 

مؤلّفاتها:

المجموعة القصصية “طقس ونيران”، صادرة عام 2008م عن نادي أدبي الشرقية.

المجموعة القصصي “المشي فوق رمال ساخنة”، التي صدرت 2012م عن نادي أدبي حائل.

 

جوائزها:

نالت المركز الأول في مسابقة نادي تبوك الأدبي عام 2007م، فضلاً عن فوز بعض قصصها المتفرقة بمسابقات ثقافية عدة، كمسابقة “بي بي سي إكسترا” بالمشاركة مع مجلة العربي الكويتية عن قصتها “طقس ونيران”.

وفازت مجموعتها الثانية “المشي فوق رمال ساخنة” بجائزة أبها عام 2008م. كما أدرجت واحدة من قصصها في أنطولوجيا القصة السعودية، ولها نصوص مشاركة في كتاب “نيسابا”، في جزئه الثاني.