بالصور.. الأمير عبدالعزيز بن سطّام يحاضر عن الإدارة العدلية للتقاضي

الخميس ١١ مايو ٢٠١٧ الساعة ١٠:٣٨ صباحاً
بالصور.. الأمير عبدالعزيز بن سطّام يحاضر عن الإدارة العدلية للتقاضي

أكد صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور عبدالعزيز بن سطّام بن عبدالعزيز، مستشار خادم الحرمين الشريفين عضو شرف الجمعية العلمية القضائية السعودية (قضاء)، أن جهات الإدارة العدلية لا تقتصر على المحاكم، وإنما تشمل، في الأعمال والمسؤولية، جميع الجهات التي تؤثر في عمل القضاء بأي شكل من الأشكال، سواء الإدارات العدلية القضائية أو الإدارات الحكومية التنفيذية.

وأوضح سموه في محاضرة علميّة بعنوان “الإدارة العدلية للتقاضي” ألقاها في القاعة الكبرى بالمعهد العالي للقضاء، بمقر جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض ونظمتها الجمعية العلمية القضائية السعودية (قضاء) مساء أمس الأربعاء، أن الذي يميّز الإدارة العدلية عن غيرها من الإدارات، هو أن: موضوعها وأساسها هو: العدل، على مستويين: مستوى المنْتَج: وهي الأقضية التي تصدر عن القضاء. ومستوى الخِدْمَة وهي: الوسائل التي تستخدم لإصدار الأقضية. ولهذا فأهمُّ أعمال الإدارةِ العدلية هو قياسَ وتقديرَ الـعدلَ، ودون ذلك لن يُـتَمَكَّن من إدارة وتدبير القضاء. وغالباً يصعبُ على أيِّ قاضٍ استحضار المعلوماتِ التي تعكسُ العدلَ بينَ مختلفِ القضايا؛ فالقاضي لا يحصل على معلوماتٍ كافيةٍ عن أدائه ليتمكنَ من تقويمِ نفسِه بنفسِه، أو عبر زملائِه.

وبيّن سمو الأمير الدكتور عبدالعزيز بن سطّام أن العمق العلميّ من عوائق قياس وتقدير العدل؛ فالقضاءُ وظيفةٌ معرفيةٌ، والقاضي موظفٌ معرفيٌّ. والوظائفُ المعرفيةُ لا يمكنُ تقييمُها من قِبلِ الإدارةِ. لذا فالأداء المعرفيُّ يقيِّمُه صاحبُه، ويقيِّمُه أقرانُه وزملاؤه. واقترح سموه تصميم أداة لقياس العدل تتبع فيها مجموعة من الخطوات، هي:

  1. وضع مؤشرات للعدل، مثل الاتساق أي عدم تناقض الأحكام.
  2. وضع مقياس للمؤشرات، مثل الثبات وهو نوعين:

أ‌. الثبات الداخلي، ويقيس عدم تناقض أحكام القاضي بالمقارنة مع أحكامه عند تشابه التسبيبات. ويفيد هذا النوع في إظهار وبيان مقدارِ الاستقلاليةِ التي يمارسها القاضي في توصيفِ وتسبيبِ الأحكامِ، ودرجة تأثُرِ أحكام القاضي بالعواملِ الخارجةِ عن العملِ القضائي، مدى استخدامِه الأدوات المعلوماتيةِ والمعرفيةِ في اتخاذِ الأقضيةِ، مقدار كميةِ السلطةِ المستخدمة في نظرِه للقضايا، وحُكمِه عليها، وعلى توزيع استخدامه لأنماطِ السلطةِ: (العلاجيةِ، التوفيقيةِ، التعويضيةِ، العقابيةِ).

ب‌. الثبات الخارجي، ويقيس عدم تناقض أحكام القاضي بالمقارنة مع أحكام زملائه عند تشابه التسبيبات. الأمر الذي يفيد في تعميمِ نتائجِ عمليةِ التقويمِ الموضوعي، كما يسمحُ باستنباطِ قواعدَ وأساليب معرفيةٍ وتطبيقيةٍ جديدةٍ لها صفة العمومية، ويتصفُ بالثباتِ والصدقِ العبوريِّ للنتائجِ المستخلصةِ؛ مما يجعلُها صالحةً للاستخدامِ العلميِّ والعمليِّ. وإلى استحداث وسائل موضوعيةٍ دقيقةٍ، وقواعد تعملُ على تحقيقِ العدلِ العامِّ بدفعِه للمفاسدِ قبل وقوعِها، ورفعِ الواقعِ منها.

وشدد صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور عبدالعزيز بن سطّام بن عبدالعزيز على ضرورة استخدام تطبيقات التحليل الإحصائيّ لدراسة ما الذي يتغير ويؤثر في نتيجة التقاضي عبرَ تحليل العلاقات بين تسبيب الأحكام الذي يمثل العامل المتغير (المستقل )، وبين نتائج الأحكام والتي تمثل العامل المتغير (التابع )، وبين معطيات التقاضي والتي تمثل العوامل المتغيرات (الوسيطة ).

وأشار سموه إلى أن الإدارة العدلية السليمة يجب أن تكون مؤسسة على: المساندة والمؤازرة لعمل القاضي وليستْ لمجرد الرقابة، وأن تهدف إلى التمكين العلمي والعملي وليستْ لمجرد التدقيق، مشدداً على أن الإدارة العدلية لا تصنع العدلَ. فهيَ فقط تتيح أفضل الفرص والموارد للعدل أن يحدثَ.

وتطرق سموه إلى مسألة ثقافية في غاية الأهمية؛ وهي أن العدلَ مسؤولية المجتمع بالدرجة الأولى بكل فئاته وأفراده وجهاته ومؤسساته. كما كان المجتمع المسلم في العهد الراشد، مستدلاً على ذلك بقول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب للخليفة الراشد أبي بكرٍ الصديق عندما استعفاه من القضاء: (لا حاجةَ لي عندَ قومٍ مؤمنين، عرفَ كلٌّ منهم ما له من حق، فلم يطلبْ أكثر منه، وما عليه من واجبٍ فلم يقصرْ في أدائه، أحبَّ كلٌّ منهم لأخيه ما يحب لنفسه، إذا غابَ أحدهم تفقدوه، وإذا مرضَ عادوه، وإذا افتقرَ أعانوه، وإذا احتاج ساعدوه، وإذا أصيبَ عزوه وواسوه، دين هم النصيحة، وخلق هم الأمر بالمعروف والنهيّ عن المنكر، ففيمَ يختصمون؟ ففيمَ يختصمون؟).

وشكر صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور عبدالعزيز بن سطّام بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين على توجيهه السامي الكريم لوزير العدل عند تعيينه له في منصبه بقوله (أنصف القضاة؛ فإذا نحن لمْ نُنصفْهم، كيف نطلب منهم إنصاف الآخرين). مؤكداً سموه أن هذا التوجيه الكريم إنما يدل على اهتمام خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ بمرفق القضاء وتشديده على إنصاف القضاة بتمكينهم من جميع الموارد العلمية والعملية والمساندة ليتمكنوا من أداء الواجب بأكمل وجه.

جدير بالذكر أن هذه المحاضرة تأتي ضمن الأنشطة العلميّة للجمعية العلمية القضائية السعودية (قضاء) بهدف تطوير العلوم القضائية النظرية والتطبيقية، وتقديم الاستشارات والدراسات العلمية والتطبيقية في المجالات القضائية للقطاعات العامة والخاصة، وفق الأحكام التي تضمنتها القواعد المنظمة للجمعيات العلمية في الجامعات السعودية.