السعودية والإمارات .. علاقة أخوة أرهبت أذناب طهران

الإثنين ٥ يونيو ٢٠١٧ الساعة ١:٠٦ صباحاً
السعودية والإمارات .. علاقة أخوة أرهبت أذناب طهران

بات العالم بأسره، لاسيّما العرب، الشاهد على قوّة وتنظيم وتأثير العمل السعودي الإماراتي المشترك، كما تيقّن من أنَّ تلك الجهود لا تهدف إلا إلى خير دول المنطقة ومستقبل شعوبها، تحت عنوان الثقة المتبادلة، إذ أنَّ الظروف الصعبة والمعقدة التي تمر بها دول المنطقة، كشفت كيف تحملت الدولتان، ومعهما بعض أشقائهما، مسؤوليات جسام، واتخذتا قرارات تاريخية، جسّدتها “عاصفة الحزم”، في وقت كان فيه بعضهم منشغل بمشاكله الداخلية، وبعضهم مشكك في نجاح أي عمل عربي، وبعضهم مكتفٍ باتخاذ موقف المتفرج.

علاقة العضد بعضيده:

ووصف الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، علاقات المملكة ودولة الإمارات بأنها “التحمت لتكون علاقة العضد بعضيده”، فيما قال الشيخ محمد بن زايد إن “الإمارات آمنت دائمًا بأن السعودية هي عمود الخيمة الخليجية والعربية، وأنَّ أمنها واستقرارها من أمن واستقرار الإمارات وغيرها من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والدول العربية الأخرى، وهذا ما يؤكده التنسيق الاستراتيجي الكبير بين البلدين على المستويات كافة وفي المجالات كلها”، مؤكّدًا أنَّ “التاريخ العربي سوف يتذكر على الدوام المواقف التاريخية للملك سلمان بن عبدالعزيز وقراراته الحاسمة والحازمة في مواجهة محاولات التدخل في المنطقة العربية من قبل أطراف خارجية لها أطماعها فيها”.

هذه العلاقة، أرهبت دول الإرهاب الكبرى، طهران، لتحرّك أذنابها وأذرعها العابثة في المنطقة، بغية النيل من النجاح الذي أشرقت شمسه على الكوكب الأزرق، لاسيّما عقب قمم الرياض الثلاث، التي غيّرت وجه العالم، ووضعت سياسة الحرب على التطرف، وأعلنت إيران دولة إرهابية وداعمة للإرهاب، كل ذلك أرهب المرجفون، الذي يسعون إلى النيل من هذا التحالف القوي، بأيّة مهاترات، بدأها “صغير قطر” ببيانه الممول، وصولاً إلى إمبراطوريته الإعلامية التي سخّرت نفسها لخدمة الإرهاب وطهران والإخوان، وصولاً إلى اختراق حساب سفير الإمارات لدى الولايات المتّحدة الأميركية، بقصد النيل من أي نموذج مشرّف، يدافع عن العرب، وقضاياهم، وحقوقهم.

خلوة العزم .. النموذج الأمثل للتعاون والتكامل بين الدول:

المتابع للعلاقات الإماراتية السعودية، يدرك أنَّ توقيع اتفاقية إنشاء مجلس التنسيق الإماراتي السعودي، لم يأتِ من فراغ. كما أنَّ هذا الحلم لم يكن بعيد المنال، وليس مجرد قرار على الورق، فعلاقة البلدين القوية، تجعل من الطبيعي وجود وإنشاء مثل هذا المجلس الذي ستكون فائدته ونفعه ليس على البلدين فقط، وإنما على دول مجلس التعاون الخليجي، وشعوب المنطقة العربية، الأمر الذي بلورته “خلوة العزم”، الخلوة الاستثنائية المشتركة بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، بحضور ومشاركة أكثر من 150 مسؤولاً حكوميًا، وعدد من الخبراء في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة في البلدين.

وخلوة العزم، هي أول الأنشطة المنبثقة من مجلس التنسيق السعودي الإماراتي، الذي تم الإعلان عنه في أيار/مايو 2016، في مدينة جدة، وشهد إعلانه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

ويرأس المجلس من جانب المملكة العربية السعودية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، فيما يرأس جانب دولة الإمارات العربية المتحدة سمو الشيخ منصور بن زايد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة.

وتهدف خلوة العزم إلى تفعيل بنود الاتفاقية الموقعة بين البلدين بإنشاء المجلس، ووضع خارطة طريق له على المدى الطويل ليكون النموذج الأمثل للتعاون والتكامل بين الدول، ولتعكس حرص البلدين على توطيد العلاقات الأخوية بينهما والرغبة في تكثيف التعاون الثنائي عبر التشاور والتنسيق المستمر في المجالات ذات الأولوية ولتكون مكملاً لجهود البلدين في تعزيز منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

الميزة المهمة في التنسيق السعودي الإماراتي أنه يتجه للشكل المؤسسي، ولذلك وجود اللجنة العليا المشتركة للبلدين، الهدف منه تحويل زخم العلاقة إلى علاقة مؤسساتية تشمل الجوانب السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتنموية والتعاون البيئي والعلمي.

علاقات تاريخية ومواقف مشهودة:

تضرب جذور العلاقات بين البلدين في أعماق التاريخ، تعززها روابط الأخوة والمصير المشترك، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وأخيه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الإمارات.

وتنوعت مسارات العلاقات التي أسس دعائمها المغفور لهما الملك فيصل بن عبدالعزيز، والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراهما، لتشمل مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وصولاً إلى المسار العسكري وتشكيل التحالف العربي لنصرة الشرعية باليمن، بقيادة المملكة وبمشاركة فاعلة من الإمارات، حيث أسس ذلك التحالف لعلاقة تاريخية أبدية معطرة بدماء شهداء البلدين، الذين جادوا بأرواحهم في سبيل نصرة الحق.

وتؤمن دولة الإمارات العربية المتحدة بأن المغفور له الملك عبدالله بن عبدالعزيز قيادي حكيم له مواقف مشهودة في دعم القضايا الإسلامية والإنسانية، وأنَّ العلاقات بين الإمارات والسعودية متميزة، وخطت خطوات استراتيجية مهمة خلال العقد الأخير، جعلت منها نموذجًا لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الدول العربية، ومثالاً على الوعي المشترك بطبيعة المتغيرات الإقليمية والدولية المحيطة وأهمية التعامل معها بسياسات ومواقف متسقة ومتكاملة.

وأخذت العلاقات بن السعودية والإمارات، بعدًا أكثر قوة ومتانة بعد تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في المملكة العربية السعودية، وإلى جانبه ولي العهد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، الذين أبدوا انفتاحاً كبيراً على الأشقاء في دولة الإمارات.

وتستند هذه العلاقات القوية والاستراتيجية بين الإمارات والمملكة إلى أسس راسخة، من الأخوة والرؤى والمواقف والتوجهات المتسقة تجاه قضايا المنطقة والعالم، وتصب في دعم المصالح المشتركة وتعزيزها، وتمثل ركنًا أساسيًا من أركان الأمن الجماعي في مجلس التعاون لدول الخليج والأمن القومي العربي، إضافة إلى منظومة الأمن والاستقرار بالمنطقة كلها، لاسيّما مع ما تتميز به سياسة البلدين، سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي، من توجهات حكيمة ومعتدلة ومواقف واضحة في مواجهة نزعات التطرف والتعصب والإرهاب، والتشجيع على تعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات.

 

محطات:

التحالف العربي تتويج لدبلوماسية مشتركة:

جاء التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية والذراع الإماراتية القويّة، مدعوماً من دول المنطقة، ليسطر بداية تاريخ جديد للمنطقة يكتبه أبناؤها بأنفسهم، ويبدأ بعودة الشرعية إلى اليمن، وهزيمة المخطط الخارجي الذي يهدف للسيطرة على اليمن والذهاب به إلى أتون الخلافات الطائفية والمذهبية، لخدمة أهداف خارجية لا يزال يراود أصحابها حلم السيطرة والهيمنة.

جهود سياسية

أثمرت الجهود السعودية الإماراتية المشتركة، عن تشكيل مجموعة “الرباعية” الخاصة باليمن، التي تضم أيضًا من الولايات المتحدة وبريطانيا، والتي أصدرت أول بيان لها في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، دعت فيه إلى الحل السياسي وفق المرجعيات الدولية.

وتعد هذه المرجعية، الرباعية، ضمانة سياسية بأن تكون الحلول النهائية بمنأى عن التشويش الذي يسعى إليه الانقلابيون في اليمن وحلفاؤهم الإقليميون (إيران وأذرعها).

وباتت الأزمة اليمنية واحدة من أبرز الملفات التي تتصدر ملفات السياسة الخارجية للبلدين، نظرًا لما تشكله هذه القضية من أهمية محورية للأمن العربي، لاسيّما الخليجي.

وحظيت الشرعية اليمنية بمساندة مشتركة قوية في مواقفها الساعية إلى ضمان حل عادل للأزمة، وتجلى ذلك في المحادثات السياسية بين وفدي الشرعية والانقلاب في دولة الكويت، حيث لقي موقف الشرعية التمسك بثوابت السلام وعدم التنازل عن المرجعيات الرئيسية دعمًا من كل دول التحالف العربي.

ميزان تجاري قوي:

تعتبر العلاقات التجارية والاقتصادية بين الإمارات والمملكة الكبرى بين مثيلاتها في دول مجلس التعاون الخليجي، فيما تعد الإمارات واحدة من أهم الشركاء التجاريين للمملكة على صعيد المنطقة العربية، لاسيّما دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يعد حجم التبادل التجاري بين الجانبين الأعلى بين دول مجلس التعاون الخليجي.

وبلغ إجمالي واردات المملكة من دولة الإمارات العام الماضي نحو 33 مليار درهم، فيما وصل إجمالي الصادرات السعودية إلى الإمارات إلى 16.5 مليار درهم.

وتتصدّر الإمارات قائمة الدول الخليجية المصدرة إلى السعودية، وتأتي في مقدمة الدول الخليجية التي تستقبل الصادرات السعودية، بينما يصل حجم الاستثمارات السعودية في دولة الإمارات إلى نحو 10 مليارات دولار، وذلك من خلال ما يزيد على 2360 شركة سعودية تمارس أنشطتها الاستثمارية في الدولة.

وتأتي الإمارات في طليعة الدول المستثمرة في المملكة العربية السعودية باستثمارات تخطّت تسعة مليارات دولار في قطاعات كثيرة أبرزها الصناعة والخدمات، فيما تتجاوز الاستثمارات السعودية في الإمارات 35 مليار درهم.

وتعمل في الإمارات حالياً نحو 2366 شركة سعودية مسجلة لدى وزارة الاقتصاد، و66 وكالة تجارية. ويبلغ عدد المشاريع السعودية في الإمارات 206 مشاريع، بينما يصل عدد المشاريع الإماراتية المشتركة في السعودية إلى 114 مشروعًا صناعيًا وخدميًا برأس مال 15 مليار ريال.