بعد ساعات من زيارة تميم قطر .. كاتب كويتي : صديقك من صَدَقَك لا من صدَّقك

الخميس ١ يونيو ٢٠١٧ الساعة ٥:١٩ صباحاً
بعد ساعات من زيارة تميم قطر .. كاتب كويتي : صديقك من صَدَقَك لا من صدَّقك

قال رئيس تحرير صحيفة السياسة الكويتية أحمد الجار الله في مقال نشره اليوم بعد ساعات من مغادرة أمير قطر الكويت ولقائه الشيخ صباح الأحمد الصباح إن الأنا الوطنية احيانا تكبر عند البعض فيتصور دولته، مهما كان عدد سكانها ومساحتها وامكاناتها دولة عظمى، مشيراُ إلى ان سياسة قطر تقوم على ما يسمى الدفاع عن حقوق الشعوب في الحرية، متسائلاً : هل ما جرى في تونس وليبيا وسورية، وما يفتعل اليوم في العراق هو دفاع عن حقوق الشعوب المضطهدة؟ هل الكويتيون أو السعوديون أو الإماراتيون أو العمانيون مضطهدون كي يجري تحريضهم بطريقة غير مباشرة على دولهم؟
وفيما يلي نص المقال :
احيانا تكبر الأنا الوطنية عند البعض فيتصور دولته، مهما كان عدد سكانها ومساحتها وامكاناتها دولة عظمى، وهذا ما كان سائدا لدينا في الكويت قبل اغسطس العام 1990، حين كنا نتصور ان الكويت دولة عظمى ومؤثرة، وان لا احد في هذا الكون يستطيع غزوها، لكن النظام العراقي غزانا، ولم نجد غير مجلس التعاون لدول الخليج العربية الحصن لنا، وخط الدفاع الأول عنا، وفي مقدمه المملكة العربية السعودية.
لولا الموقف الخليجي الصلب في الدفاع عن الحق الكويتي ما كان العالم اصطف معنا، ولكنا اليوم كالاحواز يحتلنا العراق، مثلما تحتل ايران تلك المنطقة العربية منذ العام 1927 من دون ان يحرك العالم ساكنا، ولهذا حين نقول ان “مجلس التعاون” الملجأ والستار، وعلينا ان نعض عليه بالنواجذ، لأننا في تجربة العام 1990 المريرة لولا هذا المجلس لما كانت الكويت اليوم موجودة.
في السنوات الست الماضية ومن خلف قناع الربيع العربي حاولت ايران ان تغزو البحرين، وان تدخلها أتون الفوضى، لكن موقف “مجلس التعاون”، وارسال قوات درع الجزيرة اليها، اجهض هذا المشروع التوسعي الذي كان هدفه النهائي السيطرة على كل دول الاقليم، واحتلال مكة والمدينة، ولذلك فان قول:”تأبى الرِّماحُ إذا اجتمعنَّ تكسُّراً… وإذا افتــــرقَنّ تكــسّرتْ آحادا ” ينطبق تماما على الموقف الموحد لـ”مجلس التعاون” في المفاصل التاريخية الكبرى.
نقول هذا الكلام لنذكر ان اي افتراق مهما كان صغيرا سيؤدي الى انقضاض المتربصين بنا، وتمزيقنا واحدا واحدا، ولهذا ننظر بحزن بالغ الى ما يجري بين قطر وشقيقاتها الخليجيات، ولا سيما الازمة الاخيرة، فنحن آمنا بالله ان وكالة الانباء والتلفزيون الرسمي والمواقع الرسمية الاخبارية كلها تعرضت للاختراق، ونصدق ذلك، (نحن هنا نتحدث كاعلام حريص على وحدة “مجلس التعاون”) لكننا نسأل: أليس ما نشر يعبر عن جوهر الموقف القطري، المعلن باكثر من مناسبة؟
استناداً الى هذه الحقيقة المثبتة بالوقائع يمكن خلافنا مع الشقيقة قطر، اذ لا نريد لها ان تكون حصان طروادة الذي يدخل علينا الارهابيين والقتلة، وهو ما تربأ دولنا بقطر ذات الاقتصاد القوي والعلاقات الدولية الواسعة ان تصل اليه.
تقوم سياسة قطر على ما يسمى الدفاع عن حقوق الشعوب في الحرية، ورفع الظلم عنها فهل ما جرى في تونس وليبيا وسورية، وما يفتعل اليوم في العراق هو دفاع عن حقوق الشعوب المضطهدة؟ هل الكويتيون أو السعوديون أو الإماراتيون أو العمانيون مضطهدون كي يجري تحريضهم بطريقة غير مباشرة على دولهم؟
إذا كان من يرفع شعار الدفاع عن حقوق الشعوب صادقاً في ذلك، فلماذا لا يدافع عن الشعوب الايرانية ، أقله الشعب العربي في الأحواز، أم انه لا يرى الاحتلال الايراني لأنه منشغل في دعم جماعة “الإخوان” التي تسعى إلى تدمير مصر واثارة الفتن الطائفية فيها بعدما عزلها الشعب المصري من الحكم ومحاولاتها أيضا إثارة الفوضى في كل من الكويت والسعودية والامارات؟
ما يغيب عن بال البعض ان هذه التجربة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية التي جعلت منه درة صلبة ونادرة في التاريخ العربي للوحدة ويترجم نجاحها يوميا في الاقتصاد والامن والسياسة، والعلاقات الاقليمية والدولية، طوال العقود الماضية ومنذ تداعى كل من المغفور لهم، الشيخ جابر الاحمد والملك فهد بن عبدالعزيز، والشيخ زايد بن سلطان الى مواجهة الاخطار المحدقة بالاقليم في العام 1981 عبر هذا المجلس التي تجاوبت معه سريعا كل من قطر والبحرين وعمان وولد صحيح البنية والقدرة على مواجهة اعتى العواصف والاعاصير، فهل من السهولة التضحية بهذه القلعة التي تحمي كل دول المجلس تلبية لرغبة من احد الاعضاء او بسبب خلاف على موقف خطأ؟
صحيح ان خروج عضو أو اثنين من المجلس لن يؤثر عليه، لكن لا شك أنه سيزعج شعوبه المرتبطة بالمصاهرات والنسب والثقافة الواحدة، والمتمتعة بحركة اقتصادية آخذة بالتطور مع كل خطوة على مستوى الوحدة الاقتصادية بين الاعضاء كالاتحاد الجمركي والنقل الكهربائي وحرية حركة الاشخاص، ففي سبيل من نضحي بكل هذا؟ هل من اجل الدفاع عن ايران، او “حماس” و”حزب الله” و”الاخوان” والعصابات التي ولدت من رحمها وغيره من الدول والجماعات المتفق العالم اجمع على ارهابيتها؟ فهل كل العالم على خطأ ودولة واحدة على صواب؟
يبقى القول، ان هذه المكاشفة تأتي من موقع الحرص على نصرة الاخ ظالما بالنصحية، ومظلوما بالالتفاف حوله، لان “صديقك من صَدَقَك لا من صدَّقك”.