النص الكامل لحوار السفير السعودي في موسكو : زيارة الملك سلمان إلى روسيا ستكون تاريخية

الخميس ٢٧ يوليو ٢٠١٧ الساعة ٤:٠٠ مساءً
النص الكامل لحوار السفير السعودي في موسكو : زيارة الملك سلمان إلى روسيا ستكون تاريخية

أكد السفير السعودي لدى روسيا  عبدالرحمن بن إبراهيم الرسي، أن هناك تحضيرات كبيرة للزيارة التاريخية التي سيقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى روسيا في وقت لاحق خصوصاً وأنها الزيارة الأولى لخادم الحرمين الشريفين وستكون زيارة تاريخية لتأسيس علاقات إستراتيجية مع روسيا.

وانتقد السفير الرسي في حواره مع وكالة سبوتنيك الروسية، دعوات قطر للمطالبة بتعويضات مالية جراء قطع العلاقات معها مؤكدًا أن قطع العلاقات حق دستوري لكل دولة الحق في استخدامه وفق مصالحها نافيًا في الوقت ذاته مزاعم قطر حول ما يسمى الحصار.

المواطن” تعيد نشر حوار السفير السعودي مع الوكالة الروسية نظرًا لما تضمنه من معلومات وتصريحات هامة.

سبوتنيك: أول سؤال بالطبع هو عن زيارة صاحب الجلالة إلى روسيا، هل من تواريخ محددة؟

السفير الرسي: تعلمون أن زيارة على هذا المستوى الرفيع تحتاج إلى تحضيرات كبيرة، خصوصاً وأنها الزيارة الأولى لخادم الحرمين الشريفين إلى روسيا، وستكون زيارة تاريخية لتأسيس علاقات إستراتيجية مع روسيا، وستفتح آفاقاً واسعة ومجالات أرحب لتطوير التعاون الثنائي في جميع المجالات، والتنسيق متواصل مع الأصدقاء الروس بهذا الخصوص، وهناك العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الجاري إتمام إجراءاتها لتكون جاهزة للتوقيع خلال الزيارة، وبالتأكيد سيتم الإعلان رسمياً عن موعدها في حينه.

سبوتنيك: وزير الخارجية الإيراني أعرب عن أمله ألا تؤدي الحرب في اليمن إلى صراع مباشر بين السعودية وإيران، داعياً إلى إيجاد صيغة بين البلدين للعمل معاً على إنهاء الصراع في اليمن وسوريا، ما إمكانية هذا التعاون في ظل الظروف الحالية؟

السفير الرسي: هذا التصريح يؤكد من جديد على سياسة إيران القائمة على التدخل في شؤون الآخرين، ويجب على إيران أن تتذكر أنها ليست من الدول العربية وبعيدة عن اليمن، وبالمناسبة، إيران ليست جزءاً من الحل في اليمن، وإنما هي جزء من المشكلة بتدخلاتها، ودعمها للجماعات الخارجة عن الشرعية ما تسبب في استيلاء ميليشيات الحوثيين على اليمن واندلاع الحرب التي أودت بحياة الآلاف، وإذا كانت فعلاً يهمها مصلحة اليمن كما تحاول تصوير ذلك، فلتترك اليمنيين وشأنهم لتسوية مشاكلهم ضمن المرجعيات المعروفة، على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وفي الشأن السوري، إيران جزء من المشكلة، وتدخلاتها والمجموعات الأجنبية الإرهابية المرتبطة بها عقّدت الحل في هذا البلد، وعليها تغيير سياستها ووقف ممارساتها المزعزعة للأمن والاستقرار في سوريا والمنطقة والعالم.

سبوتنيك: هل تم التوصل لإطار ينظم بعثات الحج من قطر وإيران، وهل هناك قنوات تواصل مع البلدين بهذا الخصوص؟

السفير الرسي: بداية أود التأكيد أن المملكة تتعامل مع مسألتي الحج والعمرة من منطلق ديني ومسؤولية شرفها الله بها لخدمة الحرمين الشريفين، ولا علاقة لهذا الموضوع بأي تناقضات أو خلافات سياسية مع هذا البلد أو ذاك، والمملكة ترحب بقدوم كل الحجاج والمعتمرين والزوار من دون النظر إلى جنسياتهم أو انتماءاتهم المذهبية، مع حرصها على تطبيق الأنظمة والتعليمات الهادفة لتيسير موسم الحج على أكمل وجه، وأود التأكيد أن ربط الموقف السياسي باستقبال الحجاج ليس من سياسة المملكة مطلقاً، فالقيادة العليا في المملكة توجه دائماً بتقديم أفضل الخدمات وتسهيل أمور الحجاج والمعتمرين من كل دول العالم على قدم المساواة، وتمنع محاولات تسييس الحج وترفض رفضاً قاطعاً أن يتحول إلى تحقيق أهداف سياسية أو خلافات مذهبية، إيماناً بأن الله سبحانه وتعالى قد شرع الحج على المسلمين كافة دون تفرقة. فيما يتعلق بسؤالكم تحديداً، فالمملكة لم ترفض استقبال الحجاج من إيران، رغم قطع العلاقات الدبلوماسية معها، وتتعامل مع جميع الحجاج على قدم المساواة من دون النظر إلى الجنسية أو الانتماء، وبالمناسبة تم التوقيع معهم على محضر الحج لعام 2017م واستكملت وزارة الحج والعمرة في المملكة كافة الترتيبات اللازمة لمشاركة الحجاج الإيرانيين في موسم حج هذا العام، وفق الإجراءات المعتمدة مع مختلف الدول الإسلامية. فيما يخص قطر، أشير إلى أن المملكة أكدت في قرار قطع العلاقات معها التزامها وحرصها على توفير كل التسهيلات والخدمات للحجاج والمعتمرين القطريين، وقد أكدت وزارة الحج والعمرة في المملكة بتاريخ 20/7/2017م أن قدوم جميع الحجاج من قطر سيكون في حدود الأعداد المحددة في اتفاقية الحج المتخذة لموسم الحج لعام 2017م.

سبوتنيك: الوساطة الكويتية إلى أين وصلت في ظل تمسك الدول الأربع بتنفيذ قطر كافة المطالب التي قدمتها هذه الدول؟

السفير: المملكة تُقدر عالياً ما يبذله سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت من جهود ضمن مساعيه لحل الأزمة مع قطر، ونأمل أن تُكلل جهود سموه بالنجاح، لكن المشكلة تكمن في قطر، التي سبق لها أن وافقت على معظم المطالب المُقدمة وتعهدت بتنفيذها، لكن ذلك لم يحصل، وأشدد على أن الدول الأربع التي قاطعت قطر لا تسعى من وراء ما اتخذته من إجراءات لفرض الوصاية عليها أو مس سيادتها، والجميع يعلم تماماً أن سياسات مجلس التعاون لدول الخليج العربية متفق عليها بالتفاهم، وليس الوصاية على أحد، وأؤكد أيضاً أن الدول الأربع ليست في حرب مع قطر، وإنما حربها ضد الإرهاب والتطرف، وما يُطلب من قطر هو نفسه المطلوب من جميع دول العالم وفق القانون الدولي بالتوقف عن دعم وتمويل الإرهاب وإيواء الإرهابيين، ووقف قناتها التلفزيونية “الجزيرة” بالتحريض على الإرهاب واستضافة الإرهابيين والترويج لهم، وهم بالمناسبة مُدرجون على قوائم الإرهاب سواء كانوا كيانات أو أفراداً. وإذا كانت الدوحة معنية فعلاً بإثبات جديتها للتعاون في هذا المجال، فعليها اتخاذ خطوات محددة وواضحة بوقف تمويل ودعم التطرف والإرهاب، وتصحيح مسارها الساعي إلى تفتيت منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأمن العربي والعالمي وزعزعة استقرار دول المنطقة والتدخل في شؤونها.

سبوتنيك: في ظل الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة في المسجد الاقصى ومحاولات إسرائيل الدائمة لتغيير الوضع القائم هناك، ما الذي يمكن للمملكة فعله عملياً لمنع هذا المخطط؟
السفير: المملكة وقفت وستظل إلى جانب الشعب الفلسطيني، وتدعم حقوقه المشروعة والمكفولة بموجب القانون الدولي، وعبّرت عن موقفها في بيان مجلس الوزراء بتاريخ 17/7/2017م باستنكاره وقلقه البالغ من قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلية بإغلاق المسجد الأقصى الشريف أمام المصلين، وأكد المجلس أن هذا العمل يمثل انتهاكاً سافراً لمشاعر المسلمين حول العالم تجاه أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، واعتبر المجلس أن هذا العمل يُشكل تطوراً خطيراً من شأنه إضفاء المزيد من التعقيدات على الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خصوصاً أن هذا الإجراء يُعتبر الأول من نوعه في تاريخ الاحتلال، وطالب المجلس المجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤولياته نحو وقف هذه الممارسات، فيما يخص سؤالكم تحديداً لن أدخل في التفاصيل، ولكن أؤكد أن المملكة العربية السعودية تبذل ما بوسعها في اتصالاتها مع القوى الدولية المحورية.

سبوتنيك: أعلنت قطر عن عزمها التوجه إلى المحاكم الدولية بدعوى ضد المملكة العربية السعودية ودول أخرى قامت بقطع العلاقات مع قطر، والمطالبة بتعويض الخسائر التي تكبدتها بسبب العزلة الاقتصادية، برأيكم، ما فرص قطر للحصول على التعويضات في حال أصدرت محكمة دولية قراراً بذلك، وكم يمكن أن يبلغ حجم هذه التعويضات؟

السفير الرسي: للتوضيح فقط، فيما يخص القرارات التي اتخذتها المملكة من منع لشركات طيران قطر والطائرات المسجلة من استخدام المجال الجوي ومنع سفنها من استخدام المياه الإقليمية للمملكة، فهو حق سيادي، والمملكة لم تُحاصر قطر، فالموانئ والمطارات القطرية مفتوحة، وقرار الدول الأربع لا يستهدف الشعب القطري، لكن لا بد من تصحيح الوضع الراهن، ومحاولة الدوحة الظهور بمظهر الضحية لا يعدو كونه محاولة للالتفاف على المطالب التي تتمحور على معالجة ووقف دعم الجماعات الإرهابية، وهذا أسلوب قطر الذي اعتمدته طيلة السنوات الماضية وأوصلها لما فيه الآن، وإذا أرادت العودة إلى محيطها الخليجي، فعليها تنفيذ المطالب والالتزامات السابقة، والتوقف عن محاولاتها البائسة لصرف الأنظار عن جوهر المشكلة للتهرب من تنفيذ التزاماتها، وما تريده الدول الأربع أن توقف قطر دعم الإرهابيين وإيواءهم على أراضيها، وأن توقف دعمها للإعلام الذي أخذ على عاتقه الترويج لأدبيات ومخططات إرهابية والتحريض على العنف والفوضى.

سبوتنيك: هل المملكة العربية السعودية مستعدة لإعادة النظر في قائمة مطالبها لقطر في حال موافقة الأخيرة على تنازلات؟

السفير: بداية أود التأكيد أن هذه المطالب ليست مطالب المملكة وحدها، وإنما الدول الأربع “المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، وجمهورية مصر العربية”، وهذه المطالب واضحة وليست موضع نقاش، وعلى قطر تنفيذها، فالمسائل المتعلقة بالأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب لا مساومة فيها ولا نقاش فيها، والمشكلة أن قطر لا تفي بتعهداتها والتزاماتها، حيث تعاملت طيلة السنوات الماضية بأسلوب التهرب والمماطلة، ونقضت جميع تعهداتها في السابق، وإذا رغبت أن تكون جزءاً من محيطها، فعليها أن توقف دعمها للإرهاب والتطرف بشكل فوري، بما في ذلك دعمها لجماعات إرهابية وطائفية، منها تنظيمات “داعش” و”جبهة النصرة” و”أحرار البحرين” و”حزب الله “و”جماعة الإخوان” و”سرايا الدفاع” في بنغازي، إضافة إلى دعم نشاطات جماعات إرهابية مدعومة من إيران في المملكة العربية السعودية، ودعم ميليشيات الحوثيين في اليمن.

سبوتنيك: حجم إنتاج النفط في “أوبك” بلغ 32.611 مليون برميل يومياً، هل تعتزم السعودية تنفيذ التزاماتها في مجال تقليص حجم إنتاج النفط؟

السفير الرسي: المملكة تحترم التزاماتها وتفي بتعهداتها دائماً، وهذا النهج يدعم مصداقيتها ويزيد من أهمية الدور الذي تقوم به إقليمياً ودولياً، من خلال علاقاتها الثنائية أو في إطار وجودها المحوري في تجمعات دولية كبرى، بما في ذلك منظمة أوبك، وفيما يخص خفض إنتاج النفط، تعلمون أن المملكة تلعب دوراً ريادياً في أعمال اللجنة الوزارية المعنية بمراقبة سير تنفيذ اتفاقية خفض الإنتاج بين منظمة أوبك وكبار المنتجين، بما في ذلك الاجتماع الأخير في مدينة سانت بطرسبرغ يوم 24 يوليو 2017م، الذي شارك فيه وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد الفالح، ما قصدته أن المملكة ملتزمة بجميع الاتفاقات التي جرى التوصل إليها، وهذا ما أكده وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية بأن المملكة خفضت مستوى إنتاجها من النفط ليتجاوز ما وعدت به في إطار هذا الاتفاق، وذلك بعد أكثر من شهر من إبرامه، والجميع يعلم الدور المحوري الذي لعبته قيادة المملكة العربية السعودية وروسيا الاتحادية في التوصل إلى اتفاقية خفض إنتاج النفط في 10 ديسمبر 2016م ولاحقاً تمديدها في شهر مايو لمدة 9 شهور حتى نهاية مارس 2018م، والتي ساهمت في الحفاظ على استقرار الأوضاع في أسواق الطاقة العالمية.

سبوتنيك: إيران صرحت بأنها ترى إمكانية التعاون مع السعودية في التسوية السورية، هل ترون وجود إمكانية للتعاون مع إيران؟

السفير الرسي: أشرت في إجابتي عن سؤالكم في بداية اللقاء إلى أن إيران جزء من الأزمة في سوريا، وتدخلاتها والمجموعات الأجنبية الإرهابية المرتبطة بها عقّدت الحل في هذا البلد، والمشكلة أن إيران لا تريد أن تكون دولة تتقيد بقواعد النظام الدولي، وإنما دولة ثورية ملتزمة بالتوسع وبانتهاك القانون الدولي، وإذا كانت تريد فعلاً أن تعمل على حل المشاكل، بما يؤمن العيش بسلام للناس، فعليها تغيير سلوكها وسياستها التوسيعية والطائفية ووقف ممارساتها المزعزعة للأمن والاستقرار في سوريا والمنطقة والعالم، وما يخص سؤالكم بشأن التصريحات الإيرانية، فهي بالمناسبة كثيرة وتُحاول طهران من خلالها الإيحاء بأنها تتبنى خطاباً إيجابياً معتدلاً، في حين أن أفعالها على الأرض تُناقض أقوالها تماماً، وكأن هناك سلطتين متناقضتين في إيران، فإيران تتحدث عن التسوية السورية قولاً، وفعلاً تدخلاتها والمجموعات الأجنبية الإرهابية المرتبطة بها عقّدت الحل في هذا البلد.