حلم الإمبراطورية القطرية يتبدّد .. من حامية عثمانية إلى محمية تركية.. الدوحة لا تثق بشعبها

الإثنين ١٧ يوليو ٢٠١٧ الساعة ٢:٣٠ صباحاً
حلم الإمبراطورية القطرية يتبدّد .. من حامية عثمانية إلى محمية تركية.. الدوحة لا تثق بشعبها

يعدُّ شعور حاكم قطر بأنَّ بلاده وأسرته أكبر مما يُقصّ عنهما، العامل الأهم في قراءة السياسة القطرية، على الرغم من أنَّ حكم آل ثاني تأسس في قطر عام 1812، أي قبل 115 عامًا، شهدت فيها انقلابات خمسة، حتى تحوّلت إلى دولة المؤامرات، وراعية الإرهاب الأولى التي تعتمد على الأجانب، لحماية عرشها اليوم.

 

من حامية عثمانية إلى محمية بريطانية:

بداية قطر، كانت في أواخر القرن التاسع عشر، من رحم بلدة قديمة كانت تُسمى “البِدع”، التي سبق ظهورها “الزُبارة”، والتي ظلّت جزءًا من البحرين، حتى منتصف القرن التاسع عشر. واعترفت الحكومة البريطانية باستقلال قطر عن البحرين لأول مرة عام ١٨٦٨، عندما وقع لويس بيلي، المقيم السياسي البريطاني في الخليج، اتفاقية مع الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني.

وتأرجحت قطر، في السنوات التي تلت ذلك، بين قبول الحكم البريطاني أو العثماني؛ فكانت هناك حامية عثمانية بالدوحة في الفترة بين عامي ١٨٧١ و١٩١٣. وفي عام ١٩١٦ عقب انهيار الإمبراطورية العثمانية، وقعت بريطانيا معاهدة رسمية مع قطر أصبحت بموجبها محمية بريطانية.

ولم تعيّن بريطانيا رغم ذلك مسؤولاً سياسيًا في قطر حتى عام ١٩٤٩، حيث كان يشرف على شؤونها إلى ذلك الحين الوكيل السياسي في البحرين.

استيطان اقتصادي:

شهدت قطر، استيطانًا اقتصاديًا، قبل حقبة العثور على النفط، إذ اعتمدت على الوافدين، لاستخراج اللؤلؤ من شواطئها، وهو الأمر الذي يدلُّ عليه انخفاض التعداد السكاني للدوحة من ٢٧،٠٠٠ فرد إلى ١٦،٠٠٠ فرد، في أربعينات القرن العشرين، أي بعد العثور على الذهب الأسود.

 

وكان غالبية العاملين في نشاط استخراج اللؤلؤ، من أصول آسيوية وأفريقية، رحّلوا إلى الخليج العربي، إبان الاحتلال البريطاني، وعملوا غواصين وبحارة و”جاذبين” (وهم المسؤولون عن جذب الغواصين لأعلى بالحبال من قاع البحر)، يقودهم “النخوذة”، الذي يملك أو يستأجر القوارب، وكان المسؤول عن مأكل وملبس الطواقم.

واكتُشف النفط في قطر عام ١٩٣٩، بعد أن كان الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني قد وقع اتفاق امتياز للتنقيب عن النفط مع شركة النفط الأنجلو ـ فارسية في ١٩٣٥، وهو اعتماد آخر على الأجانب، وليس على أهل الأرض، في استخراج خيراتها، في صورة استمرّت حتى بعدما نالت قطر استقلالها عن بريطانيا في الثالث من أيلول/سبتمبر ١٩٧١.

 

التجنيس وسيلة لكسب الولاء!!

ولم تنفك الدوحة، عن تجنيس الأجانب، وتقريبهم إلى قصر الحكم، على حساب المواطنين، على الرغم مما في ذلك من مخاطر انعدام الولاء، إذ منحت قطر الجنسية، على سبيل المثال لا الحصر، لمنظّر جماعة “الإخوان المسلمين” الإرهابية يوسف القرضاوي، وجعلت منه مفتي البلاد، على الرغم من الأحكام الصادرة بحقه في بلاده الأم مصر.

وعلى غرار القرضاوي، جنّدت قطر أموالها لاستقطاب كل معارض للحكم في بلاده، منحه الملاذ الآمن، ليواصل مسيرة دعم والتحريض على الإرهاب.

الاستيطان التركي الفارسي:

واختارت الدوحة، بعد إعلان الدول الداعية لمكافحة الإرهاب مقاطعتها لقطر، أن ترتمي في أحضان نظام الملالي، الذي لطالما سعى إلى تدمير الأمتين العربية والإسلامية، بغية فرض سيطرته عليها، وفي الوقت نفسه، جلبت الجيش التركي إلى أراضيها، حتى عادت محمية عثمانية، كما كانت في سابق عهدها، بعد رفع الأعلام التركية، ونشر صور رجب طيب أردوغان في شوارعها، في تأكيد لحالة احتماء قطر بالأجانب، متناسية أبناء الدولة.

 

 

تنظيم الحمدين .. أحدث فصول التآمر:

ويعتبر الفصل الأحدث في تاريخ قطر، وحلم الإمبراطورية لدى آل ثاني، قد بدأ بخلع ولي العهد ووزير الدفاع حمد بن خليفة آل ثاني لوالده عام 1995، وتوليه السلطة، الذي يرى أن قطر صالحة لتصبح إمبراطورية كبرى في المنطقة، لتبدأ رحلة مناوئة القوى الكبرى التقليدية، مصر وسوريا والعراق والسعودية.

 

“ويكيليكس” تكشف المزيد من تاريخ قطر التآمري:

يمكن أن نتعرف على تفاصيل أدق حول تناقض العلاقات القطرية، وتآمرها على العرب بالنظر إلى وثائق “ويكيليكس” المسرّبة، التي كشفت ما يلي:

في الوثيقة رقم (09 DOHA728) الصادرة بتاريخ 20 كانون الأول/ديسمبر 2009، أشار السفير الأميركي جوزيف لوبارون إلى أنَّ حمد وصف علاقته بإيران قائلاً: “هم يكذبون علينا… ونحن نكذب عليهم”، وقال إن “على إيران أن تستمع إلى الغرب أو أن تتعرض لعمل عسكري منتصف العام المقبل (2010) على يد القوات المسلحة الأميركية أو الإسرائيلية”.

وفي الوثيقة رقم (09 DOHA25)، بتاريخ 12 كانون الثاني /يناير 2010، كشفت أنَّ الاتصالات الهاتفية بين رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني ووزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني لم تنقطع طوال أيام الحرب على غزة، بينما زعم الإعلام القطري، أنَّ التواصل كان بين القاهرة وتل أبيب.

وبتاريخ 4 كانون الأول/ديسمبر 2008، كشفت الوثيقة رقم (08 DOHA845) أنَّ السفارة الأميركية ترشح باستمرار لقناة الجزيرة القطرية ضيوفاً يقومون بعرض وجهة النظر الأميركية الرسمية للرأي العام العربي.

هذا التناقض، الذي يحرق صاحبه في نهاية المطاف، يؤكّد أنّه لا عجب أن تندلع الأزمة القطرية اليوم بكل تفاصيلها، وتتحول قطر إلى ملعب للقوى الإقليمية بعد أن ظلت لسنوات لاعبًا في ملاعب أخرى.