آل مرة تراهن على تدخل الأمم المتحدة في قضيتهم.. وتضع 5 مطالب على الطاولة

الإثنين ١٨ سبتمبر ٢٠١٧ الساعة ٨:٢٩ مساءً
آل مرة تراهن على تدخل الأمم المتحدة في قضيتهم.. وتضع 5 مطالب على الطاولة

نجحت ندوة حقوقية شهدها مبنى الأمم المتحدة في جنيف، اليوم الاثنين، في تحويل الأضواء على واحدة من أهم القضايا الإنسانية قساوة والمتمثلة بتهجير قطر للآلاف من أبناء عشيرة آل غفران من قبيلة آل مرة، حيث تمت إثارة هذه القضية على خلفية خطوة سلطات الدوحة الجديدة بسحب جنسية الشيخ طالب بن شريم و55 من أفراد عائلته من أبناء القبيلة ذاتها، فيما راهن اثنان من أبناء القبيلة خلال مشاركتهم في الندوة على دور الأمم المتحدة المحوري في هذه القضية، واضعين 5 مطالب يجب تحقيقها لأفراد القبيلة.

وتطرقت ندوة “جماعات حقوق الإنسان الدولية وقضية قبيلة الغفران” التي نظمتها الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان في القاعة 24 في مبنى الأمم المتحدة اليوم الاثنين، وأدارها عبدالعزيز الخميس، وشارك فيها عدد من الحقوقيين العرب والأجانب، لتهجير أبناء عشيرة آل غفران من قبيلة آل مرة في العام 1996 وحتى الوقت الراهن بشكل تدريجي من قبل سلطات الدوحة، ومنع أفراد تلك القبيلة من امتيازات المواطنة القطرية.

ولم تغفل النقاشات التي دارت في الندوة الحقوقية، آخر خطوات النظام القطري رعونة والمتمثلة في سحب الجنسيات من 56 من مواطنيها لمجرد انتمائهم لقبيلة آل مرة، وهو ما عده المشاركون مؤشرًا خطيرًا يدل على أن السلطات القطرية غير مهتمة البتة بحق مواطنيها الأصليين وتعسفها في استخدام الأنظمة بل وانتهاكها إذا تطلب الأمر ذلك لصالحها.

ولأن الندوة مخصصة لطرح معاناة قضية قبيلة آل مرة، فقد حرص منظموها على استضافة عدد من أبناء القبيلة للحديث عن تجاربهم الشخصية ومعاناتهم التي تكبدوها نتيجة تهجيرهم وسحب جنسياتهم.

وتحدث المواطن محمد المري بحرقة عن الأسباب التي تدفع سلطات الدوحة إلى منح الجنسية القطرية لشذاذ الآفاق بينما يتم سحبها من أبناء البلد الأصليين الذين شاركوا في عمليات البناء والتنمية.

ووجه المواطن انتقادات لاذعة بحق أمين عام اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان علي صميخ المري؛ وذلك لتجاهله قضية أبناء قبيلته وعشيرته، فيما امتدت الانتقادات للنائب العام في قطر علي فطيس المري، والذي استهجن عدد من المشاركين سكوته حيال هذه القضية الإنسانية التي تهم أفراد قبيلته وعدم اتخاذه خطوات قانونية تجاهها.

أما صالح الغفراني المري (أحد أبناء القبيلة) فقد قال في مشاركة له: إنه جاء إلى جنيف “سعيًا لإنهاء معاناة أفراد عائلتي وغيرهم في قطر”، مضيفًا: “لقد صبرنا 21 عامًا، ولن نصبر أكثر.. الآن أصبحت هناك حالات إعدام ومقابر بسبب المطالبة باستعادة الحقوق”.

وشرح أبعاد وتفاصيل القضية قائلًا: “في عام 1995 سحبت السلطات القطرية الجنسية من أبي بين عشية وضحايا دون أي سبب. وكان عمري حينها 11 عامًا، أنا الآن لدي 3 أولاد ولا نحمل جنسية بلدنا التي وُلدنا وتربينا فيها وحارب أجدادنا من أجل الدفاع عن ترابها”، مبينًا أنه “لم يعد للكثير من أبناء قبيلتنا حق العمل في قطر، ولذلك فهم يعيشون على معونات الأقارب”.

وأوضح المري أن أبناء عمومته يعيشون في قطر بدون جنسية الآن، مضيفًا أنه “لا يمكن لأبيهم الذي يعيش في الخارج أن يدخل قطر لزيارتهم”.

وكانت عشيرة “آل مرة” قد رفضت انقلاب الشيخ حمد، أمير قطر السابق ووالد الأمير الحالي، على أبيه للاستيلاء على الحكم عام 1996، ما عرض أفراد ووجهاء القبيلة، كما يقولون، للتنكيل وسحب الجنسيات وإبعادهم من البلاد إلى دول أخرى مثل السعودية، وينتشر أفراد قبيل الغفران في المناطق الواقعة على طول الحدود القطرية السعودية.

وتزعم سلطات الدوحة أن سحب الجنسيات القطرية من أبناء قبلية آل مرة هو بسبب اكتسابهم لجنسيات أخرى، وهو ما كذبه صالح الغفراني المري بقوله: “هذا لم يحدث”.

وتطرق صالح الغفراني المري إلى حادثة سحب الجنسية عن الشيخ طالب بن لاهوم الشريم المري و55 من أفراد عائلته وما تلا ذلك من مصادرة أموالهم وطرد العديد منهم من وظائفهم في مسيرة ظلم للقبيلة لن تتوقف، متبعًا ذلك بالقول: “من السهل أن تكون مواطنًا ثم تُنزع عنك جنسيتك في أي وقت في قطر”، ونبه في الوقت ذاته إلى أن وسائل الإعلام القطرية “تُستخدم لإلقاء اللوم على السعودية وتحميلها مسؤولية مآساتنا”.

وحذر محمد الغفراني المري من أنه “بمجرد أن شرعت جماعات حقوق الإنسان في إثارة قضية قبيلته وعشيرته، اتسع نطاق الاضطهاد من جانب السلطات القطرية لأبنائهما”، معبرًا عن “حزنه البالغ”؛ لأن السلطات القطرية “تجمع شذاذ الآفاق من كل مكان وتقدم لأمثالهم الدعم المالي في سوريا وغيرها بدلًا من مراعاة حقوق أبناء قطر الأصليين”.

وقال: “إن أحدث مظاهر الاضطهاد هي اعتقال الشاعر القطري بريك هادي المري لمجرد أنه قال شعرًا يشكر فيه العاهل السعودي الملك سلمان؛ لأنه أكرم حجاج بيت الله الحرام”.

ودعا صالح ومحمد المنظمات الحقوقية والأمم المتحدة إلى مساعدتهم في تلبية مطالبهم المتمثلة في استعادة الجنسية، وتصحيح أوضاع أبناء قبيلة الغفران، وإعادة المطرودين إلى عملهم، ولم شمل العائلات، واسترجاع الحقوق والمزايا بأثر رجعي.

وعبر ابنا قبيلة آل مرة اللذان شاركا في الندوة عن ثقتهما في أن “السلطات القطرية لن تتمكن من شراء ذمم شرفاء الحقوقيين في العالم”، مبينَيْن أنهما “يراهنان على الأمم المتحدة لنصرة قضية قبيلة الغفران”، فيما أبديا استعدادهما لتقديم كل الأدلة التي تثبت حقوق إخوانهما إلى الأمم المتحدة، مطالبين إياها بأن تنصر قضيتهم.

وظلت قضية تهجير الآلاف من أبناء الغفران من قبيلة آل مرة، معلقة لسنوات طويلة، وهو ما دفع بمدير الجلسة عبدالعزيز الخميس لطرح تساؤل على المنظمات الحقوقية عن الأسباب التي دفعتها لتجاهل هذه القضية طوال العقدين الماضيين، مستنكرًا تدخل قطر في الشؤون الداخلية للدول الأخرى بدعوى الدفاع عن حقوق الإنسان، بينما لا تحفظ هي حقوق أبنائها، فيما أشار الحضور إلى أن سلطات الدوحة تعطي أولوية لدعم المجموعات الإرهابية في سوريا والعراق واليمن وليبيا بينما تتجاهل قضية إنسانية متعددة الأبعاد كهذه القضية.

من جهته، أعلن الدكتور حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، عن تبني منظمته والفيدرالية العربية لحقوق الإنسان قضية الغفران، مشددًا على ضرورة أن يتم العمل وفقًا لإستراتيجية واضحة تشرح تفاصيل هذه القضية للمنظمات الدولية، ووجوب أن يرفع أبناء الغفران أصواتهم عالية في كل المحافل الحقوقية الدولية.

وطالبت الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن يدرج فورًا قضية قبيلة “الغفران” القطرية على أجندته، والتدخل بأسرع ما يمكن لوقف “الجرائم ضد الإنسانية القطرية” ضد أبناء القبيلة، حيث جاء هذا النداء على هامش الندوة المنظمة.

وقال الدكتور أحمد الهاملي، مؤسس ورئيس الفيدرالية: “لن نتخلى عن قضية قبيلة الغفران الذين يعانون اضطهادًا لم يعد يمكن السكوت عليه”، مستنكرًا السياسات القطرية تجاه أبناء القبيلة. وأضاف أنه “من الغريب أن تدعم الحكومة القطرية جماعات إرهابية مسلحة تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في مختلف دول المنطقة، ثم توقف الدعم والحقوق المستحقة لأبناء شعبها القطريين”.

ولفت الهاملي إلى أنه من غير المقبول على الإطلاق أن تعطي قطر الجنسيات لأبناء مختلف الجنسيات وتسحبها من أبنائها، بالمخالفة لكل القوانين والأعراف الدولية، موضحًا أن تلك قضية تتعلق بحقوق إنسان وتتعهد الفيدرالية بعدم التخلي عنها وبدعم أبناء قبيلة الغفران؛ كي يوصلوا صوتهم وقضيتهم للمحافل الحقوقية الدولية لاستعادة حقوقهم المشروعة”.

من ناحيته، أيد حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان التي شاركت في تنظيم الندوة، دعوة الهاملي إلى ضرورة إثارة القضية في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، مطالبًا أصحاب القضية للمبادرة بإعداد تقارير موثقة تعرض القضية بالمعلومات والأدلة وتتواصل مع المنظمات الحقوقية”.

وتعهد أبو سعدة أن تتبنى المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، كعضو في الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان، قضية أبناء قبيلة “الغفران”، قائلًا: إنه “يجب أن تصحح قطر أوضاع أبناء هذه القبيلة؛ لأن ما يحدث ضدهما هو تمييز عنصري على أساس القبيلة، الأمر الذي يحرمه القانون الدولي”، مستنكرًا “صمت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر لقضية أبناء قبيلة الغفران”.

وخلال الندوة، اتهم اثنان من أبناء قبيلة “الغفران” السلطات القطرية بممارسة سلسلة من “الجرائم” بحقهم تشمل تجريدهم من جنسيتهم وطردهم من ديارهم. وطالبا بتدخل عاجل من جانب الأمم المتحدة لمساعدتهم على استعادة حقوقهم المشروعة.

وعرضا على العالم والمنظمات الحقوقية تجربة قبيلتهم التي وصفاها بـ”القاسية المؤلمة والمحزنة التي تشمل مختلف أشكال الظلم والاضطهاد التي يتعرضون لها من جانب قطر”.

وقبيلة الغفران هي أحد الفروع الرئيسية لعشيرة “آل مرة” التي تشكل، حسب أحدث الإحصاءات بين 50 و60% من الشعب القطري.

ومن جهته، قال محمد عثمان، منسق العلاقات الدولية بالمنظمة المصرية لحقوق الإنسان: إن المنظمات الحقوقية الدولية “عليها واجب الضغط على الحكومة القطرية لإعادة الحقوق إلى أبناء قبيلة الغفران”، مستغربًا أن تقدم قطر على سحب الجنسية من أبناء القبيلة، واصفًا ذلك “بالمخالفة الصارخة للقوانين الدولية والقانون الدولي الإنساني الذي يؤكد حق كل شخص في أن يكون له جنسية ولا تسحب منه”.