الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان تفند مزاعم قطر بشأن آثار المقاطعة

السبت ١٦ سبتمبر ٢٠١٧ الساعة ٨:٢٢ مساءً
الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان تفند مزاعم قطر بشأن آثار المقاطعة

فندت الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان ادعاءات لجنة “حقوق الإنسان الوطنية” في قطر بشأن ما زعمته بمخالفة الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب للقوانين الدولية في مقاطعتها لقطر.

وكشف الفيدرالية- في تقرير لها على هامش أعمال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة المنعقد حاليًّا في جنيف وهو التقرير الأول من نوعه- بالأدلة القانونية والعملية والواقعية ضرورة أن تراجع الأمم المتحدة طريقة عمل ومهنية لجنة “حقوق الإنسان” القطرية.

وطالب التقرير الذي قدمه وفد من الفيدرالية العربية برئاسة الدكتور أحمد الهاملي إلى فلادلن ستيفانوف مدير إدارة المؤسسات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني والتعاون التقني والعمليات على الأرض في مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الأمم المتحدة بضرورة إعادة تقويم أداء ومهنية لجنة حقوق الإنسان القطرية وفحص طريقة عملها؛ للتأكد من أنها تؤدي دورها وفقًا للمبادئ الدولية المتصلة بحقوق الإنسان.

وفيما يتعلق بإصرار اللجنة القطرية بأن المقاطعة الرباعية لها حصار غير شرعي قال التقرير: إن المقاطعة تختلف جذريًّا عن الحصار؛ فالمقاطعة هي عبارة عن قطع للعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية من جانب دولة أو مجموعة من الدول مع دولة أخرى، وهو حق سيادي لجميع دول العالم في أن تقيم أو تقطع علاقات الدبلوماسية مع أي دولة في حال سعي الأخيرة لإثارة القلاقل والمساس بأمن واستقرار الدول المقاطعة.

وأكد أن هذا ما ينطبق على الحالة القطرية التي أثبتت التقارير الدولية الصادرة ليس فقط من دول المقاطعة وإنما من دول أخرى كالولايات المتحدة الأميركية تورط قطر في تمويل الإرهاب وإيواء الإرهابيين على نحو يهدد ليس أمن جيرانها فحسب، بل الأمن العالمي أجمع.

واستشهد تقرير الفيدرالية بأقوال آدم زوبين، المسؤول الأعلى في إدارة الشؤون المالية بوزارة الخزانة الأميركي، بأن قطر أظهرت الافتقار إلى الإرادة السياسية على تنفيذ قوانين مكافحة تمويل الإرهاب على نحو فعال.

وأشار التقرير كذلك إلى تصريح دانييل جلاسر، أمين مساعد لوزارة الخزانة الأميركية سابقًا، بأن الممولين الإرهابيين المعينين يعملون بشكل علني وشائع في دولة قطر.

وقال التقرير: إن ما يدحض ادعاءات اللجنة القطرية بوصف الوضع بأنه حصار هو التعليمات الواضحة من حكومات الدول المقاطعة بمراعاة الحالات الإنسانية، لاسيما في الأسر المشتركة بالإضافة إلى التصريح الصادر من معالي وزير الخارجية الأستاذ عادل بن أحمد الجبير باستعداد المملكة لتوفير كافة احتياجات القطريين من الغذاء والدواء.

وتساءل التقرير كيف لدولة تريد أن تحاصر قطر كما تزعم “اللجنة القطرية لحقوق الإنسان”، وهي ذات الدول التي تعرض مساعداتها بتوفير الاحتياجات الإنسانية.

وتناول التقرير مزاعم قطر بشأن تفتيت أواصر الأسر خاصة النساء والأطفال، ووصفها بأنه لا تستند إلى أسس منطقية أو سليمة، موضحًا أن قرار المقاطعة وما ترتب عليه من آثار منطقية لا يعد خرقًا لقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان، ولا يعد انتهاكًا للدول الأربع لالتزاماتها التعاقدية، بل هو نتاج طبيعي للأزمة السياسية بين حكومات هذه الدول والحكومة القطرية الذي من خلاله مارست تلك الدول حقها السيادي على إقليمها البري البحري والجوي؛ حفاظًا على أمن واستقرار مواطنيها والمقيمين على أراضيها من أية أزمات أو أحداث قد تتفاقم في ظل الأزمة السياسية القائمة أو تمس سلبًا على الحقوق والحريات المحمية بموجب مختلف المواثيق الدولية.

وأكد التقرير أن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين أصدرت توجيهاتها باتخاذ التدابير اللازمة في سبيل حماية وتعزيز الحقوق والحريات الخاصة بتلك الأسر المشتركة، ومثال ذلك التدابير الخاصة بتخصيص هواتف مجانية لتلقي تلك الحالات واتخاذ الإجراءات المناسبة بشأنها؛ كإنشاء لجان لتلقي الحالات وإجراء أعمال التنسيق اللازمة؛ للحيلولة دون تعرض أي عائلة لخطأ ينتج عنه المساس بوحدتهم الأسرية.

وأشار التقرير إلى- ادعاءات لجنة “حقوق الإنسان القطرية” بأن المقاطعة أضرت بحق القطريين في التعليم- وقال: إن الحق في التعليم وفق المواثيق الدولية حق إنساني لكل إنسان في الدولة التي يعيش فيها، وبالتالي فإن مطالبة اللجنة القطرية حكومات دول المقاطعة بتوفير التعليم للمواطنين القطريين لا تجد له أساسًا قانونيًّا في المواثيق الدولية، بل إن الحكومة القطرية يقع على عاتقها الالتزام بتوفير التعليم لرعاياها وجعله متاحًا للجميع.

كما فند تقرير الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان مزاعم قطر بشأن انتهاك حرية الرأي والتعبير في دول المقاطعة فيما يخص الموقف من الدوحة وسياساتها، مشيرًا إلى اعترافات ضابط المخابرات القطري حمد علي محمد الحمادي (33 سنة) الذي تم القبض عليه في دولة الإمارات عام 2015م، حيث أقر واعترف صراحة بالدور التخريبي واسع النطاق الذي اعتمدته الحكومة القطرية على مدى سنوات لاستهداف دولة الإمارات ومختلف دول المنطقة من خلال إنشاء حسابات وهمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي “حساب بوعسكور وقناص الشمال”، التي تهدف إلى الإساءة لدولة الإمارات ورموزها.

وتساءل التقرير باستغراب: هل هذه هي حرية الرأي والتعبير التي تسعى اللجنة “الوطنية لحقوق الإنسان” في قطر إلى ضمان حمايتها وصيانتها؟!

وفيما يتصل بحرية الصحافة والتعبير، قالت الفيدرالية العربية في تقريرها: إنه من خلال الرصد الميداني وتقصي الحقائق تبين لها أن الدول المقاطعة لم تجبر الصحافيين والإعلاميين المنتمين لها والعاملين في قطر على تقديم استقالتهم، وقالت: إنه على العكس تمامًا فإن العديد من الإعلاميين والصحافيين من المملكة والإمارات والبحرين تقدموا باستقالتهم طواعية ورغبة منهم في دعم توجهات حكوماتهم التي ترمي إلى تجفيف منابع الإرهاب والتطرف التي تدعمها المنابر الإعلامية القطرية، بل إن مختلف المؤسسات الإعلامية في الدول الثلاثة فتحت أذرعها لاستقبال الإعلاميين المستقيلين من قطر، وقامت بتوفير الشواغر الوظيفية المناسبة لهم.

وأفرد التقرير مساحة كبيرة للرد على المزاعم القطرية بشأن الحرمان من التنقل والإقامة وتقييد ممارسة الشعائر الدينية.. حيث استغربت الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان بشدة ادعاءات لجنة حقوق الإنسان القطرية بهذا الشأن؛ حيث تدعي اللجنة أن السُّلطات السعودية منعت المعتمرين القطريين من أداء مناسك العمرة بعد صدور قرار قطع العلاقات وإجبارهم على مغادرة الأراضي السعودية بل وعاملتهم بصورة مهينة، مؤكدة أن تلك الادعاءات ليس لها أي أساس من الصحة، بل إن المملكة سهلت أمور المعتمرين من مختلف دول العالم.

وأوضحت الفيدرالية أن الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي أكدت في بيان أن توجيهات القيادة العليا في المملكة العربية السعودية تؤكد على تقديم الخدمات وتسهيل أمور المعتمرين من كل دول العالم، بما في ذلك الأشقاء في دولة قطر، كما أشارت الفيدرالية إلى أن الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي أكدت في بيانها أنها استقبلت 1633 معتمرًا قطريًّا أدوا مناسك العمرة بالرغم من المقاطعة والأزمة السياسية بين الدولتين، وأن ما يتم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي ما هي إلا افتراءات بحق المملكة.. ولفتت كذلك إلى تأكيد الرئاسة العامة أن القطريين يؤدون نسكهم وعباداتهم في المسجد الحرام بكل يسر وسهولة واطمئنان ويستفيدون من جميع الخدمات التي تقدمها حكومة المملكة العربية السعودية في الحرمين الشريفين.

وتساءل التقرير: إن كانت اللجنة القطرية قد اعتمدت في افتراءاتها على المملكة العربية السعودية على أدلة واقعية حقيقية وموثوقة أم أنها اعتمدت على الأكاذيب المنشورة في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، وتساءل التقرير كذلك عن دور اللجنة “الوطنية القطرية لحقوق الإنسان” في التحقيق وتقصي الحقائق من مصدرها الأصلي وبشكل موضوعي وحيادي ودون تحيز للحكومة القطرية ومحاولة استعطاف الرأي العام العالمي.

وقالت الفيدرالية العربية في تقريرها: إن هدفها هو أن تتقاسم مع المجتمع الدولي القلق من طريقة عمل وعدم نزاهة ولا مهنية اللجنة الوطنية القطرية وليس السعي لإعادة تقييم عملية الترخيص لها كمنظمة حقوقية.

وقال التقرير: إنه لهذا السبب تستغرب الفيدرالية العربية تصنيف التحالف العالمي لمؤسسات حقوق الإنسان للجنة الوطنية القطرية ضمن المرتبة الأولى لمدة 5 سنوات أخرى تنتهي عام 2020؛ لأن اللجنة القطرية غير مؤهلة لهذا التصنيف الخاطئ.

وأشار المسؤول الأممي إلى وجود لجنة مختصة بإجراء ما وصفها بالمراجعة الخاصة لتصنيف اللجان الوطنية لحقوق الإنسان.

وقال: إن مكتب المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والجمعيات الأهلية يقوم بدور سكرتارية هذه اللجنة، وحيث تتولى السكرتارية تلقي التقارير من مختلف الجهات والهيئات والأفراد الأهلية والرسمية بشأن وضع أي لجنة وطنية وطريقة عملها ومدى التزامها بمعايير معاهدة باريس.

من جانبه، قال رئيس الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان الدكتور أحمد الهاملي: إن التقرير بني على دراسة المواثيق والمعاهدات الدولية والتشريعات والنظم الوطنية والقرارات الوزارية والممارسات العملية في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية.

وأضاف أن مبادئ معاهدة باريس المتصلة التي تنظم عمل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان كانت إحدى الركائز الأساسية للتقرير، مؤكدًا أن الوقائع والحقائق التي تم تقصيها ورصدها عبر فرق الرصد والمتابعة من جانب الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان هي من أهم الوثائق التي تثبت مصداقية التقرير.

وأكد الهاملي أن استقبال المسؤول الأممي فلادلن ستيفانوف له يُعد إقرارًا واضحًا بمهنية عمل الفيدرالية وصدقية تقاريرها لدى مختلف المؤسسات الأممية والأهلية المعنية بحقوق الإنسان.

وقال: إن التعهد الدولي ببحث إعادة النظر في تصنيف اللجنة القطرية يعني قطع خطوة مهمة على طريق محاسبة قطر على تسييسها لحقوق الإنسان.

وأكد حرص الفيدرالية على تشجيع ودعم حقوق الإنسان في مختلف الدول العربية والبعد الكامل عن تسييس قضية حقوق الإنسان.

ونبه المسؤول الحقوقي الأممي إلى أن قطر “تدمر بسياساتها المخالفة لحقوق الإنسان هذه الحقوق في الشرق الأوسط”.

وأبدى الهاملي، لستيفانوف استعداد الفيدرالية للتعاون الكامل بمختلف الأشكال مع المفوضية الأممية للوقوف على مخالفات اللجنة القطرية الموثقة التي تؤكد بوضوح أنها تخالف اتفاقية باريس المنظمة لعمل المنظمات الحقوقية؛ ما يستدعي إعادة النظر في تصنيف تلك اللجنة ضمن الفئة “أ” من حيث الالتزام الكامل بمبادئ باريس.

كما أبدى حرصًا قويًّا على التعاون مع مفوضية حقوق الإنسان؛ كي تساعد الفيدرالية في جهودها لدعم حقوق الإنسان في مختلف الدول العربية دون أي تسييس ولا تفرقة على أساس دين أو لون أو عرق أو خلفية أو جنس.

وأعرب الدكتور الهاملي ارتياحه لتفهم المسؤول الدولي دواعي قلق الفيدرالية العربية من “ممارسات لجنة حقوق الإنسان القطرية وانتهاكات الحكومة القطرية في هذا المجال”. وعن أمله في إمكانية محاسبة قطر على سلوكها الذي يضر بقضية حقوق الإنسان عمومًا في العالم العربي في وقت يتم العمل من أجل تشجيع ثقافة حقوق الإنسان في الدول العربية، مطالبًا بقية جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان العربية والأجنبية بدعم جهود الفيدرالية العربية لتحقيق هذا الهدف خدمة لحقوق الإنسان العربي.

مما يُذكر أن لقاء الهاملي مع ستيفانوف جاء في وقت تواجه قطر حملة كبيرة خلال الدورة الـ36 الحالية لمجلس حقوق الإنسان؛ حيث نظمت وقفة احتجاجية على دعم قطر للإرهاب والجماعات المتطرفة، وحمل المشاركون في الوقفة التي نظمت في ساحة الأمم المتحدة في جنيف لافتات تطالب بمحاسبة قطر.

واستنكرت اللافتات انتهاكات قطر لحقوق العمال الذين يعملون في مشروعات البنية التحتية لكأس العالم الذي ستستضيفه قطر عام 2022م.