الميمن : اليوم الوطني يوم الوفاء لمآثر العظماء وتعزيز الانتماء لوطن العز والإباء

السبت ٢٣ سبتمبر ٢٠١٧ الساعة ١:٣٥ مساءً
الميمن : اليوم الوطني يوم الوفاء لمآثر العظماء وتعزيز الانتماء لوطن العز والإباء
الحمد لله، أكمل لنا الدين، وأتمّ علينا النعمة ، ورضي لنا الإسلام ديناً ، سبحانه وبحمده جمع بعد شتات وألف بعد فرقة، وأنعم وتفضل فله الحمد حتى يرضى، والصلاة والسلام على نبينا وقوتنا محمد وعلى آله الأوفياء وصحابته ومن اقتدى، وبعد:
فإن من أجل النعم التي من الله بها على هذه البلاد المباركة والوطن الحبيب نعمة توحيد هذا الكيان العظيم، ولم شتاته، وإزالة كل أسباب الفرقة والشتات على يد البطل المجاهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود –رحمه الله- هذه المناسبة التي تعد من أهم المناسبات الوطنية, والأيام الخالدة لوطننا المبارك, وبلادنا العزيزة, المملكة العربية السعودية, الذي تمر علينا ذكراه المتجددة الممتدة -بإذن الله-, ونعيش نعمه العظيمة, التي نسأل الله عز وجل أن يحفظها من الزوال, ويديم علينا أثرها وخيرها, فهو نقطة فاصلة في التأريخ المعاصر لجزيرة العرب, وتحول نوعي, تحقق فيه لهذا الوطن الآمن نعم لا يقدر قدرها إلا من عرف الحقبة التأريخية السابقة لهذا التأريخ المجيد, وقرأ أو سمع عن الأوضاع السائدة في هذه الجزيرة العربية, وما كانت تعانيه من تشرذم وتفرق وتناحر, وقبل ذلك بُعْدٌ عن دين الله, وهدم لأصل الأصول, وأساس الدين توحيد الله جل وعلا, وما من شك أن هذا التأريخ يذكرنا بنعم الله عظيمة على أهل هذه البلاد أجلها نعمة الاجتماع والتوحد والألفة، وتوحيد أجزاء هذه البلاد على أصول متينة راسخة وأسس عظيمة أهمها تحقيق توحيد الله وإخلاص العبودية له، وإقامة شريعة الله والحكم بها والتحاكم إليها، والتعبد لله بهذه العبوديات التي تحقق الغاية من الخلق، فليس المراد بهذا اليوم مجرد حدث تأريخي, أو سرد متكرر لا يعدو التفاصيل التأريخية, وإنما هي مناسبة تهدف إلى تذكيرنا بما من الله به علينا من نعم عظيمة تحقق بها الأمن بمعناه الشمولي، وكمال النعمة بالتمكين والاستخلاف في الأرض، ونحن اليوم نحتفي بالذكرى السابعة والثمانين لهذا اليوم المبارك والذي يوافق هذا العام الثالث من محرم، فالمشاعر الوطنية الجياشة التي تحولت إلى وعي مجتمعي لافت، ورأي عام متحد ضد المخاطر والمهددات، ومواقف مشرفة في وجه الحملات الإعلامية الآثمة، والدعاية المغرضة من جهات معادية لهذا الوطن وأهله، هذا الوعي وتلك المواقف التي كانت بحمد الله وتوفيقه سبباً في إفشال مخططات الأعداء، ورد كيد الكائدين، والتعبير عن المواطنة الصادقة بأروع المواقف الوطنية الصادقة التي مثلت أقوى الردود وأبلغها على كل من راهن على حراك مشؤوم، فكان يوماً وطنياً بامتياز لبس الوطن فيه ثوب الوحدة والاعتزاز والافتخار، وتعالت أصوات الفرح باكتمال النعم ولله الحمد، ومن هنا فإن من استثمار هذه المناسبة تفعيل هذا الوعي لأجيالنا الصاعدة، وذلك بالتركيز على المواطنة الصالحة، والانتماء الصادق، والولاء للدين والوطن، هي ثوابت رئيسة، لابد من استبطانها واعتبارها، وتوافر الجهود عليها، لتتشكل من خلالها معالم الديانة والمواطنة، ومقومات الحصانة الفكرية التي تحمي من النزوات والعواطف، وتقي من شرور التنظيمات والجماعات الضالة، والأفكار المتطرفة الإرهابية، التي لم تعد تمثل آراءًا أو أفرادًا، وإنما يقف وراءه قوى وأنظمة ودول، ويشارك فيها بعض دعاة الفتنة، ورموز التطرف، الذين يغرون شبابنا بمعسول القول، ويمررون الأفكار تحت لبوس الدين، وهم أدوات لتلكم الجماعات والتنظيمات، يرمون هذه البلاد ويستهدفون أمنها ووحدتها وثوابتها، وقد تنامى ضررهم وخطرهم، وأضحت التقانة والشبكات والفضاءات المعلوماتية إحدى أدواتهم يضخون من خلالها هذه الدعوات المسمومة، ويركزون فيها على ما يزعمونهم مثالب، يدسون السم في العسل، ويحسنون القبيح، ويقبحون الحسن،  وتتلقاها عقول هؤلاء الناشئة دون تمييز، ولا أدل على ذلك من الدعوات المضللة، والحملات الإعلامية التي يستغلون بها أوقات الأزمات، ويندسون بها تحت ركام الفتن، ليحركوا العواطف ضد الوطن ووحدته بالحريات المزعومة، والمطالب التي تدغدغ بعض العواطف، والتوظيف الممنهج لبعض الأحداث، ينادون بالثورات والاعتصامات، ويستجيبون فيها لأهل الأهواء والدعايات المضللة.
هذه الرسائل ينبغي أن تكون حاضرة في فعاليات اليوم الوطني لتربط الناشئة بهذه المعالم التي تحميهم من الانحراف, وتجعل مسألة الانتماء لوطنهم ومحبته, والشعور بنعم الله عليه, والوفاء بمقومات المواطنة الحقة التي هي حفاظ على الثوابت التي قامت عليها البلاد من أبرز وأهم ما ينشؤون عليه, ويستشعرونه شعورًا غريزيًا فطريًا, ويتنامى لديهم, ويتعزز بما لهذا الوطن من خصائص وميزات, وما حباه الله به من خيرات, ببركة هذا الحكم الراشد, والدولة الميمونة, فهذه هي دلالات هذا اليوم العزيز, وهذا ما يذكرنا به مروره المتكرر, وإن حقًا علينا ونحن نتفيأ هذه النعم, ونرى في مقابل ذلك ما يحيكه أعداء الأمة وأعداء الوطن الذين يستهدفون أمنه ووحدته وثوابته أن نتحمل المسؤولية كاملة, وأن نجعل من مثل هذه المناسبات فرصة لتجديد العهد, والتذكير بما تقتضيه الأصول الشرعية المرتبطة بالجماعة والإمامة, والبيعة, وأن نتخذ من قيامنا بها عبودية نتعبد بها لله امتثالاً لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) (النساء:59), وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة», ونبني على هذا أن لا نسمح بأي فرصة تحدث خللاً أو نقصًا حتى ولو بالشعور والمشاعر, والله المسؤول أن يحفظ علينا هذه النعم, ويحميها من الزوال, وإنني اغتنمها فرصة لأرفع ببالغ الامتنان التهنئة الخالصة, والتبريكات لمقام مليكنا المفدى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز, وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز, حفظهم الله ذخرًا للإسلام والمسلمين, ولهذا الوطن الغالي, وأدام عليهم نعمه, وأسبغ عليهم فضله, وأتم عليهم آلاءه, إنه سميع مجيب, والحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين.
كــتـــبـــه:
 أ.د. إبراهيم بن محمد قاسم الميمن
وكيل جامعة الإمام لشؤون المعاهد العلمية