التعليم بين المعوّقات والممكنات.. 7 مشكلات أساسية تضعها “المواطن” أمام الوزير العيسى

الخميس ١٢ أكتوبر ٢٠١٧ الساعة ١:٣٨ صباحاً
التعليم بين المعوّقات والممكنات.. 7 مشكلات أساسية تضعها “المواطن” أمام الوزير العيسى

صناعة الأجيال، هي اللبنة الأولى في بناء مستقبل الوطن، والتي تبدأ من الأسرة، وتتحمّل التعليم على عاتقها، جزءًا كبيرًا من هذه المهمّة؛ إذ إنّها تستقبل سنويًّا أكثر من 400 ألف طالب جديد؛ ما يعني بالضرورة، أننا خلال أعوام قليلة، سنكون الدولة الفتية بكل ما للكلمة من معنى، فكيف نتعامل مع هذا الموقف، واحتياجات التنمية والبناء، لوطن واعد، يحتوي أبناءه ويقدّم لهم الفرص التي تضمن تطوّرهم.

التعليم منظومة شاملة من القدرات والإمكانات والإستراتيجيات التي تتبناها كل الجهات والقطاعات، للوصول لرؤيتنا الطموحة التي تُعقد عليها الآمال والطموحات لوضع هذا الوطن الكبير في مكانه الطبيعي ضمن الدول المتقدمة والمنجزة.

أسئلة بحجم المرحلة الاستثنائية:

وتطرح “المواطن“، مجموعة من الأسئلة، على وزارة التعليم، القائمة على احتواء وتخريج الطلاب المتوافدين على المؤسسات التعليمية، لاسيّما الجدد منهم، منها:

  • هل مدارسنا جاهزة لاستقبالهم بالشكل والمضمون، بما يُسهم في صناعة شخصيتهم المتكاملة؟
  • هل الغرف المغلقة المكتظة بمقاعد الدرس، توفر لهم سبل الراحة ووسائل ووسائط التقنية الحديثة؟
  • هل أعددنا معلم الصفوف الأولى لمثل هذه الحشود التي تنتظر من يُنظمها ويوجهها ويُجيب عن كل أسئلتها؟
  • ماذا عن “الفكرة المستحيلة”، الداعية إلى إسناد التعليم الأولي للمعلمات، هل تم وأدها أم هي في طور التهيئة؟
  • هل مدارسنا تملك رؤية واضحة تضخها في العقول الطرية لنقطع الطريق على كل من يُريد تشكيلها وصياغتها وتوجيهها؟

معوّقات المنظومة:

ويواجه تعليمنا الوطني، الكثير من الصعوبات والتحديات، تمامًا ككل المجالات والقطاعات التي تملك مشروعًا نهضويًّا وتنمويًّا، ولكن التعليم باعتباره القنطرة المتينة التي تصل بنا إلى آفاق التطور والازدهار والتنمية، يُعتبر حجر الزاوية في بناء الوطن، فالتعليم، بما يُمثله من رافعة قوية لصناعة تنموية شاملة لكل الأمم والشعوب والمجتمعات، لم يعد مجرد عناوين وفرضيات وتجارب، ولكنه أصبح منظومة متكاملة لها أدواتها وآلياتها ومقوماتها التي يُمكن تحديدها وتوجيهها وقياسها، والمدارس المتعددة للتعليم في الدول المتقدمة تؤكد ذلك، بما لا يدعو للشك والقلق والغموض.

وفي مجتمعنا لم تكن المدرسة يومًا في عصرنا الحديث بمعزل عن النقد، إلا أنه غلب على النقد أمران، الأول الجزئية، بحيث لا يعدو النقد أن يتناول موضوعًا واحدًا منفصلًا، ولا يستهدف المدرسة بشكل شمولي، الثاني السطحية، إذ غالبًا ما يكون النقد بشكل سطحي، لا ينفذ إلى عمق المشكلة ويحللها، ويكون أيضًا في غالب الأحوال من غير المختصين، ونتج عن انطباعات تحدث بعد مشكلة طارئة.

وتدلُّ المؤشرات على أنَّ مدارسنا في أزمة، إذ إنّها دون طموح القائمين عليها، وتقصر عن توقعات المستفيدين منها. ولم تستطع التكيف مع كثير من مستجدات العصر ومتطلباته وتحدياته. وتعجز عن حل كثير من مشكلاتها، ويعتبرها أكثر الطلاب مكانًا غير مرغوب، فنحن بحاجة إلى فهم أعمق لنظامنا التعليمي وللمشكلات التي تواجهه، وبحاجة أكثر إلى طرح حلول جديدة وإبداعية لتلك المشكلات.

استجد الكثير في مجالات التربية والتعليم والإدارة، لاسيّما الإدارة التربوية، وفي نواحٍ كثيرة من المجتمع، وهذا يوجب أن تتجاوب معه المدرسة، ومن المنطقي أن تتأثر به. فتكرار أداء العمل بنفس الطريقة سيؤدي حتمًا للنتيجة ذاتها. ومن غير الحكمة الاستمرار في هذه الحلقة إن أردنا الوصول لنتائج مختلفة، بل لابد من تغيير العمل أو تغيير أسلوب أدائه.

مشكلات المنظومة:

كشفت الدراسات، إضافة إلى تقارير الخبراء والمتخصصين، أنَّ نظام التعليم العام في المملكة العربية السعودية يعاني عددًا من المشكلات. وكثير من هذه المشكلات ليست خاصة بالنظام التعليمي في المملكة، إذ إنّها توجد في أكثر الأنظمة التعليمية في العالم، مما يعني أن لها طابعها العالمي، إلا أنَّ هذا لا يعني ألا نجدّ في علاجها بما يتناسب مع ظروف نظامنا التعليمي.

ويمكن تلخيص أهم مشكلات النظام التعليمي في:

  1. عدم وجود رؤية محددة للتعليم، مبنية على إطار نظري واضح، باستثناء الخطوط العريضة والسياسات العامة الواردة في “سياسة التعليم”، فليس هناك رؤية واضحة يتفق عليها المخططون للتعليم توجه المشروعات التطويرية التربوية. ولذلك فمن الصعب التعرف على مسار محدد لتقدم التعليم، بل إن كثيرًا من المشروعات والتوجهات التطويرية تنتج إما ردة فعل أو نتيجة اجتهادات شخصية من قيادات الوزارة؛ ما يسبب تقديم المشاريع دون وجود إطار نظري واضح تعتمد عليه ويربطها بغيرها، فضلًا عن ذوبان هذه المشاريع وتلاشيها التدريجي، وربما انحرافها عن مسارها الأساسي، دون تقويم لنتائج تطبيقها أو تطوير لها.
  2. المناهج ومناسبتها للتقويم، وتقديمها من خلال طرق تدريس مناسبة، وتدريب المعلّمين على تقويم الأداء، ومناسبة المحتوى للطلاب ومتطلبات بناء المجتمع.
  3. تدني تأهيل المعلمين، والذي على الرغم من إقرار درجة البكالوريوس التربوي حدًّا أدنى للتأهل لوظيفة (معلم)، إلا أنه في كثير من الأحيان يتم الاستعانة بالحاصلين على درجة البكالوريوس غير التربوي في بعض التخصصات (مثل اللغة الإنجليزية والفيزياء والرياضيات)، نتيجة لندرة المعلمين في هذه المجالات. كما أنه لا يوجد معيار للاختيار من الحاصلين على البكالوريوس سوى المفاضلة بينهم بناء على معايير يحكمها العرض والطلب. ورغم أن الوزارة أنشأت نظامًا لاختبار كفاءة المعلمين الجدد إلا أن تدني مستوى المعلمين في هذا الاختبار كثيرًا ما يجبر الوزارة على التنازل عن معاييرها والقبول بمعلمين حصلوا على نتائج متدنية في ذلك الاختبار.
  4. المبنى المدرسي، فنتيجة للزيادة المتسارعة في النمو السكاني والتوسع الجغرافي، ونقص التخطيط المسبق، اضطرت الوزارة في العقود المتأخرة إلى استئجار مبانٍ سكنية واتخاذها مدارس، مع ما فيها من النقص الواضح في المرافق التربوية من ملاعب وصالات ونحوها، كذلك عدم مناسبة فصولها وتجهيزاتها للأداء التربوي، وهذا ما أسهم في إفشال كثير من الأنشطة التربوية سواء على مستوى الطلاب أو مستوى المدرسة أو أنشطة النمو المهني للمعلمين. كما أن تلك المباني أدت إلى ازدحام الطلاب بالفصول. كما أنَّ (مخططات) المدارس الحكومية رغم أنها أفضل بكثير من المدارس المستأجرة، إلا أنها تفشل في كثير من الأحيان في الإسهام في إيجاد بيئة تربوية جاذبة داخل المدرسة.
  5. زيادة عدد الطلاب في الفصول، والذي يأتي على الرغم من أنَّ النسب الإجمالية لعدد الطلاب في الفصول ونسبة عدد الطلاب للمعلين متدنية، حيث يبلغ متوسط عدد الطلاب في الفصول 25 طالبًا، ونسبة الطلاب للمعلمين معلم لكل عشرة طلاب، إلا أن كثيرًا من المدارس، لاسيّما في المرحلة الثانوية داخل المدن تعاني من ارتفاع أعداد الطلاب داخل الفصول، وكذلك من صغر حجم الفصول.
  6. النظام الإداري للمدرسة، إذ يغلب على إدارة المدرسة الطابع الإداري البيروقراطي الرتيب، الذي يقتصر في كثير من الأحيان على تنفيذ التعليمات بأقل قدر من الكفاءة. فالصلاحيات تكاد تكون معدومة لدى مدير المدرسة، ويقتصر دوره في كثير من الأحيان على تسيير الأمور اليومية الروتينية في المدرسة. وهذا الوضع جعل مدير المدرسة مهددًا دائمًا بالمحاسبة لمخالفة النظام، وبالتالي إعادته معلمًا كما كان. كما تشير كثير من الدراسات إلى عدم فعالية النظام الإشرافي، بوضعه التقليدي الذي يركز على الزيارات المتباعدة غير فاعل في تطوير أداء المعلمين ولا أداء المدارس.
  7. عدم وجود آلية لقياس ناتج التعليم، فليس هناك آلية واضحة لمعرفة مدى تحقيق النظام التعليمي لأهدافه، سواء على المستوى المدرسي أو على مستوى المجتمع. فلا يوجد اختبارات مقننة معتمدة يمكن من خلالها الحكم على أداء المدارس، ولا توجد عمليات مقايسة خارجية “benchmarking” مع دول أخرى، للتعرف على المستوى الفعلي لطلاب المدارس السعودية.