العنوسة .. آلام مكبوتة وأحلام حبيسة اليأس

السبت ٢٨ أكتوبر ٢٠١٧ الساعة ١٠:٣٦ مساءً
العنوسة .. آلام مكبوتة وأحلام حبيسة اليأس

في عالم العنوسة.. آلام مكبوتة لا تجد الدواء، وأحلام باتت حبيسة اليأس والإحباطات شبه المتتالية، ففوات قطار الزواج يُفرز تأثيرات نفسية واجتماعية وثقافية خطيرة، تجعل الفتيات كالطيور بلا أجنحة، وتوجِب التحرك لعلاج هذه الظاهرة، التي تهدد الأسَر وكامل المجتمع وكذلك الاقتصاد الوطني.

بداية ناقوس خطر العنوسة بالمملكة دقت مع انتشار واسع لإحصاءات صدرت عن وزارة التخطيط عام 2010م، كشفت عن وصول عدد العوانس اللاتي بلغن سن الزواج إلى 1.5 مليون فتاة سعودية؛ مما أثار ضجة في المملكة بشأن مستقبل هذه النسبة وتأثيراتها على هذه الفتيات وأسرهن ومحيطهن الاجتماعي.

وبلغت المخاوف من العنوسة ذروتها مع انتشار دراسة جديدة أعدها أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود الدكتور عبدالله الفوزان، حيث حذرت دراسته من احتمال ارتفاع عدد العانسات السعوديات من مليون ونصف المليون عانس في 2010 إلى أربعة ملايين في 2015، حتى ظهرت دراسة جديدة لعضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية الدكتور علي الزهراني بالتضامن مع جمعية أسرتي، أشارت إلى ارتفاع نسبة العنوسة في المملكة إلى 4 ملايين فتاة سعودية.

وبدورها تدخلت الهيئة العامة للإحصاء في نوفمبر 2016م، لإيضاح بعض الأمور المتعلقة بالعنوسة وأرقامها بالمملكة؛ فأبانت في تقرير مفصل أن سن العنوسة بالسعودية يبدأ بعد عمر الـ32 سنة، مشيرة إلى أن عدد الإناث اللاتي تزوجن عند أعمار أقل من أو تساوي 32 سنة جاء بنسبة 97.2%، بينما جاءت نسبة الإناث السعوديات اللاتي قد تزوجن عند أعمار تزيد عن 32 سنة هي 2.8%.

(وبذلك تتحدد نسبة العنوسة بعاملَين، الأول العانس تحديدًا، وهي التي تخطى عمرها 32 عامًا دون زواج، والعانس طبقًا لنظرة المجتمع والتي يقل عمرها عن 32 عامًا ويعتبرها البعض أنها قد انضمت للعنوسة مثل اللاتي بأعمار من 25 حتى 32 سنة)، فتختلف هنا الإحصائيات على النحو التالي:

  • نسبة الإناث السعوديات من إجمالي السكان السعوديين: 01%.
  • عدد الإناث السعوديات اللاتي بلغن (15 سنة) وأكثر واللاتي لم يسبق لهن الزواج في المملكة هي: (2.261.946) أنثى سعودية.
  • نسبة الإناث السعوديات اللاتي بلغن (15 سنة) وأكثر من إجمالي السكان السعوديين: 12%.
  • نسبة الإناث السعوديات اللاتي تزوجنَّ عند أعمار أقل من أو تساوي (32) سنة هي 2%.
  • نسبة الإناث السعوديات اللاتي قد تزوجن عند أعمار تزيد عن (32) سنة هي 2.8%.
  • نسبة العنوسة بين السعوديات هي 10.07% (بين كل 10 من الإناث السعوديات اللاتي بلغن 15 سنة وأكثر هناك واحدة يمكن أن توصف أنها بلغت سن العنوسة).

وبذلك تكون نسبة (العوانس بصفة رسمية) من السعوديات هي 227.860 أنثى سعودية تجاوزت عمر 32 سنة ولم تتزوج، وتزيد هذه النسبة في حالة إدراج الأعمار الأقل ضمن العوانس، ما بين 25 حتى 32 سنة.

تأثيرات العنوسة:

تؤدي العنوسة إلى عدد من التأثيرات السلبية الخطيرة، فمن الناحية النفسية:

  • تؤدي للشعور بالحرمان؛ نتيجة عدم الالتقاء بشريك الحياة أسوة ببقية النساء؛ ما يجعلها تنظر للمجتمع من خلال نظرة حسد وحقد وتعبر عن رأيها بسلوك عصبي وعدواني.
  • العزلة والانطوائية، حيث تهرب الفتاة من نظرات الناس ومحاولة البعض تمني الزواج لها بصفة مستمرة تتردد على مسامعها، بما يدفعها لتفضيل الانعزال.
  • حرمان الإشباع الفطري عن الفتاة، لاسيما حاجتها للشعور بالأمومة والسعادة الزوجية.
  • انهيار التوازن النفسي، بسبب السلوك المتناقض في التعاملات مع الآخر، نتيجة الضغوط النفسية المتتالية.

كما تؤدي العنوسة إلى آثار اجتماعية سلبية، وأبرزها التسرع في الزواج والقبول بأي شخص دون معرفته، والتعرض للزواج العرفي والزواج غير المكتمل أو المنقوص.

وتؤدي ظاهرة العنوسة أيضًا إلى تداعيات أخلاقية سلبية، منها الانسلاخ من الأخلاق في بعض الأحيان مع غياب الوازع الديني، والتفكير في التبرج، وتصل في حالات أخرى إلى التورط في بعض أمور العنف.

أما من الناحية الصحية، قد تتسبب العنوسة في آلام نفسية وتوترات عصبية، تؤدي إلى أمراض ضغط الدم والقولون والمعدة وثوران المزاج وغيرها.

أبرز أسباب العنوسة:

أوضح مختصون عددًا من الأسباب المباشرة وغير المباشرة لتفاقم العنوسة بالمملكة كما يلي:

  • المغالاة في المهور وتكاليف الزواج؛ مما يثير الخوف والقلق والعجز لدى بعض الشباب من الإقدام على خطوة الزواج، وتحديدًا الزواج من فتاة بعينها تفوقه نسبًا.
  • عدم تكافؤ النسب بين الشاب والفتاة كعادات منتشرة.
  • زيادة نسبة الزواج من غير السعوديات.
  • السمنة المفرطة لدى بعض الفتيات ممن يتجاهلن ممارسة الرياضة.
  • انخفاض مستوى جمال بعض الفتيات من ناحية المظهر العام.
  • استقلالية المرأة وقوة شخصيتها.
  • تمسك بعض الفتيات اللاتي يتمتعن بمستوى تعليمي عالٍ بمن هو على مستوى تعليمها.
  • الوساوس القهرية.
  • التسلط وحب السيطرة عند بعض الفتيات، إضافة لتفضيل بعضهن الحياة بدون زواج.
  • الجانب المالي.
  • اختلاف مفاهيم الزواج والأسرة.
  • وسائل التواصل الاجتماعي.
  • انخفاض مستوى الدخل عند البعض.

حلول مقترحة:

  • اقترح المختصون عمل ورش لتنظيم عمل الخطابين، وتنشيط دور الوالدين في الخطبة؛ لضمان تيسير الزواج للفتيات، وأيضًا الحفاظ على بناء سليم للأسرة.
  • الرجوع للجهات الرسمية المختصة بأمور الزواج وكذلك مراكز التوفيق.
  • تثقيف الخاطبين والخاطبات بمستوى مرتفع من الوعي.
  • نشر ثقافة الزواج حصن وعفاف ومطلب نفسي مُلح.
  • تشجيع الشباب على العمل وتخصيص رواتب مجزية لهم.
  • دعم جمعيات الزواج باحتياجاتها اللازمة للمساهمة في الحد من العنوسة.