لقاء العمالقة في موسكو .. منعطف تاريخي في مسار التعاون العسكري والاقتصادي

تطلّعات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، للسلام العالمي، ولقاء العمالقة في موسكو، يفتحان أبواب الدبلوماسية السعودية الجديدة، نحو الأفق الرحب، ليس في إطار تعزيز العلاقات والتعاون الثنائي وحده، بل تتعداها إلى القضايا الإقليمية والدولية، ومساعي المملكة العربية السعودية، إلى تنفيذ رؤية 2030، لا سيّما في مجال تنويع مصادر الدخل، والتسليح العسكري السعودي.

منعطف أساسي في تشكيل خارطة العلاقة السعودية الروسية:

قد يهمّك أيضاً

اعتقال 4 مشتبهين بالتخطيط لهجوم إرهابي في فرنسا

تفاصيل التحقيقات حول سبب قيام طالب بـ”البصق” في وجه أستاذه

واستبق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لقاءه الملك سلمان، الذي وصل الأربعاء 4 تشرين الأول/أكتوبر الجاري إلى موسكو في زيارة تاريخية، بتأكيد الأهمية التي توليها روسيا للعلاقات مع المملكة. كما مهّد الكرملين للمحادثات بالتأكيد أنَّ الزيارة تشكل منعطفاً أساسياً لتطوير التعاون، وأفاد بأنَّ “المناقشات ستشمل كل نواحي التعاون بين البلدين، والمسائل الدولية الأكثر إلحاحاً، مع توجيه اهتمام خاص للأوضاع في الشرق الأوسط، وسبل تسوية الأزمات في المنطقة”، معلنًا عن مناقشة التعاون العسكري بين البلدين أيضًا.

مسارات اقتصادية وعسكرية مرتقبة:

وينتظر المراقبون أن تتمخّض زيارة الملك سلمان إلى العاصمة الروسية موسكو، عن الكثير من المكتسبات للبلدين، بتطوير في أفق العلاقات السعودية – الروسية في هذه الزيارة التاريخية، لا سيّما إذابة جمود العديد من الملفات السياسية، والتوسع في توقيع اتفاقات تقارب على مسارات اقتصادية وعسكرية.

وأسفر تطوّر العلاقات العسكرية بين البلدين، في الأعوام الماضية، عن عقد صفقات أسلحة بمليارات الدولارات، حصلت الرياض على بعضها بالفعل من موسكو، فيما يتوقع أن يتم خلال الزيارة المرتقبة توقيع عدد من الاتفاقات الجديدة، التي قد ترى النور في الأسابيع أو الأشهر المقبلة.

تاريخ التعاون العسكري بين البلدين:

وقَّعت روسيا والسعودية، في عام 2008، اتفاقية حول التعاون العسكري التقني بين البلدين. وجاء ذلك خلال مباحثات الأمير بندر بن سلطان رئيس المخابرات السعودية سابقًا مع القيادة الروسية في 14 تموز/يوليو، بموسكو.

وفي آذار/مارس الماضي، ذكرت شركة “روستيخ” العسكرية أن السعودية أبدت اهتمامًا كبيرًا بشراء دبابات “تي-90 إم إس” روسية الصنع، إضافة إلى أسلحة خفيفة ومنظومات صاروخية ومدفعية ومروحيات، موضحة أنَّ السعودية أبدت اهتمامها بشراء دبابات “تي-90 إم إس” خلال المعرض الدولي الـ13 للأسلحة “IDEX 2017″، الذي أقيم في أبوظبي.

وفي تموز/يوليو 2017، أبرمت السعودية اتفاقًا أوليًّا مع روسيا في مجال التعاون العسكري التقني بقيمة 3.5 مليار دولار، لكن الرياض وضعت شروطًا عدة لتنفيذه، إذ أوضح سيرجي تشيميزوف، رئيس مؤسسة “روستيخ” المتخصصة في تصنيع وتصدير المنتجات ذات التقنيات العالية، بما فيها العسكرية، أنّه “في إطار الجولة الجديدة من المحادثات عقدنا اتفاقًا أوليًّا بقيمة 3.5 مليار دولار، لكنّ السعوديين اشترطوا بدء سريان مفعوله بتقديمنا لهم جزءًا من التقنيات والشروع في التصنيع على أراضي السعودية”.

وأشار تشيميزوف إلى أنّه “نحن الآن بصدد التفكير فيما يمكن أن نقترح عليهم. وأبسط حل هو إنشاء مصنع لإنتاج الأسلحة الخفيفة، بندقية كلاشينكوف مثلاً”، مبيّنًا أنَّ “الجانب الروسي كان قد وقع مع السعودية قبل خمسة أعوام عقودًا، قيمتها 20 مليار دولار، لكن تنفيذها تعثر”.

توقّعات كبرى من الحدث التاريخي:

ورجّح المراقبون، أن يثمر الحدث التاريخي، نجاح السعودية في عقد صفقات عسكرية، وحصول موسكو على امتيازات عديدة بالمقابل، وهي أمور ربما تسير بالتوازي مع مدى ما يتم تحقيقه من تقدم في الملفات السياسية المتعلقة بالسلام في الشرق الأوسط، لافتين إلى أنَّ المملكة وروسيا، وقّعتا ست اتفاقيات استراتيجية في العام الجاري، أبرزها اتفاقية تعاون في مجال الطاقة النووية، وتفعيل اللجنة المشتركة للتعاون العسكري والتعاون في مجال الفضاء، خلال زيارة ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان إلى روسيا في أيار/مايو 2017.

موسكو تبحث مجالات التعاون العسكري التقني بجدّية:

وكشفت المتحدثة الرسمية لمؤسسة الصناعات العسكرية الروسية ماريا فوراييفنا، في تصريح صحافي، أنَّ “موسكو مستمرة في مشاوراتها مع القيادة السعودية في مجال التعاون العسكري والتقني، فيما أعلنت الشركة الروسية “روستيخ”، على لسان رئيسها سيرجي جيموندوف، أنَّ “لدى الجانب السعودي الرغبة في الحصول على قطع المدفعية الخفيفة وطائرات مروحية، ودبابات من نوع ت 90 إم إس، المخصصة للتصدير لبلدان الشرق الأوسط”.

ويصبُّ هذا التعاون في مصلحة تنفيذ رؤية المملكة 2030، التي تضمّنت في بنودها تنويع مصادر التسليح السعودي، وتوطين الصناعات العسكرية، لا سيّما لما توليه المملكة من أهمّية لهذا المجال، وما تنفقه بغية حماية أمنها الداخلي، وحدودها الشاسعة.