لن يرضَوا عنك أبد الدهر!

الأربعاء ٢٢ نوفمبر ٢٠١٧ الساعة ١٠:٠٨ مساءً
لن يرضَوا عنك أبد الدهر!

كان رهن إشارة صديقه في كل ما يحتاج له من خدمة وحاجة، ولم يكن يقصر معه في أمر ما، في كل حين ووقت، وبأي حال كان عليها. كان شاقًّا عليه أن يرفض له طلبًا في استطاعته تنفيذه، حتى ولو لم يكن باستطاعته سعى جاهدًا في البحث عمن يمكنه القيام بذلك، وإذا أُوصدت الأبواب في وجهه يجد حرجًا من نفسه بعدم قدرته على خدمة صاحبهـ وكيف يقول له بأن الأمر فوق طاقتي فهي ثقيلة على نفسه! بل وصل به الحال بأن يقدمه على نفسه وصحته ووقته فهو قد جعل من رغبات نفسه ثانيًا.

ومع كل ما يقدمه ويفعله إلا أنه كان في كثير من الأحيان لا يُرد له جميل صنيعه، ولو (بكلمة شكرًا)، بل وصل الأمر إلى عدم التقدير والثناء على ما يقدم ولا يجد من فعله الحسن إلا التسخط وعدم الرضا من صديقه!

بتداول الأيام وتعاقب الزمان ضاقت به الأرض ذرعًا من ذلك الجحود وعدم التقدير؛ أيستمر على ما هو عليه وهو مذموم مجحود؟! أم يجعل لعلاقته معه نهاية وحدًّا؟!

إن هذا النوع من الأشخاص والذين لا يعجبهم شيء فعدم الرضا عن ما يقدمه الغير لهم خصلة وصفة ذميمة يحملونها في داخلهم ومنبع ذلك من رغبتهم في استهلاك من حولهم، وبأن يستمروا لاهثين وباحثين عن سعادتهم، وقد يكون لظروف تربيتهم وبيئتهم والتي كانت محاطة بالسلبية وانعدام أسلوب الثناء والشكر فتربوا ونشأوا على ذلك، بحيث يأتي دورهم مع مرور الزمن ليمارسوه على غيرهم. وأيضًا شعورهم بعدم الرضا يعطي إيحاء لمن قدم لهم بالتقصير حتى لا ينتابهم إحساس بالتفضل عليهم. أو من مبدأ أن خدمة الناس لنا حق مشروع لا يستوجب رده بالجميل من الكلام أو الأفعال! وعدم احترام الذات والنفس وقلة الذوق والأدب يقودهم لمثل هذا التصرف المشين. فالشكر والثناء لا يكلف المرء شيئًا بل إنه يؤجر على ذلك؛ لأنه يزيد من المحبة والتعاون بين الناس ولكنها كبيرة على أنفسهم!

وحتى لا يقع الفرد بمثل موقف صديقنا عليه أن يضع إطارًا محددًا وواضحًا في تعاونه مع الآخرين سواء على مستوى أصدقائه أو زملائه في العمل أو في محيط حياته لا يقفل باب الخير على نفسه ولا يتركه مشرعًا على مصراعيه. بل يقدم ويبذل لمن يأتيه في مسألته ويقضيها له، ولكن لا يكون ذلك على إطلاقه وبشكل مستمر وعلى حساب حياته ونفسه. فالنفس لا تحتمل ذلك حتى ولو كانت تلك التضحيات والخدمات عن رضا وطيب نفس فحتمًا سيأتي يوم وسيشعر الفرد بأنه قد قدم ما يفوق طاقته وأضاع عمره وأفناه للناس ونسي رغباته ورغبات من حوله. فأنت لم يخلقك الله عز وجل لتقضي مصالح الناس فقط دون نفسك، وخاصة مع أولئك الجاحدين الناكرين ذوي النفوس الدنيئة.

وختامًا، قال أحدهم مقولة نُحتت على أحجار التاريخ:

رضا الله غاية لا تُترك، ورضا الناس غاية لا تُدْرك! فلا تَترك ما لا يُترك، لتدرك ما لا يُدرك.

 

كاتب ومهتم بتنمية وتطوير الشخصية.

@TurkiAldawesh

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

  • هياء بنت عبدالله سيف الدوسري

    فعلا رضا الله غاية لا تترك..
    ورضا الناس غاية لاتدرك.
    والافضل لانلتفت لارضاء النااس لان الناس دائما يمشوا وراء المصلحة ليرضوا انفسهم .