الجدّية في تطلّعات سلمان الحزم وتحرّكات محمد العزم عنوان السعودية الجديدة

الإثنين ٦ نوفمبر ٢٠١٧ الساعة ٨:٤٨ صباحاً
الجدّية في تطلّعات سلمان الحزم وتحرّكات محمد العزم عنوان السعودية الجديدة

ليست ليلة طويلة وحسب، بل هو يوم الخزي في الحياة الدنيا لمن عاث في الأرض فسادًا، ليلة هي الأكثر تأثيرًا في تاريخ المملكة العربية السعودية، لاسيّما على مستوى قياس التجديد والعدالة والتغيير، إذ أعلنت منهجيّتها في التعاطي مع الفساد، واتخذت خطوة جادة، لا تشبه كل التدابير التخديرية السابقة، التي كانت تحاول التصدّي للفساد المتجذّر، جراء ارتباطه بشخصيات حكومية ، “المواطن” تستشرف السعودية الجديدة، في عهد ملك الحزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد أمير العزم، الأمير محمد بن سلمان.

محمد بن سلمان يسابق الزمن:

منذ أعلن الأمير محمد بن سلمان، عن رؤية المملكة 2030، التي شملت الإصلاحات الاقتصادية، وكل شيء يتغيّر بسرعة كبيرة، فالملك سلمان، أطلق عاصفة الحزم في الداخل والخارج، لتنعكس تجربته الإدارية الصارمة في قيادة الدولة، وتعديل مسار السياسة الخارجية والتحالفات الدولية، والإصلاحات التنموية والمجتمعية، التي كانت تحتاج إلى إرادة سياسية قويّة، تتفهم الاحتياج المرحلي، وتراعي الحقوق الفردية للجنسين، وتعمل على إرساء العدل والمساواة، وتوفير البيئة الجاذبة للاستثمار والتنمية.

وجاء تشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد، برئاسة ولي العهد، وعضوية كلٍّ من: رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ورئيس ديوان المراقبة العامة، والنائب العام، ورئيس أمن الدولة، ليضع الرحلة على مسار اللاعودة، من العمل على مكافحة الفساد، الذي يعقبه التفرغ للتطوير الاقتصادي والبناء الإنساني.

السعودية الجديدة، التي يحلم بها الأمير محمد بن سلمان، ومعه كل الشعب السعودي، هي التي تمّت محاربتها من مستفيدين متنوعين، اختلفوا بطرائق معاداة التجديد، واتفقوا على الفساد، واختاروا منافذ عدة للتشكيك وبث ثقافة الإحباط، وفي كل مرة يحاولون العبث؛ تكون ردة الفعل حادة، مباشرة ومؤثرة، والأهم تجد قبولًا وتأييدًا ومباركة شعبية، فإنَّ أهم ما يرمي إليه الأمير، هو العمل على تكافؤ الفرص، والشعور بالرضا لدى الجميع، وهدم كل الاعتبارات غير العادلة، التي صنعت طبقية مجتمعية في أوقات ماضية، ومكَّنت البعض من الثراء الفاحش بطريق غير مشروعة، وسهلت لمتنفذين يعملون معهم الاستيلاء على الأموال والأراضي والوظائف النوعية، الأمر الذي دفع الأمير الشاب إلى مسابقة الزمن، بغية تحقيق أهداف الرؤية، وإنهاء كل ما وقف عائقًا في طريقها.

الجدّية والشفافية عنوان السعودية الحديثة:

وتميّزت الحكومة الجديدة بالمراجعة الدائمة للقرارات، والتراجع عمَّا يثبت عدم صحته، أو تغير ظروفه، فضلًا عن محاكمة وزراء ورجال أعمال تورطوا في قضايا مشبوهة. كما أنها تعترف بالأخطاء وتعمل على حلها وتتجاوزها، بعيدًا عن سياسة الصمت أو الهرب، وما حدث من تشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد، وإيقاف عدد من المتنفذين، لهو شرح للمنهجية التي تعمل عليها الرياض، إذ إنّها للمرة الأولى تعلن عن تورط هذا العدد الكبير من المسؤولين في قضايا فساد، أمراء ، ووزراء حاليين وسابقين، ورؤساء هيئات وشركات ومستشارين، في سابقة تقول للعالم الخارجي، قبل مجتمعنا الداخلي، إننا في مرحلة لا تتناغم مع أي مداهنة، شعارها “لن ينجو أي شخص تورط في قضايا فساد”.

ويرفع هذا السقف من الشفافية، والمستوى العالي من المكافحة للفساد، بتطلعات المحاسبة والمتابعة، الأمر الذي سيرسي قواعد جديدة في ملفات النزاهة، ويشجع على التكاتف الحكومي الشعبي؛ ولهذا ينتظر الناس معرفة قضايا المتورطين، وطرائق الفساد، بأرقام المبالغ الواجب استردادها، وكيفية صرفها أو إعادة تدويرها في الميزانية الحكومية، أو في بعض المشاريع الخاصة.

محمد بن سلمان يدرك التحدّيات ويتعاطى معها وفق ما تقتضيه مرحلة العزم:

كانت المآخذ على الحكومة، خارجيًّا، وحتى داخليًّا أحيانًا، تتلخّص في ثلاثة ملفات، هي: اتهامات دعم الإرهاب، وتفشي الفساد، وضعف تمكين المرأة.

ولأنَّ الأمير محمد بن سلمان- أيّده الله- أدرك هذه التحديات مبكرًا، عمل بشكل جاد ولافت على إصلاحها، إذ قرّرت أن تقوض الرياض، دور التشدد ، وإعادة منهجية عمل الكثير من الإجراءات بالتوازي، بعدما أعادت النظر في المناهج التعليمية، وتحكّمت تمامًا في عمليات التدفق المالي والعمليات المصرفية، وتأكّدت من نشاط الجمعيات والهيئات الخيرية. كما ساهمت في بناء وقيادة مركز محاربة التطرف (اعتدال)، وعملت مع كثير من الحلفاء على تبادل قوائم الإرهابيين والمتطرفين، فضلًا عن تبادل المعلومات الاستخباراتية، التي أنقذت مئات الأشخاص في دول عدة، منها الولايات المتّحدة الأميركية، وإنكلترا وغيرها من الدول.

وفي ملف المرأة، صار العام 2017 هو عام تمكين المرأة، إذ ظفرت بالعديد من الحقوق المعطلة والمؤجلة، منها الأمر الملكي بعدم طلب موافقات ولي الأمر في إجراء لا يوجد ما ينص على مثل هذا الطلب، والسماح للنساء بقيادة السيارة، ودخول الملاعب الرياضية، وتولي المناصب القيادية.

أمّا مكافحة الفساد، وهو المعوّق الأول للاستثمار الخارجي، فضلًا عن كونه سببًا من أسباب تأخّر عملية التنمية، والاستيلاء على حقوق الدولة والمواطنين، في جرم محرّمٌ دينيًّا ومجرّمٌ قضائيًّا؛ لذا صارت مكافحته مطلبًا لتحقيق العدالة الاجتماعية، وتسريع وتيرة الإصلاح، الأمر الذي يساعد على حفظ الأنفس، وحماية الممتلكات الخاصة والعامة، ووقاية المجتمع من المخاطر والكوارث الناتجة عن الفساد في تنفيذ المشاريع، على غرار ما حدث في كارثة سيول جدة، على سبيل المثال لا الحصر.

حماية المال العام:

ومن مخرجات مكافحة الفساد، نجد أنَّ الأمير محمد بن سلمان يسعى إلى حماية المال العام من الهدر، فضلًا عن إعطاء الفرصة للاستثمار الأمثل للموارد المتاحة، بأفضل المواصفات وأقلّ التكاليف، فهي تُرسي الثقة في الاستثمار داخل المملكة، وتُعزز فرص النمو الاقتصادي. كما تقضي على المبالغة في تكاليف المشاريع فوق ما تستحق، وتتيح المجال لاستكمال مشاريع الدولة القائمة والمستجدة، بغية خدمة الوطن والمواطن في وقت قصير وكفاءة عالية.

كما تساهم مكافحة الفساد، في إبراز الكفاءات من الأفراد والشركات لتنفيذ مشاريع الدولة، بعيدًا عن المحسوبية، ما يدعم ثقة المجتمع بالدولة وبأنظمتها، ويرفع معايير الجودة في العمل والإنتاج، بما يبلور منظومة العمل في الجودة والإتقان والكفاءة، ويساعد في القضاء على الإحباط ومعالجة تدني الشعور بالمسؤولية.