خطاب السعودية الشجاع في مواجهة إرهاب إيران يغيّر وجه العالم ويدفعه إلى لجم نظام الملالي

الجمعة ١٠ نوفمبر ٢٠١٧ الساعة ١١:٢٤ مساءً
خطاب السعودية الشجاع في مواجهة إرهاب إيران يغيّر وجه العالم ويدفعه إلى لجم نظام الملالي

بخطاب شجاع، تقود السعودية تيارًا جديدًا في المنطقة والعالم الإسلامي، يمكن أن نعلق عليه الأمل في الخروج من زمن التطرف الذي يهدّد العالم منذ العام 1979، عند قيام جمهورية إيران “الإسلامية” المزعومة، فالهدف ليس تخليص الناس من التطرف والمتطرفين، بل أيضًا بناء مستقبل واعد لأبنائهم وبناتهم، بروح التغيير الإيجابية التي تمهّد الطريق.

محطّتان تكشفان عن وجه الشرق الأوسط الجديد:

الإعلان عن مشروع نيوم الواعد، ومن بعده الموقف الحازم، الذي اتّخذه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، باعتبار صواريخ الحوثي التي تستهدف الرياض ومكة المكرّمة، اعتداءً إيرانيًّا وعملًا عدوانيًّا ضد المملكة، يعتبران محطّتين أساسيّتين في الشرق الأوسط الجديد، يحدّدان ملامح المنطقة، يعيدان للإنسان دوره في البناء والتنمية المحلّية والعالمية.

حديث الرياض اليوم، هو حديث عن الحياة وليس عن الموت، عن المستقبل لا عن الماضي، يجعل المملكة بوابة التغيير للجميع، والمتحدث هو ولي العهد، وعلى الرغم من أنَّ حديثه عن المملكة العربية السعودية وعن مجتمعها، فإنَّ موضوعه عن مواجهة التطرف، والعودة للإسلام الوسطي، يفترض أن يكون مشروع الجميع، دول المنطقة ومعها المجتمع الدولي.

المستقبل مفتاح محمد بن سلمان للخروج من الماضي المتطرف:

الأمير محمد بن سلمان يتحدث اليوم عن بناء المستقبل، على أنه خير وسيلة للخروج من الماضي الذي يلاحقنا ويحاصرنا جميعًا. يرى أنَّ التطور يتطلب التحول، والذي يُتطلب لعلاجها، الاعتراف أولًا بالمشكلة، والشجاعة في التعامل معها. الأمر الذي يدفعه أن يكون واضحًا وصريحًا وشجاعًا في حديثه للعالم، عن العودة للمجتمع السعودي الذي كان عليه الآباء في الماضي، متدينًا بلا تطرف ومتسامحًا مع من حوله.

ومن إرث الماضي القريب، توجد مشكلة الوقت الحاضر، وعنها تحدث وفاتح الحضور دون حرج أو مداراة ومواربة، بأنَّ المتطرفين فرضوا آراءهم على المجتمع بعد عام 1979، وتحديدًا بعد ثورة الخميني التي فتحت باب المزايدات على الغلو والتطرف، والمزيد من التطرف، متعهدًا بأنه “حان الوقت لمحاربة الفكر المتطرف وتدميره”، المقولة التي رددت صداها المملكة، واختار لها مناسبة مهمة، حيث كان ولي العهد يقدم أحد مشروعات السعودية المستقبلية للمستثمرين وللعالم، ويشرح خطته التطويرية للأجيال الشابة.

وبرهن ولي العهد، على أنه يفي بكلامه، بخطى صعبة مشاها، طرح خلالها كثيرًا من الوعود ومبادرات الانفتاح التي برهنت لمواطنيه، وللعالم أيضًا، أنه يعني ما يقول، وأنَّ بلاده تقود حملة تنظيف من الفكر المتطرف ومن المتطرفين، أصدرت قرارات وعدلت قوانين. وما الخلاف الذي نشب مع الجارة الشقيقة قطر إلا جزء من سياسته.

شرعية وشجاعة ورؤية محمد بن سلمان في مواجهة تخريب طهران الفكري:

أهمّية ما تحدث به الأمير محمد بن سلمان، تنبع من أهمية المملكة العربية السعودية بصفتها دولة قائدة لأكثر من مليار مسلم في أنحاء العالم. وما يمتلكه الأمير محمد بن سلمان، من الشرعية، والرؤية، والشجاعة، يجعله قادرًا على قيادة قاطرة التغيير، وإنقاذ المجتمعات الإسلامية في أنحاء العالم مما لحق بها من تخريب فكري طالها منذ عام 1979، فالسعودية هي المرجع الروحي للمسلمين.

وتبنّت المملكة، موقفًا واضحًا، أنها لا تريد علاقة مع حكومة قطر إن استمرت تموّل الجماعات المتطرفة على أراضيها، وتدعمهم إعلاميًّا وتحتضن الهاربين منهم.

وخطاب السعودية ضد التطرف، التسامح فيه صفر؛ إذ لم يعد يتهاون مع الأفراد، ولا مع المؤسسات الرسمية أو الخاصة، التي تبث الإسلام الراديكالي اجتماعيًّا، وسياسيًّا. كما اتخذت الحكومة عشرات البرامج الانفتاحيّة التي فاجأت العالم، بعدما كان يظنُّ أنّها مستحيلة في الظروف السياسية القائمة.

ووجود إيران، على رأس القائمة السعودية لمحاربة التطرف والإرهاب، لا يأتي من فراغ. كلنا نفهم إيران، النظام الطموح للهيمنة والنفوذ، لكننا في الحقيقة لا نعرفه جيدًا. عنده الغاية تبرر الوسيلة، من بيع السجائر إلى تزوير العملات، والمتاجرة بالمخدرات، وغسل الأموال. جمع وتوجيه أموال الخُمس  لأغراض حربية، وتأسيس شبكات معقدة من الشركات في إفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا، من إرسال رجال الدين المحملين بطلب الولاءات إلى مدربي القتال على السلاح. هذه نشاطات الإمبراطورية الإيرانية التي لا تظهر على السطح، وتحاول تسخير كل ما تضع يدها عليه لخدمة غاياتها. وهي من خلال الخلايا، وشبكات التهريب السرية، بنت مشروعها النووي ولا تزال تفعل.

حروب بالنيابة عن طهران ينفّذها المرتزقة:

ولا تحارب طهران بنفسها، على الرغم من أنَّ بث النزاعات هوايتها الرسمية. فآخر حرب خاضتها القوات المسلحة الإيرانية كانت أمام العراق، وانتهت عام 1988. في تلك الحرب، رمى النظام الجديد بما تبقى من قوات الشاه المهزومة للتخلص منها. وبعد الثورة صار الجيش النظامي الإيراني يقاد من طرف آيات الله المرتابين فيه، الذين لا يعترفون بالرتب العسكرية، ولا يحترمون إلا التراتبية الدينية. بعدها أصبحت كل معارك نظام طهران توكل إلى الخلايا والشبكات والمندسين؛ ومنهم “حزب الله” في لبنان، “حزب الله” العراق، “أنصار الله” (الحوثيين) في اليمن، “الفاطميّون” الأفغان، وعشرات غيرها نشرت في أنحاء المنطقة تحارب من أجل رفعة دولة آية الله.

إيران لم، وربما لن، تخوض مواجهات عسكرية بالبوارج وأسراب المقاتلات، فهي، رغم بنائها، الذي لا يكل، لأسطولها البحري والبري بأفضل الأسلحة، تتحاشى المواجهات الكبرى. ترسل سفنها حاملة السلاح تبحر سرًّا إلى موانئ المناطق المضطربة. كما يتولى جنودها على الأرض حراسة قوافل “فيلق القدس” العابرة لبلاد الرافدين، لتعزيز قدرات الميليشيات الأجنبية التي تقاتل تحت إمرتها هناك، وفي سوريا.

الولايات المتّحدة تتحدى نظام الملالي الإرهابي:

وأعلنت الحكومة الأميركية، في آخر مواقفها الرسمية، أنّها تنوي تنسيق الجهود بين مؤسساتها الرقابية والأمنية، وتستعين بحكومات دول المنطقة المتحالفة معها، للتعرف أكثر على شبكات التهريب والتدريب، وكيف تدير طهران حروبها السرية في أنحاء العالم، مؤكّدة عزمها الكشف عن المعلومات التي بحوزتها في شأن شركات طهران السرية، وفضح المتعاملين معها. والأدلة التي تبرهن على علاقات إيران بتنظيم القاعدة.

علاقة طهران بتنظيم القاعدة والاعتداءات على المملكة:

المفاجآت الغريبة، التي قلبت كثيرًا من مفاهيم المنطقة عن إيران، بدأت تظهر إلى العلن منذ العام 2003. ففي تلك السنة هزت العاصمة السعودية انفجارات من تنفيذ تنظيم “القاعدة” الإرهابي، والتي ظنَّ الجميع أنّها من تنفيذ متطرفين سعوديين، على أرض سعودية، إلا أنَّ الحقيقة كانت أنّهم كانوا مكلّفين من طرف إيران.

تفجير أيار/ مايو 2003، تم بأمر هاتفي من مساعد بن لادن القيادي المصري الهارب سيف العدل، المختبئ مع رفاقه الإرهابيين في ضيافة إيران. وهو نفسه الذي دبّر قتل 18 أميركيًّا في العاصمة الصومالية عام 1993، ويعتقد أن له دورًا في التخطيط لهجمات أيلول/ سبتمبر في الولايات المتحدة.

وقبل تلك الحادثة، لم يخطر ببال أحد أبدًا أن يلتقي العدوّان؛ نظام طهران وتنظيم القاعدة، ويعملان معًا فوق الأرض نفسها وضد الهدف نفسه، بعدها أصبحنا نرى إيران بلد الألغاز، أكثر غموضًا مما كنا نظن ونعتقد. ومعرفتها جيدًا ستتطلب من قوى المنطقة العمل المشترك، من أجل تفكيك ألغازها، والكشف عن شبكات التهريب والتخريب والمعلومات. قبل الانخراط في أي عمل ضده بات التعرف أكثر على النظام الإيراني ضرورة أولى.