يهرف بما لا يفقه ولا يعرف!

الأربعاء ٨ نوفمبر ٢٠١٧ الساعة ١١:١٦ مساءً
يهرف بما لا يفقه ولا يعرف!

استيقظ مع بداية شروق شمس ذلك الصباح بألم في جسده.. تحامل على نفسه على ذلك الألم لعله يكون عابرًا، فيمر مرور الكرام دون الحاجة للطبيب، لم يسكن ألمه حتى مع انتصاف يومه.

التقى بزميل له وكان في حديث معه فطرح عليه ما يؤلمه؛ كنوع من الفضفضة ومشاركة للألم، وأحسبها كذلك، ففاجأه برد نزل عليه كالصاعقة: انتبه ترى ممكن تصاب بالشلل وتكون شخصًا مُقعدا! أعرف قريبًا أصابه شلل رباعي بسبب هذا الألم.

كلمات عنوانها التخويف والترهيب! حتى إن صاحبنا لم يستطيع النهوض من مكانه جراء ما سمعه!

بدأت الأفكار السلبية تقيده وتحيطه من كل جانب، سأصبح مشلولًا!! حياتي انتهت!! وأسئلة كثيرة سلكت هذا الطريق. تردد معها كثيرًا بالذهاب للطبيب؛ فهو لا يريد أن يسمع الأخبار السلبية فقط ينتظر النتائج تحصل بوقتها وكفاه ذلك!

وبعد أن استقرّ روعُه قليلًا وهدأت نفسه قام بمراجعة الدكتور وهو يقدم خطوة ويعود بالأخرى للخلف، فترقب ما سيحدث إنه أمر ثقيل على نفسه، فعقله لا زال يمخض كلام زميله. بعد أن جلس شرح له ما يشتكي وفحصه، وقال له بالعبارة الواحدة: (أنت واضح أنك فاضي وتبي تشغل نفسك معي!!) لست إلا إنسانًا صحيحًا؛ فاقضِ وقتك بالشكر لله؛ فهو أجدى وأنفع من جلوسك في عيادتي.

خرج من عنده وكأن الدنيا قد حيزت له. فلا لوم عليه ولا تثريب. فما قاله الدكتور المختص لا يتوافق ولا بذرة مع ما قاله ذلك الجاهل جهلًا مركبًا.

السعي لإبداء الرأي ومحاولة الحديث وطرح الحلول في غير الاختصاص هي ظاهرة لدى البعض من الناس، وسعيهم بهذا إنما هو محاولة تعويض جوانب القصور في أنفسهم وذواتهم.

فحديثي عن ما أجهله ومغالطة الحقائق في مجلس أكبر من محاولة أن ألتزم بالصمت ويكون منظري أمام الجلوس سلبيًّا! وقد يكون الاعتقاد والظن بأن عدم الحديث هو عيب ونقص في الثقافة والمعلومات.

ولكن يا من أطلقت للسانك العنان للحديث والإفتاء تذكر أنك تسيء لنفسك وتظهر بمظهر غير لائق أمام الناس، حتى ولو لم يكن منهم خوض في نقاش وجدال معك حيال ما قلته وتفوهت به. وبحديثك فيما لا تفقه به قد تضر إنسانًا، فصاحبنا أصابه ما أصابه، وهو ليس فيه كما حكم وقال! ولولا لطف الله- عز وجل- لآلت الأمور لما لا تُحمد عقباها. وبسلوكك لهذا الطريق ومع مرور الزمن ستصبح غير مصدق حديثه حتى ولو كان ما تقوله هو الحق والصواب، فمن هم حولك قد رسموا صورة ذهنية عنك عنوانها (يهرف بما لا يفقه ولا يعرف).

وختامًا: من كمال الثقة بالنفس واحترامها ألا تتحدث في كل موضوع لست مختصًّا فيه؛ فليس من الصحة والمعقول أن تعرف عن كل شيء.

 

* كاتب ومهتم بتنمية وتطوير الشخصية

@TurkiAldawesh

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني