الأحمدي: هذا ربيع السعودية.. خيارنا الأمن والاستقرار والتلاحم والبناء

الأحد ١٧ ديسمبر ٢٠١٧ الساعة ٣:٠٤ مساءً
الأحمدي: هذا ربيع السعودية.. خيارنا الأمن والاستقرار والتلاحم والبناء

أكد الكاتب والإعلامي فهد عامر الأحمدي أن ربيع السعودية يختلف عن الحالة التي عاشتها الكثير من دول المنطقة، فيما يعُرف باسم “ثورات الربيع العربي”، الذي تحول إلى خريف قاسٍ ومظلم، ما زالت تلك الدول تكافح للخروج منه.

وأوضح الأحمدي في مقال له بصحيفة “الرياض” بعنوان “ربيع السعودية” أن الشعب السعودي اختار الحالة البريطانية نحو الانطلاق والتغيير إلى الأفضل والقضاء على الفساد وبناء المجتمع، رافضاً كل الدعوات التي أطلقها بعض المغرر بهم لتكرار حالة الخريف التي شهدتها بعض دول المنطقة، وأحالتها إلى خراب كما في سوريا واليمن.

أكد الأحمدي أن الربيع السعودي حالة فريدة من نوعها، انتفاضة على الفساد وانطلاقة نحو البناء والتغيير، وفي نفس الوقت ضمنت الحفاظ على أمن واستقرار الوطن، والنسيج والتلاحم الاجتماعي.. وإلى نص المقال:

كل هذا يؤكد أفضلية (النموذج البريطاني) في الانتقال نحو مستقبل أفضل.. الشعب السعودي بأكمله يفضل هذا الخيار بدليل عدم انجرافه خلف تداعيات الربيع العربي عام 2011 (الذي فشل حتى في محاكاة النموذج الفرنسي).. رأى فيه عملية هدم لا يعقبها تغيير فلم يشأ نقض غزله من بعد قوة.. صحيح أنه لم يكن راضياً عن أشياء كثيرة في البلاد (كالفساد والمحسوبية وسيطرة الفكر المتشدد) ولكنه اليوم يجد قيادة واعـدة تعمل على تحقيق تطلعاته دون إدخال البلاد في دوامة عنف وفوضى يشاهدها كل يوم على التلفزيون…

خلال آخر عامين فقط قدمنا أنموذجاً لربيع حقيقي أساسه التوافق الجماعي والوعي السياسي والإنجاز الفعلي.. يختلف ربيعنا السعودي عن ربيعنا العربي في أنه لم يزعزع السلم الداخلي ولم تتواجه فيه السلطة مع الشعب – بل على العكس؛ تبنت فيه السلطة مطالب الشعب وتواجهت فيه مع الفساد الأمر الذي يفسر الشعبية الخارقة لولي عهدها الشاب…

… أتمنى أن يدرك الجميع عيشنا هذه الأيام ضمن تغيرات مصيرية تتطلب وعياً وطنياً وتوافقاً

حين زارت رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر فرنسا عام 1989 قال الرئيس الفرنسي ميتران:

“الثورة الفرنسية قدمت للعالم مفهوم الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية”..

وحين أتى الدور على تاتشر قالت:

“ولكن كل هذا تم تحقيقه في بريطانيا دون عـنف أو ضجيج أو حروب نابليونية”…

هذا هو الفرق الذي نريد التحدث عنه اليوم.. تغـيير يعتمد على القوة والعنف (قد ينجح وقد يفشل) وتغيير يعتمد على التوافق الاجتماعي والوعي السياسي (سينجح عاجلاً أو آجلاً)…

لم يحدث في بريطانيا طوال تاريخها أي ثورات (باستثناء الثورة الصناعية التي حولتها لقوة عظمى).. وفي المقابل راجع نتائج الثورة الفرنسية عام 1789 والروسية عام 1917 والصينية عام 1949 لتكتشف أن جميعها تسببت بتمزيق المجتمع وقتل ملايين المدنيين…

الثورات العنيفة تعقبها دائماً حروب أهلية عنيفة بدليل ما يحدث الآن في اليمن وسوريا وليبيا.. ثورات الربيع العربي تسببت بأعمال عـنف واضطرابات ما زالت تعاني منها الشعوب المعنية.. صحيح أنها أزالت الطغاة ولكنها فشلت في تقديم (البـديـل) فمزقت البلاد وخلقت ألف طاغية وأمير حرب..

لا ينكر أحد أن “الثورة الفرنسية” قامت على مطالب الحرية والديمقراطية والمساواة الاجتماعية، ولكن كل هذا أتى بثمن مرتفع وزمن طويل.. حتى فـولتير نفسه (أحد مُنظِّري الثورة الفرنسية) أبدى إعجابه بمستوى التسامح والعدالة الاجتماعية والملكية الدستورية في بريطانيا ونادى بتطبيقها في فرنسا.

وفي عصرنا الحاضر أدركت شعوب كثيرة أن (التغيير النوعي) لا يحتاج للعنف والقوة، بل للحكمة والروية والاتفاق على التغيير ذاته.. النموذج البريطاني الهادئ تكرر أيضاً في ماليزيا وبنما وكوستاريكا وتايوان.. حتى روسيا تخلت بهدوء عن النظام الماركسي العنيد عام 1991 وقدمت لشعبها رفاهية وعدالة اجتماعية لم تحققها ثورة البلاشفة الدموية عام1917…

كل هذا يؤكد أفضلية (النموذج البريطاني) في الانتقال نحو مستقبل أفضل.. الشعب السعودي بأكمله يفضل هذا الخيار بدليل عدم انجرافه خلف تداعيات الربيع العربي عام 2011 (الذي فشل حتى في محاكاة النموذج الفرنسي).. رأى فيه عملية هدم لا يعقبها تغيير فلم يشأ نقض غزله من بعد قوة.. صحيح أنه لم يكن راضياً عن أشياء كثيرة في البلاد (كالفساد والمحسوبية وسيطرة الفكر المتشدد) ولكنه اليوم يجد قيادة واعـدة تعمل على تحقيق تطلعاته دون إدخال البلاد في دوامة عنف وفوضى يشاهدها كل يوم على التلفزيون…

خلال آخر عامين فقط قدمنا أنموذجاً لربيع حقيقي أساسه التوافق الجماعي والوعي السياسي والإنجاز الفعلي.. يختلف ربيعنا السعودي عن ربيعنا العربي في أنه لم يزعزع السلم الداخلي ولم تتواجه فيه السلطة مع الشعب – بل على العكس؛ تبنت فيه السلطة مطالب الشعب وتواجهت فيه مع الفساد الأمر الذي يفسر الشعبية الخارقة لولي عهدها الشاب…

… أتمنى أن يدرك الجميع عيشنا هذه الأيام ضمن تغيرات مصيرية تتطلب وعياً وطنياً وتوافقاً اجتماعياً وثباتاً في وجه من يشكك في روعة الحلم وسلامة التوجـه…