السينما في السعودية .. كرة الانفتاح الثلجية تهزم تنظيم الحمدين

الثلاثاء ١٢ ديسمبر ٢٠١٧ الساعة ١٢:٢١ صباحاً
السينما في السعودية .. كرة الانفتاح الثلجية تهزم تنظيم الحمدين

ككرة الثلج يتدحرج الانفتاح في المملكة، فلا وقت تضيعه القيادة خلال عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، هذه هي الحقيقة التي نجدها أمامنا تكبر كل يوم، مع الإعلان الاثنين، عن مفاجأة جديدة دقت أبواب السعوديين قبل نهاية العام 2017 بأيام، عن البدء بالخطوات التنفيذية لافتتاح دور سينما في السعودية.

ويبدو أنّ عاصفة الانفتاح في السعودية لن تهدأ. فبعدما انشغل السعوديون أخيرًا بإنجازات هيئة الترفيه في توفير بيئة ترفيهية يشهدها الجمهور للمرة الأولى، على شكل عروض موسيقية وغنائية ومسرحية، كشفت وزارة الثقافة والإعلام البدء في إعداد خطوات الإجراءات التنفيذية اللازمة لافتتاح دور السينما في المملكة، لتبدأ بمنح التراخيص بعد الانتهاء من إعداد اللوائح الخاصة بتنظيم العروض المرئية والمسموعة في الأماكن العامة خلال مدة لا تتجاوز 90 يومًا.

الترفيه في رؤية 2030 وعد وعهد يدعم الاقتصاد:

إنها رؤية 2030، التي رسم معالمها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لتصنع سعودية جديدة شابة، عبر القرار الجديد، الذي يأتي ضمن إستراتيجية هيئة الترفيه، ويرتبط أيضًا بتنشيط السياحة الداخلية، واستقطاب جزء من السياح السعوديين الذين اعتادوا الذهاب بالملايين خارج المملكة لأسباب كثيرة منها الترفيه.

وهنا تستهدف الرؤية، من خلال خطوات واضحة المعالم، إلى إعادة الأموال المتسربة للخارج، عبر التركيز على المحتوى المحلي، والنهوض به وبثقافة الفرد في السياحة والترفيه الداخليين، فضلًا عن تحول المملكة إلى نقطة لقاء بين الحضارات كافة، عبر المشاريع المتنوعة التي يتم التخطيط لها، وتنفيذها، ومنها مشروع القدية، ومشروع البحر الأحمر، ومشروع نيوم، وغيرها من الخطوات التي تركّز على تنويع مصادر دخل الاقتصاد السعودي.

العودة إلى السبعينات.. خطاب محمد بن سلمان يتحقق وأكثر:

الخطوات الإصلاحية، تنهمر على السعوديين منذ السماح للمرأة بالقيادة، حيث توالت المفاجآت بانخراطها في النشاط الرياضي ودخول الملاعب الرياضية وإدخال التربية البدنية في مناهج مدارس التعليم العام للبنات، فضلًا عن الحفلات الترفيهية التي أعادت الروح إلى المدن السعودية، إذ باتت الموسيقى تنادي لمحبيها للخروج إلى الحفلات، ويضاف إليها بث الأغنيات عبر التلفزيونات السعودية.

هذه القرارات، وكل ما سبقها، يمكننا أن نضعها في إطار واحد، بالعودة إلى حوار الأمير محمد بن سلمان الأخير، الذي أكّد فيه سعي المملكة إلى العودة بالمجتمع إلى سبعينات القرن الماضي، عهد الازدهار الإنساني والحضاري في المملكة، الذي دمّره مخطط نظام الملالي، منذ ثورته على الشاه في إيران.

عرش تنظيم الحمدين يهتز أمام الخطى الواثقة:

ولم يجد تنظيم الحمدين في قطر، وسيلة للنيل من المملكة العربية السعودية، سوى إطلاق الشائعات المغرضة ضد القرارات السعودية، عبر المنصات الاجتماعية، وأفعاه الإعلامية “الجزيرة”، ليثبت لنا مرّة أخرى، أنّه لا يريد أن تقوم مملكتنا من كبوتها التي أهدرت أعوامًا من عمر الشعب في عتمة التشدّد البعيد عن روح الإسلام المتسامح، في حين يجيز لنفسه كل شيء، ويستبيح حتى الدماء المعصومة لتحقيق غاياته، وسلب الناس حقوقهم.

واعتمد تنظيم الحمدين الإرهابي، على استخدام الدين لإثارة الشغب، إلا أنّه هذه المرّة فشل أيضًا، إذ إنَّ الخطاب واضح وصريح، يتيح للمرء الحرية في قبول الجديد أو رفضه.

فأحدٌ لا يجبر أحدًا على، كما هو الحال في كل مرحلة جديدة كانت تمر فيها السعودية، والأهم أن الرد اليوم يأتي من الشعب بنفسه، مؤكّدًا أنَّه “على من يشاء ارتياد السينما أن يفعل، لكن لا يفرض رأيه على الآخرين أو يؤدي دور الشرطي”.

السينما في إطار سياحة الترفيه:

وحضور السينما قبل هذا القرار لم يكن معدومًا، لكنها كانت مخصّصة لأنشطة معينة وأفلام وثائقية، وبالتالي لم يعرف السعوديون دور السينما التجارية، وكان المواطن أمام خيارين: إما السفر بهدف مشاهدة الأفلام الجديدة أو الاكتفاء بما توفره الاشتراكات من مشاهدة أفلام على الشاشة الصغيرة، لكن إعلان اليوم تحول إنجازًا، نظرًا إلى أنّ السينما كانت مفقودة ضمن سياحة الترفيه الآخذة في استكمال منظومتها.

كل ذلك يؤكّد لنا أنَّ لا وقت لتضييعه، ومسيرة الانفتاح في السعودية تجري بسرعة.

ومحتوى العروض السينمائية المرتقبة، سيخضع للرقابة وفق معايير السياسة الإعلامية للمملكة، بغية تحفيز النمو والتنوّع الاقتصادي، عبر تطوير القطاع الثقافي والإعلامي ككل، وتوفير فرص وظيفية في مجالات جديدة للسعوديين، وإمكان تعليمهم وتدريبهم من أجل اكتساب مهارات جديدة.

وسيحدث العمل في القطاع السينمائي، أثرًا اقتصاديًّا يؤدي إلى زيادة حجم السوق الإعلامي وتحفيز النمو والتنوّع الاقتصادي من خلال المساهمة بنحو أكثر من 90 مليار ريال إلى إجمالي الناتج المحلي، واستحداث أكثر من 30 ألف وظيفة دائمة، إضافة إلى أكثر من 130 ألف وظيفة موقتة بحلول العام 2030.

النقاش يفوز على التشدد:

يذكر أنَّ رئيس الهيئة العامة للترفيه، أحمد الخطيب، أكّد في حوار سابق له، أنَّ “المحافظين الذين انتقدوا الإصلاحات يدركون تدريجيًّا أنَّ معظم السعوديين، وغالبهم تحت سن الثلاثين، يرغبون في هذه التغييرات”، موضحًا أنَّ “هدفه هو توفير ترفيه يشبه بنسبة 99% ما يحدث في لندن ونيويورك”.

نبضة تاريخية:

قبل نصف قرن لم يكن السؤال مطروحًا، ولا السجال بشأنه متداولًا، فقد كانت دور السينما في شوارع الرياض الرئيسة، مثلها في ذلك مثل القاهرة وبيروت، وغيرها من العواصم العربية.

وحتى سبعينات القرن الماضي، ظلت السينما حالة اعتيادية داخل المملكة، يدعمها بعض رجال الأعمال، ويغلب على كثير منها الطابع التسجيلي، كتلك التي قدمها المخرج عبدالله المحيسن، أما الجمهور فكان يقبل على مشاهدتها باهتمام في “الأحواش” المخصصة لعرض الأفلام، وغالبها كانت بالأندية الرياضية. فيما تنوعت معروضات الشاشات الكبيرة، حينئذ، بين الأفلام التوثيقية التقليدية، إضافة إلى الأفلام المصرية، وأفلام “الأكشن” الآسيوية، ولم يكن غالبها على مستوى التنافس العالمي.