ويبقى المريض هو الضحية

الثلاثاء ٥ ديسمبر ٢٠١٧ الساعة ٧:٢١ مساءً
ويبقى المريض هو الضحية

فرحت لكثير من الزملاء بعد أن غصت وسائل التواصل الاجتماعي بالتهاني والتبريكات والصور لحصولهم على درجات عليا في الإدارة الصحية، لترتفع الحصيلة إلى المئات بعد أن كانوا يعدون على إصبع اليد أو اليدين، وعلى مبدأ يا فرحة ما تمت فقد نغص تلك الفرحة بعض الكدر بسبب الكثير من الجهد والتعب جراء التفكير فيما سيؤول إليه هؤلاء الزملاء، ومن سيديرون بعد أن يصبح عدد المختصين بالإدارة من الأطباء والصحيين أكثر من عدد المستشفيات في قادم الأيام، وربما يأتي يوم ويتجاوزون عدد المرضى وقد لا يجدون من يحكمون أو بالأصح من يتحكمون فيهم، خاصة في ظل المتغيرات الجديدة وربما دمج الإدارات وتقليص الصلاحيات.

لكن سرعان ما تبدلت الحال لترتسم ابتسامة على محياي جعلت بعض أفراد الأسرة الكريمة تتمتم بالفاتحة والمعوذات ظناً منهم أنني أصبت بالمس أو الجنون ولم يعلموا أن السبب يعود إلى اتساع رقعة السؤال الأزلي الذي أفكر فيه ويتداوله كل المهتمين بالشأن الصحي من يدير المستشفى؟

فبعد أن كانت الخيارات المتاحة هي المدير الإداري أم الطبيب، زادت خياراً ثالثًا لتصبح المدير أم الطبيب أم الطبيب الإداري ولا تستغربوا إن جاء يوم ودرس الإداري الطب بعد أن بلغ من العمر عتيًا لنضيف الإداري الطبيب! والله لست ممن يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ولكن ما قيمة طبيب أرسلناه للغرب لبضع سنوات وربما تجاوزت العشر سنوات، واصل الليل بالنهار وعاد بأدق التخصصات وشهد له القاصي والداني بعلمه وعمله وإجادته لفنه الطبي الذي نحن بأمس الحاجة إليه، ليترك كل هذا ويتجه للإدارة وبعد بضع سنوات يزاح من على الكرسي ليجد نفسه كالغراب الذي حاول أن يقلد مشية الحمامة ففشل أو أُفشل، وبعدما اقتنع بأن لا حول له ولا قوة في الإدارة وقلة حيلته حاول أن يعود إلى مهنته الأصلية فلم يقدر لأنه نسيها، فصار يتعثر كلما حاول المشي.

لقد أضاع الطبيب طبه ولم يستطع أن يقوم بعمله الإداري فأضاع الاثنين وربما كل الأسبوع! أقول لكم وبكل ثقة إنه أغلبهم لن ينجح ما دام لا توجد قوانين وأنظمة للمؤسسة الصحية التي يديرونها، فمعظمهم إلا من رحم ربي متساوون في الطباع والتعامل وطريقة الإدارة مع اختلافات بسيطة في الأذواق عند اختيار أثاث المكتب وتغيير السكرتارية والبلد الذي يختاره بصحبة العائلة للاستجمام ونوع وموديل السيارة التي توفرها لهم الإدارة.

كما يتفق الجميع عند تعينهم على شعارات التغير والعمل الجاد وبذل الغالي والنفيس للرقي بالمستشفى وكذا الحال عند عزلهم فالكل يجمع على أن الشق أكبر من الرقع وأنهم بحاجة إلى المزيد من الوقت والمال لإحداث التغيير.
الجميل أن تلك الأحداث يتساوى فيها جميع الفئات الصحية بل ويتسابقون للفوز بمقعد الإدارة، فما يفعله الطبيب يقوم به الممرض وكذا الصيدلي وفني المختبر فالإدارة فن لا يجيده إلا هو، والكل يسعى ليمتطي صهوة الفن الإداري وربما يتكرر نفس السيناريو مع اختلافات قليلة، ويبقى المريض هو الضحية.‎

 

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني