يوم دموي حافل بالاحتجاج والغضب في إيران وروحاني يتنصّل من المسؤولية في محاولات بائسة

الأحد ٣١ ديسمبر ٢٠١٧ الساعة ١٠:٠٩ مساءً
يوم دموي حافل بالاحتجاج والغضب في إيران وروحاني يتنصّل من المسؤولية في محاولات بائسة

بات الجميع يرى ألف معقل للعصيان في أرجاء إيران، الأرض المكبّلة والمحتلّة من الملالي، حتى تعالت الأصوات بضرورة إسقاط النظام بلا رجعة، رافعين شعارات “الموت للدكتاتور”، و”اخجل خامنئي”، و”ارحل من الحكم”، في إطار الحق الذي يكفله القانون الدولي الإنساني للإيرانيين، بالاحتجاج على الأوضاع المتردية التي يعيشون، وتدني مستوى الخدمات، في حين تنهب أموالهم لتغطية الحروب التي تخوضها طهران، وأذرعها بالوكالة في المنطقة.

كان هذا هو المشهد في الشارع الإيراني، الذي خرج إليه سكان أكثر من 80 مدينة، محتجّين على أوضاعهم المتردية، بينما خرج عليهم الرئيس روحاني، في خطاب مسجّل، محاولًا امتصاص غضب المحتجين بالقول: إنّه “يجب علينا الاستماع لمطالب الشعب”، داعيًا وسائل الإعلام إلى “نقل تلك المطالب بشفافية”، وكأنّه لم يكن يعلم أنَّ للشعب مطالب قُيّدت منذ استولى الملالي على الحكم، ولم يحقق أي منهم شيئًا منها.

وقال روحاني: إنَّ “الشعب من حقه الاعتراض، ونحن لم نتعامل معهم بشكل صحيح وشفاف”، متعهدّا بدعم الشعب مستقبلًا، معترفًا بأنَّ “المشاكل الاقتصادية والفساد هي تراكمات من الحكومات السابقة، وسنسعى لحلها بأسرع وقت”.

وانتقد روحاني، وسائل الإعلام المقرّبة من المرشد خامنئي، متّهمًا إياها بـ”تسليط الضوء على أخطاء حكومته دون الإنجازات”.

اعتقال 200 متظاهر في طهران:

أكّد نائب محافظ العاصمة الإيرانية طهران علي أصغر ناصربخت، الأحد 31 كانون الأول/ ديسمبر 2017، أنَّ السلطات اعتقلت 200 متظاهر في العاصمة، خلال احتجاجات السبت.

وأوضح ناصربخت، وفق الإعلام المحلّي، أنّه أحيل هؤلاء الأشخاص على القضاء، وأطلق سراح عدد من الطلاب الموقوفين، وسلّموا لعائلاتهم، مشيرًا إلى وجود “أربعين من قادة التظاهرات غير القانونية بين الموقوفين”.

جموع المتظاهرين تتجه نحو بيت مرشد إيران:

وأكّدت قنوات إيرانية، عبر تطبيق “تليجرام” قبل حجبه في إيران، أنَّ حشود المتظاهرين في العاصمة طهران، تتجه نحو بيت المرشد للنظام الإيراني علي خامنئي، الواقع في شارع باستور، بينما تنتشر قوات الأمن والخرس الثوري بكثافة في الشوارع المؤدية لبيت المرشد.

وأعلنت قناة “شهرونديار”، عبر “تليجرام”، أنَّ جموع المحتجين اتجهت في تمام الساعة 19:50 بتوقيت طهران، إلى بيت المرشد، مشيرة إلى أنَّ “هناك أوامر للقادة العسكريين لاتخاذ كافة التدابير لمنع وصول المتظاهرين إلى بيت المرشد”.

وبيّنت قنوات الإعلام غير الرسمية، أنَّ التظاهرات في وسط طهران تتجه من ميدان انقلاب إلى ميدان باستور مقر المرشد، لافتة إلى أنَّ “قوات الأمن استخدمت الغاز المسيل للدموع ضد المتظاهرين في ميدان فردوسي وسط طهران”.

ترامب: الشعب الإيراني بدأ يعي كيف تُسرق أمواله وألمانيا تطالب طهران باحترام حقوق المتظاهرين

ودخل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على خطِّ مؤيّدي التظاهرات الإيرانية، مبديًا دعمه للمتظاهرين الإيرانيين قائلًا: “إن الشعب بدأ يعي أخيرًا كيف تُسرق أمواله وثرواته، ويتم إهدارها على الإرهاب”.

ورأى ترامب، عبر حسابه على موقع “تويتر” للتدوينات القصيرة، الأحد 31 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، أنه “يبدو أنَّ الإيرانيين لن يقبلوا بذلك بعد الآن”، مؤكّدًا أنَّ “الولايات المتحدة تراقب عن كثب انتهاكات حقوق الإنسان”.

وفي سياق متّصل، طالبت الحكومة الألمانية، في بيان لها الأحد، وعلى وقع أنباء تصاعد الاحتجاجات في إيران، ومقتل عدد منهم، واعتقال آخرين، (طالبت) النظام الإيراني باحترام حقوق المتظاهرين.

نيران الحرس الثوري تقتل المتظاهرين الإيرانيين:

وأكّدت مقاطع، نشرها نشطاء إيرانيّون، الأحد، عبر مواقع التواصل، مقتل 4 متظاهرين، وجرح عدد آخر بنيران الحرس الثوري، الذي هاجم مظاهرة ليلة السبت بمدينة دورود، الواقعة بمحافظة لورستان وسط إيران.

ومن جانبها، اعترفت السلطات بمقتل اثنين واتهمت “أجهزة مخابرات أجنبية” بالوقوف وراء مقتل المتظاهرين، إلا أنَّ النشطاء تصدوا لتلك الأكاذيب، ونشروا صورة عنصر الحرس الثوري الذي أطلق النار، كما نشروا أسماء القتلى وهم:

  1. محمد تشوباك
  2. محسن ويراشي
  3. حسين رشنو
  4. حمزة لشني

وبيّن النشطاء، أنَّ “أحد القتلى تلقى رصاصة مباشرة في قلبه”، بينما زعم المعاون السياسي والأمني لحاكم محافظة لورستان حبيب الله خجسته نور، الأحد، أنَّ من وصفهم بـ”عملاء لجهات خارجية قاموا باستهداف محتجين أسفر عن مصرع شخصين في مدينة دورود، الليلة الماضية”، مدّعيًا أنَّ “قوات الشرطة لم تفتح النار على المحتجين”.

الداخلية الإيرانية تزعم وجود عناصر خارجية تقتل المتظاهرين!!

ومن جانبه، دعا وزير الداخلية الإيراني، عبدالرضا رحماني فضلي، المواطنين إلى الالتزام بالأطر القانونية في المطالبة بحقوقهم لتفويت الفرصة على ما سماهم “بعض المخربين الذين يتسببون بأضرار بالممتلكات والمال العام”، مهددًا بمواجهة جميع الذين يقفون خلف الكواليس، ويستغلون الإنترنت، ويروجون للعنف.

وزعم رحماني فضلي أنَّ “الأحداث الأخيرة فرصة لتنكشف مؤامرة الأعداء”، مهددًا من “يستغلون ضبط النفس والوقار والحكمة والمحاباة المقتدرة من جانب الشرطة والقوى الأمنية في هذه الأيام، من مغبة تحميلهم مسؤولية الفوضى واللاقانون”، على حد تعبيره.

وقال وزير الداخلية: إنَّ “جميع الأفراد الذين دخلوا مثل هذه المشاهد والمحركين والمسببين وراء الكواليس، والذين استغلوا الأجواء الافتراضية، معروفون بالنسبة لنا وسيتم التصدي اللازم لهم في الوقت المناسب”، مشيرًا إلى أنَّ “الذين لا يؤمنون قيد أنملة بشعوبهم، وليسوا منتخبين من قبل شعوبهم ولم يشركوا شعوبهم في عملية اتخاذ القرار في أنظمتهم، يدّعون دعم شعبنا”.

وأضاف أنه “على رأس هؤلاء هنالك الكيان الصهيوني والدول الرجعية في المنطقة وأميركا، إذ يرسمون صورًا في أذهانهم المريضة، وكأن أمورًا حصلت تبعث على السرور لديهم، إلا أنهم لم يعرفوا هذا الشعب”.

إيران تحاصر المحتجّين افتراضيًّا:

وأكّدت وكالات إخبارية إيرانية، تعذر الدخول، منذ بعد ظهر الأحد 31 كانون الأول/ديسمبر الجاري، إلى تطبيقي إنستجرام للصور وتليجرام للرسائل النصية على الهواتف المحمولة، بعد أيام من التظاهرات احتجاجًا على الضائقة الاقتصادية وعلى الحكومة في مدن عديدة في البلاد.

وأعلن التلفزيون الرسمي الإيراني، أنَّ السلطات أغلقت مؤقتًا تطبيقات إنستجرام وتليجرام، أشهر التطبيقات في البلاد “للحفاظ على السلام”، وفق تعبيره.

وتعود موجة الاحتجاجات المناهضة للحكومة، للاستياء من المصاعب الاقتصادية والفساد “وتدخلات إيران في الخارج”، تعتبر هي الأخطر منذ الاضطرابات التي استمرت شهورًا في 2009، بعد إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد آنذاك.

وانتقلت الاحتجاجات المناهضة للحكومة لسلسلة من المدن وإلى العاصمة طهران للمرة الأولى، حيث واجه المحتجون شرطة مكافحة الشغب، ورشقوها بالحجارة حول الجامعة الرئيسة.

الإيرانيون في أوروبا ينضمون للاحتجاجات:

وامتدت التظاهرات المناهضة للنظام الإيراني، إلى خارج الحدود الإيرانية، ووصلت للعواصم الأوروبية ليشارك فيها مئات المغتربين والمنفيين، الذين نظّموا مسيرات احتجاجية للتضامن مع الإيرانيين في الداخل.

وشهدت العاصمة الفرنسية باريس، الأحد، حضور عشرات الإيرانيين أمام السفارة الإيرانية، الذين هتفوا بشعارات تندد بالسياسات الإيرانية، وتدخلها في شؤون دول الجوار. كما احتج المتظاهرون على الأوضاع المعيشية السيئة في الداخل الإيراني وتفشي الفقر والبطالة والحرمان.

وخرج المحتجون الإيرانيون في العاصمة الألمانية برلين أيضًا، مطالبين بإسقاط النظام الإيراني، رافعين شعارات حملت المرشد الإيراني مسؤولية الأحداث في إيران، وحذروه من استخدام العنف ضد المتظاهرين العزل في أرجاء إيران.

وكانت الساحة أمام القنصلية الإيرانية في مدينة طرابزون التركية، هي المشهد الآخر لحضور عشرات المحتجين، في حين تشابهت شعارات التجمعات الاحتجاجية في كافة المدن الأجنبية مع الشعارات التي تحمل المرشد الإيراني، علي خامنئي، مسؤولية ما آلت إليه الأمور.

متظاهرة: ضحينا بأرواحنا من أجل إيران

وفي سياق المشاهد الاحتجاجية، أظهر مقطع فيديو بثه نشطاء إيرانيون على مواقع التواصل الاجتماعي، سيدة إيرانية، تم تعريفها على أنها أخت أحد الشهداء، الذين قتلوا خلال الحرب العراقية الإيرانية، وهي تتحدث خلال مشاركتها بالاحتجاجات قائلة: “نحن لسنا أميركيين ولا إسرائيليين، نحن ضحينا بأرواحنا من أجل هذا البلد، لكن انظر إلينا الآن”.

وتتوسع التظاهرات الشعبية العارمة في إيران على نحو متسارع؛ حيث انطلقت الخميس الماضي من مدينة مشهد، شمال شرقي البلاد، وسرعان ما امتدت إلى العاصمة طهران والمحافظات الأخرى.

ويأتي ذلك، فيما أفلتت مدينتا كرمانشاه ورشت، من القبضة الأمنية، ليبدأ تحدٍّ جديد للحرس الثوري الإيراني، الذي أخذ الأوامر بالقتل من الرئيس روحاني بنفسه، كما دُعي إلى سحق المتظاهرين بالقوة، من طرف مسؤول إيراني رفيع، قبل أن يخرج مساعد وزير الداخلية، ليعترف بمكامن التقصير في حكومة روحاني.