نيوم والعلا مرورًا بالبحر الأحمر.. خطط محمد بن سلمان ابتكار سياحة واستثمار للتراث

حين تجتمع الخيوط جميعًا في يد واحدة، تخطط وتدرس، وتناقش وتبحث، نجد أنفسنا أمام مملكة تخطو بثقة نحو المستقبل، وتدرك جيدًا كيف تدير رؤوس أموالها الكامنة، نجد أنفسنا أمام الأمير محمد بن سلمان، الذي لا يتلخّص سعيه لبناء هذه الأمّة اقتصاديًّا فقط، لكنّه يعرف كيف تدار رؤوس الأموال لتولّد أموالًا أكثر، نجد أنفسنا أمام مدرسة حقيقية في التخطيط، والإدارة، إذ لا يقدم الأمير محمد بن سلمان على خطوة، دون أن تكون مدروسة بدقة في مراحل تنفيذها كافة، حتى تصبح بصمة على الأرض ذات فائدة لكل سكانّها.

العلا في رؤية 2030:

قد يهمّك أيضاً

العمل ردًّا على “المواطن” حول تأخر رواتب حراس أمن الرياضة: سيتم التحقيق...

بالصور.. ذوو الإعاقة يحتفلون على طريقتهم بذكرى اليوم الوطني

جاء أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان عبدالعزيز آل سعود- حفظه الله- بإنشاء هيئة ملكية بمحافظة العلا تأكيدًا لأهمية المحافظة التاريخية، ومن أجل تطويرها لتحقيق المصلحة الاقتصادية والثقافية والأهداف التي قامت عليها رؤية المملكة 2030.

وتعدُّ محافظة العلا، من أهم مواقع التراث الثقافي والحضاري عبر التاريخ في المملكة العربية السعودية، وتحوي آثارًا عظيمة بعضها ظاهر وبعضها مدفون تحت الأرض، وفيها آثار موغلة في القدم كآثار قوم ثمود ومدائن صالح والحجر، وهي مدينة سياحية متكاملة.

وتحاول المملكة من خلال الاهتمام بها جعلها أهم موقع  في الشرق الأوسط، حيث تستهدف استقبال أكثر من مليون سائح من داخل المملكة وخارجها، وهو ما يعني إضافة إلى الناتج المحلي، وتنويعًا لمصادر الدخل المملكة، الأمر الذي يصبُّ في إطار الرؤية الطموحة 2030، التي هندسها الأمير محمد بن سلمان.

نيوم والعلا.. ارتباط استثماري وسياحي:

المشاريع التي وافق عليها ولي العهد، ومنها مشروع البحر الأحمر ومشروع نيوم، ستسمح باستكشاف موقع العلا، ومدائن صالح التاريخية، لاسيّما أنها أقرب المناطق التاريخية السياحية في محيط المشروعين العملاقين.

وتبلغ مساحة مدائن صالح 14.6 كم مربع، ويوجد فيها آثار للاستيطان البشري في فترة ما يُعرف بالعصر الحجري، وكانت تتوافر فيها المقومات الأساسية للاستقرار، من مياه وتربة خصبة وموقع إستراتيجي على الطرق المؤدية إلى المراكز الحضارية الكبرى في الشرق الأدنى القديم.

وتعد مدائن صالح أول موقع سعودي تضمه منظمة “اليونيسكو” إلى قائمتها للتراث العالمي، وهو موقع تاريخي عريق يزوره آلاف السياح من مختلف أنحاء العالم سنويًّا.

جزر البحر الأحمر البكر مصدر أموال استثمارية:

قبل عدة أشهر، أطلق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مشروعًا سياحيًّا عالميًّا في المملكة تحت مسمى مشروع البحر الأحمر، يقام على أحد أكثر المواقع الطبيعية جمالًا وتنوعًا في العالم، بالتعاون مع أهم وأكبر الشركات العالمية في قطاع الضيافة والفندقة، لتطوير منتجعات سياحية استثنائية على أكثر من 50 جزيرة طبيعية بين مدينتي أملج والوجه في منطقة تبوك، وذلك على بُعد مسافات قليلة من إحدى المحميات الطبيعية في المملكة والبراكين الخاملة في منطقة حرة الرهاة.

وسيشكل المشروع وجهة ساحلية رائدة، تتربع على عدد من الجزر البكر في البحر الأحمر وإلى جانب المشروع، تقع آثار مدائن صالح، في محافظة العلا، التي تمتاز بجمالها العمراني وأهميتها التاريخية الكبيرة.

وعلى بعد دقائق قليلة من الشاطئ الرئيس، ستتاح للزوار فرصة التعرف على الكنوز الخفية في منطقة مشروع البحر الأحمر، ويشمل ذلك محمية طبيعية لاستكشاف تنوع الحياة النباتية والحيوانية في المنطقة. وسيتمكن هواة المغامرة من التنقل بين البراكين الخاملة الواقعة بجوار منطقة المشروع، وعشاق الغوص من استكشاف الشعاب المرجانية الوفيرة في المياه المحيطة به.

مدينة نيوم رافد لمشاريع العلا:

وأعلن ولي العهد عن إطلاق مشروع نيوم العملاق الذي سيقام على جزء من منطقة تبوك، ويمتد في مصر والأردن ليشكل منطقة إستراتيجية حيوية تحتضن 10% من تجارة العالم.

ويقع مشروع نيوم على مساحة قدرها 26500كم2 شمال غربي المملكة، على أرض منطقة تبوك، ويعد أحد المشروعات الوطنية الضخمة التي تطل على البحر الأحمر من على جبال مدين، ويلتقي على أرضه الجغرافيا الطبيعية المتنوعة، والتاريخ القديم، الذي يضم آثارًا وبيوتًا منحوتة تعود إلى الألفية الثانية قبل الميلاد.

وتمتد منطقة تبوك من الشمال إلى الجنوب مسافة تزيد على 580كم، كما تمتد من الشرق إلى الغرب مسافة تزيد على 480كم تقريبًا. وبهذا الامتداد تغطي مساحة تصل إلى نحو 134354كم، لتكون الرابط بين نيوم والعلا، التي تبعد 323كم عن تبوك.

بيل غيتس يخطط لاستثمارات العلا:

والتقى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الرئيس المشارك لمؤسسة بيل ومليندا جيتس الخيرية السيد بيل غيتس، حيث استعرض معه العام الماضي، أوجه التعاون والبرامج والمشاريع الثنائية التنموية المشتركة، في إطار الفرص المتاحة في المملكة وفق رؤية المملكة 2030، لاسيّما فرص الاستثمار في مشاريع نيوم والبحر الأحمر والعلا.

خطوات أولية لتمكين الهيئة الملكية لمحافظة العلا:

وفي إطار سعي الحكومة إلى تمكين الهيئة الملكية لمحافظة العلا، التي يرأسها الأمير محمد بن سلمان، وجّهت جهات عليا برقابة جميع الأراضي في محافظة العلا ومنع التعديات والإحداثات فيها، بأي شكل من الأشكال، في أعقاب الأمر السامي القاضي بإنشاء الهيئة الملكية لمحافظة العلا.

وتلقت وزارة العدل ووزارة الشؤون البلدية والقروية، وكافة الجهات ذات العلاقة، مطالبة بمراقبة جميع الأراضي في العلا، وإيقاف إصدار أي وثائق تملك أو صكوك استحكام في المحافظة. كما تضمّن التوجيه إيقاف إفراغ الأراضي والممتلكات كافة، وكذلك المزارع. وشدّد على منع إصدار أي رخص أو فسوحات أو عقود إيجار أو رخص حفر آبار أو تجديدها على الأراضي والممتلكات والمزارع المملوكة هناك أيًّا كانت.

وشمل التوجيه عدم السماح بالبدء في تنفيذ الإنشاءات أو البناء لمن لديه تراخيص لهذه الأغراض، وإيقاف أي مشروعات خاصة أو حكومية لم يتم البدء بها.

التراث الوطني مورد أساسي للأموال:

وأولت “رؤية السعودية 2030” موضوع السياحة والآثار اهتمامًا كبيرًا، واعتبرته من أهم الموارد البديلة الواعدة للدخل الوطني السعودي.

وتعتبر محافظة العلا من المناطق الثرية بآثار الحضارات العربية القديمة التي نشأت في العلا، وما جاورها من القرى والهجر، وهي أيضًا أولى المناطق التراثية في المملكة العربية السعودية التي اعترفت بها اليونيسكو العالمية، وضمتها إلى قائمة التراث العالمي.

ويضع ذلك على عاتق الحكومة ومنظمات المجتمع المدني مسؤولية الحفاظ على التراث الوطني بكل وسائل التقنية الحديثة، حتى يظل تراثنا الوطني محتفظًا بشروط البقاء في قائمة التراث العالمي بصورة دائمة، وحتى يصبح التراث الوطني كما هو مقرر له في “رؤية السعودية 2030” موردًا من أهم موارد الدولة.