جبهة النصرة تأكل أمها .. والجولاني يبحث عن مخرج سياسي

الخميس ٨ فبراير ٢٠١٨ الساعة ٥:١٤ مساءً
جبهة النصرة تأكل أمها .. والجولاني يبحث عن مخرج سياسي

يرسم تقرير بحثي، صدر حديثاً عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، ملامح مستقبل هيئة تحرير الشام، حيث يتوقع أن أبا محمد الجولاني زعيم التنظيم يسعى إلى تحقيق مشروعه الشخصي الذي يختلف عن مشروع تنظيم القاعدة، لا سيما بعد معارك صعبة خاضها وهيئة تحرير الشام في الفترة الماضية أمام قوات الأسد والميليشيات الإيرانية في ريف حماة وأمام داعش في بادية الرهجان وفي مواجهة حركة الزنكي في ريف حلب الغربي.

وأشار التقرير إلى أن الجولاني يعمل على تكوين واقع على الأرض وبناء تحالفات جديدة تضمن له ولتنظيمه دوراً في المرحلة المقبلة، ويبين أن الجولاني وعلى غرار تجربة حزب الله حيث يحلم ببناء ميليشيا قوية على الأرض ولها تمثيل سياسي مقبول متحالف مع تركيا، بحيث تكون هيئة تحرير الشام مسيطرة على إدلب كسيطرة حزب الله على لبنان، وتكون ذات قوة وثقل لتنهض بدور كبير في سوريا ما بعد الحرب.

ويستعرض د. سعود السرحان الأمين العام لمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في تقريره، خلفية العلاقة بين تنظيم القاعدة وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، متطرقاً إلى أسباب اعتقال تحرير الشام عدة قياديين سابقين في الجبهة وتَحول رفاقهم في التيار الأردني وهم على اتصال بتنظيم القاعدة إلى مطارَدين ومختبئين، وذلك بتهمة العمل على إنشاء فرع لتنظيم القاعدة في سوريا، ويكشف الوجهة الجديدة التي تسير إليها هيئة تحرير الشام بقيادة زعيمها أبي محمد الجولاني ضمن التغيرات الميدانية على الساحة السورية.

ويقول السرحان في تقريره الذي يحمل عنوان “جبهة النصرة تأكل أمَّها.. اعتقال هيئة تحرير الشام لبعض قيادات تنظيم القاعدة: الأسباب والنتائج”، إن: “جبهة النصرة شهدت ثلاث مراحل؛ مرحلة ما قبل إعلان البيعة للقاعدة، والتي تم خلالها تأسيس الجبهة عام 2012م عبر ثلاثة روافد وهي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وخلايا القاعدة التنظيمية القديمة في سوريا، والمتعاطفون والمتأثرون بآيديولوجية وخطاب القاعدة، وبعد التمدد الواسع والنجاح النسبي للجبهة في سوريا أعلن أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة إلغاء اسم تنظيم الدولة في العراق وجبهة النصرة في سوريا ودمج التنظيمين تحت مسمى “الدولة الإسلامية في العراق والشام” في عام 2013، ولكن الجولاني رفض ذلك وأعلن البيعة الحصرية للقيادة المركزية لتنظيم القاعدة بقيادة أيمن الظواهري، لتبدأ مرحلة الانفصال عن تنظيم الدولة، ويشتعل القتال بين النصرة وتنظيم الدولة، حيث تعزز انفصال الجولاني عن داعش بسبب العامل الديموغرافي إذ يغلب على داعش العناصر العراقية بينما يقوم تنظيم الجبهة على السوريين وبدرجة أقل العرب وخاصة الأردنيين، لينجح الجولاني في مجابهة اختراق تنظيمه من العناصر العراقية الداعشية من خلال استخدام العناصر الأردنية”.

ويضيف التقرير: “أعلنت جبهة النصرة في عام 2016م ما يشبه فك الارتباط بتنظيم القاعدة، من خلال تغيير مسمى الجبهة إلى “جبهة فتح الشام” وإبقاء العلاقة التنظيمية سرية، وذلك بهدف اندماج الجولاني بالفصائل المحلية السورية وفرض نفسه سلطة أمر واقع في إدلب، ولكن بعض قيادات الجبهة رفضوا ذلك وأعلنوا استقلالهم فيما لم يكن الظواهري راضياً عن فك الارتباط الشكلي، وفي عام 2017م أكمل الجولاني فك الارتباط الفعلي بالقاعدة حيث أعلن تشكيل “هيئة تحرير الشام” التي توحد فيها مع عدد من الفصائل المحلية، وحاول الظواهري حل الأمر مع الجولاني في السر ولكنه فشل في ذلك ورفض فك الارتباط، ليعلن بعدها المنشقون عن الجولاني تكوين فرع جديد للقاعدة في سوريا على إثر التدخل التركي، وهو ما دفع الجولاني لشن حملة على تيار المنشقين واعتقالهم والتخلص من معظم الأردنيين الموالين للقاعدة، ليدخل جزء من المصريين المقاتلين ضمن هيئة تحرير الشام بالتوسط للصلح بين الهيئة والقاعدة وتم إطلاق سراح بعض القادة المعتقلين”.

ويوضح التقرير أن جبهة النصرة في سوريا مرت بتحولات متعددة منذ إعلان تشكيلها عام 2012م وحتى إعلان هيئة تحرير الشام في 2017م مروراً بجبهة فتح الشام عام 2016م، شملت هذه التحولات بنية التنظيم وخطابه وانتشاره وحتى اسمه، دون تغيير عبر هذه التناقضات والتحولات والصراعات العديدة داخل التنظيم أو خارجه.