شبح الفضائح يطارد البابا وتاريخ أسود من الانتهاكات الجنسية

الجمعة ١٢ أكتوبر ٢٠١٨ الساعة ٨:٠٦ مساءً
شبح الفضائح يطارد البابا وتاريخ أسود من الانتهاكات الجنسية

تطرح قضية التحرش والانتهاكات الجنسية- التي تتورط بها الكنيسة الكاثوليكية يومًا بعد يوم- علامات استفهام كبيرة حول تستر كبار الرهبان المسؤولين في الكنائس والفاتيكان بشكل “ممنهج” على حالات التحرش الجنسي التي تقع بحق القُصر أو غيرهم حسب تحقيقات المدعي العام في بنسلفانيا.

وفي واقعة جديدة استقال كاردينال أميركي اليوم بعد اتهامه بالتستر على جرائم استغلال جنسي لقساوسة ليعيد للأذهان أكبر فضيحة تعرضت لها الكنيسة على مدار تاريخيها والتي عرفت إعلاميًّا بـ”سبوت لايت” وطالت مئات الرهبان في بنسلفانيا باتهامهم بالتحرش الجنسي بنحو 1000 طفل.

وتظل سيناريوهات الانتهاكات الجنسية التي تطال المجتمعات الكاثوليكية مفتوحة وسط مطالبات في واشنطن باستقالة بابا الفاتيكان فالكهنة يغتصبون الأطفال والتاريخ الأسود للكنيسة تدعمه الأحداث والوقائع طيلة أعوام.

“دونالد ويرل”.. ليس الأول!

ولم يكن نبأ استقالة الكاردينال الأميركي “دونالد ويرل”- على وقع اتهامات بالتستر على جرائم استغلال جنسي ارتكبها قساوسة- بالأمر الجديد على الفاتيكان، التي أعلنت استقالة الكاردينال من منصبه كرئيسٍ لأساقفة واشنطن في حادثة ليست هي الأولى.

وجاء في بيان خاص أن بابا الفاتيكان فرانسيس قد وافق على طلب الكاردينال بالتنحي عن منصبه عقب دعوات وجهت إليه عقب تقرير نشرته هيئة المحلفين الكبرى في بنسلفانيا أغسطس الماضي تضمنت الحديث عن انتهاكات جنسية ارتكبها 301 من القساوسة على مدار سبعين عامًا.

أميركا.. 4000 راهب تحرشوا بـ10667 طفلًا:

تعد الولايات المتحدة في مقدمة الدول التي تنتشر فيها حالات تحرش جنسي بالأطفال على يد قساوسة كاثوليك وقبل شهر من فضيحة بنسلفانيا كان بابا الفاتيكان قد قبل استقالة الكاردينال ثيودور ماك كاريك لتورطه هو الآخر في قضايا تحرش جنسي بالأطفال على مدار سنوات.

في 2002 قدم الكاردينال “برنارد لو” أسقف الكنيسة الكاثوليكية في بوسطن استقالته وسط اتهامات بأنه غطى على استغلال أطفال جنسيًّا من قبل قساوسة كاثوليك في أبرشيته ونشرت منظمة الأمم المتحدة عام 2014 تقريرًا حول حالات التحرش الجنسي بالأطفال في الكنيسة الكاثوليكية وضمن التقرير اتهامات صريحة للفاتيكان بالتستر على قضايا التحرش الجنسي في الكنائس الكاثوليكية حول العالم.

ووفقًا لمعهد “جون جاي” التابع لمؤتمر كبراء الأساقفة الكاثوليك فقد تعرض 10667 طفلًا للتحرش الجنسي من قبل أكثر من 4000 راهب كاثوليكي بين عامي 1950 و2002.

وكانت لجنة محلفين كبرى الشهر الفائت قد أصدرت تقريرًا أفاد بأن قادة الكنيسة في بنسلفانيا اهتموا بحماية سمعتها أكثر من رعاية الضحايا الذي بلغ عددهم أكثر من 1000 طفل تم التحقق منهم عبر سجلات الكنيسة.

وقال التقرير: “كان الكهنة يغتصبون الأولاد والفتيات الصغيرات، وقادة الكنيسة لم يفعلوا شيئًا حيال ذلك، لقد أخفوا الحقيقة كلها، لم يكن همهم مساعدة الأطفال ولكن تجنب الفضيحة”.

واعترف أحد القساوسة الشهر الماضي كما جاء في التقرير بذنبه حيث إنه اعتدى جنسيًّا على صبي عمره 10 سنوات قبل أكثر من 20 عامًا، فيما اتهم آخر بجرائم جنسية ضد أطفال.

أيرلندا.. 4 من كبار الأساقفة تستروا على التحرش:

في أيرلندا ذات الأغلبية الكاثوليكية أوضح تقرير صدر في عام 2009 أن 4 من كبار الرهبان قد تستروا على حالات تحرش جنسي بالأطفال بين عامي 1975 و2004 وعلى الرغم من تقدم الأساقفة الأربعة باستقالتهم للبابا على خلفية الفضيحة فإنه لم يوافق إلى على استقالة اثنين منهم.

وقد أعلن تقرير آخر نشر في 2010 عن حالات استغلال جنسي وعاطفي بحق أطفال على مدار 60 عامًا في مؤسسات تابعة للكنيسة الكاثوليكية.

ألمانيا.. 1670 راهبًا اعتدوا على 3677 طفلًا:

في ألمانيا أيضًا لم تتوقف الاتهامات التي طالت القساوسة فقد أوضح تقرير أعدته ثلاث جامعات ألمانيا لصالح الكنيسة وسرب إلى وسائل الإعلام قبل نشره الشهر الماضي أن قساوسة ألمان قد تحرشوا بآلاف الأطفال خلال الفترة ما بين عامي 1946 و2014، ويوضح التقرير الذي نشرته “دير شبيل” أن 1670 راهبًا في ألمانيا قد اعتدوا جنسيًّا على ما يزيد على 3677 طفلًا وقاصرًا.

وباستخدام نحو 38 ألف وثيقة من 27 كنيسة في ألمانيا توصلت الجامعات الثلاثة لنتيجة مفادها أن الانتهاكات الجنسية من رجال الكنيسة قد تكون أكبر من ذلك بكثير؛ حيث إن أغلب الوثائق التي تدون هذه الانتهاكات تم إخفاؤها أو التلاعب بها.

في 2010 حكمت المحكمة بالسجن 7 سنوات على راهب في “فريتزلار” التابعة لولاية هيسن في ألمانيا، على خلفية اعترافه بالتحرش الجنسي بـ6 أطفال، واتضح في ذات العام تحرش معلم كاثوليكي في معهد كانيسوس ببرلين بالطلاب الذكور لسنوات طويلة.

وفي 2016، تأكد قيام قساوسة ألمان ومعلمين بالتحرش الجنسي وارتكاب العنف بحق طلاب، وفي ملابسات التحقيق أكد “أورليش ويبر”، المحامي المكلف بالقضية، أن ما لا يقل عن 231 طفلًا قد تعرضوا للاعتداء الجنسي والعنف بين عامي 1953 و1992، وفي تقرير آخر لذات المحامي عام 2017 تعرض حوالي 547 طفلًا للتحرش بين عامي 1945- 1990.

هولندا.. إقالة قساوسة وتعويضات بالملايين:

قامت إحدى الكنائس بهولندا بتأسيس لجنة لتقصي الحقائق حول حالات التحرش الجنسي بالأطفال في كنائس البلاد وفقًا لتقارير نشرت العام الماضي فقد تلقت اللجنة نحو 3712 بلاغًا حول قضايا تحرش جنسي، وتقدم عقب نشر التقرير نحو 1599 شخصًا بشكاوى دفع على خلفيتها تعويضات مالية لـ941 شخصًا.

في 2010 تم إصدار قرارات بإقالة 12 قسيسًا وعلقت مهام آخرين نتيجة اتهامهم بالتحرش وتجاوزت التعويضات التي دفعتها الكنيسة للضحايا في البلاد الـ27 مليون يورو.

فرنسا.. نقل رهبان متحرشين يثير سخطًا:

حالة من السخط شهدها الرأي العام في فرنسا بعد الكشف عن نقل توظيف الرهبان المتحرشين إلى إفريقيا بدلًا من عزلهم ومحاسبتهم قانونيًّا.

وما زالت الدعوات المرفوعة بحق “فيليب باربارين” كاردينال كنيسة ليون قيد التحقيق تلقي بظلالها على الوضع الكنسي بمجمله في البلاد، وقد تم استجواب أسقف ليون بعد أشهر من فضيحة وتشكيك في موقف كنيسة فرنسا المتهمة بعدم التحرك من قضايا تحرش جنسي بالأطفال.

ويشتبه بأن الكاردينال “لم يكشف” وقائع اعتداءات جنسية تعرض لها قاصرون وما زالت الدعوى المرفوعة بحقه منذ 2016 مستمرة، ومن المنتظر أن تُعقد جلستها المقبلة أوائل العام القادم.

تشيلي.. 266 شخصًا بينهم 178 طفلًا تعرضوا للتحرش في الكنائس:

فتحت قضايا التعدي الجنسي على الأطفال في الكنيسة التشيلية مايو الفائت ملف التحرش في البلاد، حيث كانت واحدة من القضايا الكثيرة للتجاوزات الجنسية التي زعزعت أركان الكنيسة في جميع أنحاء العالم وأدت إلى استقالة جميع أساقفة البلاد.

فتحت دعاوى بحق 158 موظفًا في الكنائس لتورطهم في قضايا تحرش جنسي وطالت الدعاوى كثير من الرهبان ورجال الدين في الكنائس، إذ تشير المعلومات إلى أن حالات التحرش ترجع حتى عام 1960 وحسب التحقيقات فقد تعرض 266 شخصًا بينهم 178 طفلًا للاستغلال الجنسي في تشيلي.

أستراليا.. أكثر من 8000 ضحية:

في أستراليا أعلنت لجنة تقصي الحقائق التي تأسست في 2012 أنها قابلت أكثر من 8000 ضحية وتلقت اتصالات من 24 ألف شخص في السنوات الـ5 الأخيرة.

وأصدر التقرير في 2017 وجاء فيه أن عشرات الآلاف من الأطفال قد تعرضوا للتحرش الجنسي من قبل كهنة في الكنائس والمدارس والمؤسسات الحكومية.

ولم تخلُ دول أخرى من انتهاكات الكهنة؛ ففي النمسا حملت فضيحتان مدويتان الفاتيكان على إقالة اثنين من كبار الأحبار، وفي بلجيكا استقال أسقف بورج في 2010 بعد اعترافه بتجاوزات جنسية على اثنين من أبناء أخيه، وفي المكسيك أسقف أوتلان غونزالو غالفان كاستيو إلى الاستقالة في 2015 عقب اتهامه بحماية كاهن متورط في تعدي جنسي على الأطفال.

يذكر أن بابا الفاتيكان كان قد أعلن العام الماضي عن متابعة نحو 2000 قضية تحرش جنسي بالأطفال، بيد أن مسار التحقيقات البطيء جدًّا يثير حفيظة المجتمع الدولي بعد سلسلة من الدعاوى القضائية والملاحقات الجنائية والفضائح التي ارتكبها كهنة كاثوليك وأعضاء في النظام الديني من الرهبان، لاسيما بعد بلوغ الفضائح الجنسية حد العالمية.