اليوم الوطني للإمارات.. مسيرة 47 عاماً من البناء والإنجازات

السبت ١ ديسمبر ٢٠١٨ الساعة ١:٠٢ مساءً
اليوم الوطني للإمارات.. مسيرة 47 عاماً من البناء والإنجازات

تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة اليوم السبت الرابع والعشرين من شهر ربيع الأول 1440هـ الموافق للثاني من شهر ديسمبر 2018م، بالذكرى السابعة والأربعين لقيام اتحاد الإمارات السبع.

وتأتي هذه المناسبة ترجمة صادقة لمسيرة الاتحاد التي امتدت عبر 47 عاماً مضيئة وحافلة بالأحداث والمهام الكبيرة والإنجازات التي رسم ملامحها الأولى وأرسى دعائمها مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – رحمه الله – وإخوانه الآباء المؤسسون وسار على دربه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، الذي قاد مسيرة وطن العطاء لتتواصل مسيرة التقدم والازدهار على مختلف المستويات والصعد كافة.

وكانت الانطلاقة التاريخية لهذا الاتحاد قد بدأت بإجماع حكام إمارات أبو ظبي ودبي والشارقة وعجمان والفجيرة وأم القوين في الثاني من ديسمبر عام 1971م واتفاقهم على الاتحاد فيما بينهم حيث أُقروا دستورًا مؤقتا ينظم الدولة ويحدد أهدافها.

وفي العاشر من شهر فبراير من عام 1972م أعلنت إمارة رأس الخيمة انضمامها للاتحاد ليكتمل عقد الإمارات السبع في إطار واحد ثم أخذت تندمج تدريجياً بشكل إيجابي بكل إمكاناتها.

وشهد العام الحالي تطورا إستراتيجيا في العلاقات التاريخية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في إطار رؤيتهما المشتركة للارتقاء بالعلاقات الثنائية وتعزيز علاقات التعاون في مختلف المجالات تحقيقا للمصالح الاستراتيجية المشتركة بين البلدين والشعبين الشقيقين، وحرصهما على دعم العمل الخليجي المشترك، وتمثل هذا التطور في تكثيف التشاور والاتصالات والزيارات المتبادلة على مستوى القمة والاتفاق على تشكيل لجنة عليا مشتركة بين البلدين لتنفيذ الرؤى الإستراتيجية لقيادة البلدين للوصول إلى آفاق أرحب وأكثر ازدهارا وأمنا واستقرارا والتنسيق لمواجهة التحديات في المنطقة لما فيه خير الشعبين الشقيقين وشعوب دول مجلس التعاون كافة.

وترتبط دولة الإمارات العربية المتحدة، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد بن سلطان آل نهيان والمملكة العربية السعودية بقيادة أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظهما الله – ، بعلاقات تاريخية قديمة، قِدَمَ منطقة الخليج نفسها، ضاربة في جذور التاريخ والجغرافيا، تعززها روابط الدم والإرث والمصير المشترك، وحرص قيادتي البلدين على توثيقها باستمرارها وتشريبها بذاكرة الأجيال المتعاقبة، حتى تستمر هذه العلاقة على ذات النهج والمضمون، مما يوفر المزيد من عناصر الاستقرار الضرورية لهذه العلاقة، التي تستصحب إرثاً من التقاليد السياسية والدبلوماسية التي أُرسيت على مدى عقود طويلة، في سياق تاريخي، رهنها دائماً لمبادئ التنسيق والتعاون والتشاور المستمر حول المستجد من القضايا والموضوعات ذات الصبغة الإقليمية والدولية، لذا تحقق الانسجام التام والكامل لجميع القرارات المتخذة من الدولتين الشقيقتين في القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.

إن المملكة والإمارات أسهمتا في قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وكانت مواقفهما متطابقة تُجاه القضايا العربية المشتركة، كالقضية الفلسطينية والوضع في مصر وسوريا والعراق واليمن، والعلاقات مع إيران في ظل احتلالها للجزر الإماراتية الثلاثة، علاوة على موقفهما المتطابق من الغزو العراقي لدولة الكويت، إضافة للتدخل الإيراني في الشؤون البحرينية .

وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود- حفظه الله – منذ أن كان أميرًا لمنطقة الرياض، من الداعمين للعلاقات التاريخية بين المملكة والإمارات، حتى تولى -حفظه الله- مقاليد الحكم في البلاد، حيث لا تزال المملكة متمسكة بمنهجها الثابت في الحفاظ على علاقاتها الأخوية مع دول المنطقة، ودعم اللحمة الخليجية، وبالمقابل تسعى دولة الإمارات إلى تعزيز هذا الموقف ، إذ أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة في أكثر من مناسبة أن العلاقات الإماراتية السعودية تجسيد واضح لمعاني الأخوة والمحبة والروابط التاريخية المشتركة.

وكشف تقرير إحصائي عن نمو حجم التجارة البينية غير النفطية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بنسبة 1230 في المائة منذ قيام الاتحاد الجمركي الخليجي في عام 2003 وحتى نهاية النصف الأول من عام 2018.

فقد بلغ الإجمالي العام لحجم التجارة البينية غير النفطية بين البلدين الشقيقين “تجارة مباشرة ومناطق حرة ومستودعات جمركية” 720 مليار درهم (196 مليار دولار) .

كما أن إجمالي واردات دولة الإمارات العربية المتحدة من المملكة العربية السعودية خلال الفترة المذكورة بلغ 244.2 مليار درهم (67 مليار دولار) في حين بلغت قيمة الصادرات الإماراتية إلى المملكة 144.8 مليار درهم (39.7 مليار دولار)، كما بلغت قيمة إعادة التصدير حوالي 330.9 مليار درهم (90.6 مليار دولار).

فالمملكة العربية السعودية تمثل شريكاً تجارياً إستراتيجياً لدولة الإمارات في الوقت الذي تعد فيه دولة الإمارات بوابة تجارية رئيسية للمملكة، فقد حافظت المملكة العربية السعودية على مكانتها كشريك تجاري أول لدولة الإمارات بين دول مجلس التعاون الخليجي فضلاً عن كونها من أهم الشركاء التجاريين للدولة على مستوى العالم العربي والشرق الأوسط.

وتشهد العلاقات الجمركية والتجارية الإماراتية السعودية نمواً متصاعداً منذ عقود طويلة نتيجة للعلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين كما أنها تمثل انعكاساً طبيعياً للنجاحات التي تحققت على مستوى البلدين في مجال التنمية المستدامة وارتفاع معدلات النمو الاقتصادي واستمرار سياسة التنويع الاقتصادي وتزايد القاعدة الإنتاجية.

وإن السياحة بين البلدين لها أثر مهم وحيوي في تعزيز الروابط التجارية والاقتصادية بينهما، وتعد من بين أهم القطاعات الواعدة التي توفر فرص الاستثمار وجذب المزيد من المشاريع المشتركة، لتنويع القاعدة الاقتصادية والتجارية في البلدين، خاصة بعد أن خصصت دولة الإمارات مبالغ مالية ضخمة للسنوات العشر المقبلة، لتطوير هذا القطاع، وذلك بعد النجاحات المطردة التي حققتها في جذب شركات السياحة العالمية، لما تتمتع به من مقومات أساسية، تكفل نجاح الصناعة السياحية فيها، وفي مقدمتها الأمن والاستقرار، والموقع الجغرافي الذي يربط بين مختلف قارات العالم، والبنية الأساسية الحديثة والمتطورة من مطارات وموانئ وشبكة طرق ووسائل اتصالات وغيرها من الخدمات الراقية التي يوفرها أكثر من 450 فندقاً في الدولة.

وتجسيداً لعمق العلاقة ومتانتها بين البلدين فقد صدر في 21 سبتمبر 2016 م ، أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي بإطلاق اسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على شارع “الصفوح” في دبي، وذلك تقديرًا لشخصه وإعزازا لدوره المحوري في مساندة مختلف قضايا الأمتين العربية والإسلامية ومواقفة المشرفة في توطيد وحدة الصف العربي وتعزيز التعاون الخليجي ضمن مختلف مساراته بما يحقق الأهداف التنموية وطموحات التطوير والتقدم في المنطقة، وذلك تزامنًا مع احتفالات المملكة العربية السعودية بذكرى يومها الوطني السادس والثمانين.

ويعد شارع الملك سلمان بن عبدالعزيز “الصفوح” سابقًا من الشوارع الحيوية الرئيسة في إمارة دبي بما يضمه من منشآت سياحية واقتصادية تُعد من أهم ملامح دبي الحديثة بما في ذلك “جزيرة نخلة جميرا ” التي تضم عددًا كبيرًا من الفنادق والمنشآت السياحية .

كما يضم الشارع مجموعة من أهم المراكز الاقتصادية ومنها “مدينة دبي للإعلام” التي باتت تمثل محور الحركة الإعلامية في المنطقة‘ إذ تضم أكثر من ألفي شركة عالمية وإقليمية متخصصة إضافة إلى “قرية دبي للمعرفة” التي تمثل مركزًا متطورا للتعليم والتدريب المهني بشراكة نخبة من المعاهد والمؤسسات العلمية المحلية والعالمية المتخصصة .

وفي إطار تعزيز العلاقات التاريخية بين البلدين ووضع خارطة طريق لها على المدى الطويل بدأت في العاصمة الإماراتية أبو ظبي في 24 جمادى الأولى 1438 هـ الموافق 21 فبراير 2017م أعمال الخلوة الاستثنائية المشتركة بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، تحت اسم “خلوة العزم”، انطلاقاً من توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وأخيه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة – حفظهما الله-، واستكمالاً لجهودهما ضمن منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث تجسد “خلوة العزم” حرص البلدين على توطيد العلاقات الأخوية بينهما، والرغبة في تكثيف التعاون الثنائي عبر التشاور والتنسيق المستمر في مجالات عديدة.

فقد تم إنشاء مجلس التنسيق السعودي الإماراتي ضمن اتفاقية بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في شهر مايو 2016، بهدف التشاور والتنسيق في الأمور والموضوعات ذات الاهتمام المشترك في المجالات كافة.

وانتهجت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ إنشائها سياسة واضحة على مستوى المنطقة الخليجية والعربية والدولية وعملت على توثيق كل الجسور التي تربطها بشقيقاتها دول الخليج العربي ودعمت كل الخطوات للتنسيق معها.

وتحقق هذا الهدف عند إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية حيث احتضنت أبوظبي أول مؤتمر للمجلس الأعلى في الخامس والعشرين من مايو عام 1981م الذي تم خلاله إعلان قيام مجلس التعاون‌.

وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة التي تتألف من سبع إمارات هي (أبوظبي ودبي والشارقة ورأس الخيمة والفجيرة وعجمان وأم القيوين)، من أنجح التجارب الوحدوية التي ترسخت جذورها على مدى أكثر من أربعة عقود متصلة ويتميز نظامها بالاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وذلك نتيجة طبيعية للانسجام والتناغم بين القيادات السياسية والتلاحم والثقة والولاء والحب المتبادل بينها وبين مواطنيها.

واضطلعت دولة الإمارات العربية المتحدة بدور نشط على الساحتين العربية والدولية وعملت بمؤازرة شقيقاتها دول مجلس التعاون لتحقيق التضامن العربي ومواجهة التحديات التي تواجه الأمتين العربية والإسلامية.

كما كان لها أثر فاعل في جامعة الدول العربية وفي منظمة المؤتمر الإسلامي وهيئة الأمم المتحدة ومجموعة دول عدم الانحياز والعديد من المنظمات والهيئات العربية والدولية.

فسياسياً تتبنى دولة الإمارات منذ تأسيسها سياسة خارجية ناجحة ونشطة، قوامها التوازن والاعتدال وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وذلك من منطلق إدراك القيادة الرشيدة أن للدولة موقعاً مسؤولًا على الصعد العربية والإقليمية والدولية كافة.

وقد نجحت الدبلوماسية الإماراتية في إطلاق العديد من المبادرات التي تمت صياغتها لخدمة مواطنيها وشعوب العالم أجمع بالإضافة إلى دورها في تحقيق العديد من الإنجازات التي أسهمت بدورها في تعزيز مكانة الدولة على المستويين الإقليمي والدولي.

إنّ الدبلوماسية الإماراتية واصلت خلال عام 2017 جهودها في بناء وتعزيز علاقات الدولة مع مختلف دول العالم حيث بلغ عدد الدول التي ترتبط مع دولة الإمارات بعلاقات دبلوماسية /192/ دولة فيما ارتفع عدد سفارات الدولة في الخارج إلى /84/ سفارة و/20/ قنصلية إضافة إلى أربع بعثات دائمة بينما بلغ عدد السفارات الأجنبية لدى الدولة /113/ سفارة و/74/ قنصلية عامة و/16/ مكتباً تابعاً للمنظمات الإقليمية والدولية.

وقد ارتفع عدد الدول التي تسمح لمواطني الإمارات بدخول أراضيها بجواز السفر العادي إلى /136/ دولة في العالم، عدد كبير منها تمنح تأشيراتها لمواطني الدولة من خلال مطارات الوصول أو منافذ الدخول إليها أو عبر الإنترنت، واحتلت دولة الإمارات المرتبة /26/ على مستوى العالم من حيث قوة جواز السفر وذلك وفقا لمؤشر “PASSPORT INDEX” .

وبالتوازي مع ذلك تمكنت الدبلوماسية الإماراتية من استكمال إنجاز إتفاقية إعفاء مواطني الدولة من تأشيرة الشنغن حيث تسمح هذه الاتفاقية لهم بعبور /34/ دولة أوروبية من بينها /26/ دولة تابعة للاتحاد الأوروبي من دون تأشيرة الشنغن المسبقة، وكانت وزارة الخارجية والتعاون الدولي والاتحاد الأوروبي وقعتا هذه الاتفاقية في بروكسل خلال شهر مايو 2015 وبدأ سريان الإعفاء من تاريخ التوقيع، وقد جاء استكمال إنجازها في إطار جهود الوزارة وحرصها على خدمة المواطن الإماراتي وتسهيل حركته وتمكينه من إنجاز أعماله ومتطلباته المختلفة.

وفي مجال المساعدات الخارجية الإماراتية والتي تحتل موقعا متقدما في التعامل الخارجي، واصلت الدولة نهجها الإنساني في تقديم المساعدات التنموية والإنسانية والخيرية لمختلف مناطق العالم وشعوبها ليصل إجمالي عدد الدول التي استفادت من المشاريع والبرامج التي قدمتها المؤسسات الإماراتية المانحة منذ تأسيس الدولة عام 1971 وحتى الوقت الحاضر إلى أكثر من /178/ دولة.

وقد زادت قيمة المساعدات التنموية والإنسانية والخيرية التي قدمتها الإمارات خلال العقود الماضية عن /173/ مليار درهم توزعت على /21/ قطاعا جاءت في مجملها لتركز على سبل تحسين حياة البشر، وهو ما جعل الدولة تتربع على رأس قائمة الدول الأكثر سخاء على مستوى العالم .

ورسخت دولة الإمارات العربية المتحدة بما تقدمه من دعم سخي لمنظمات ووكالات هيئة الأمم المتحدة نموذجا فريدا لخدمة الأهداف الإنسانية للهيئة وللرقي بالعمل الدبلوماسي في مختلف وكالاتها ومنظماتها المتخصصة.
فمنذ انضمامها إلى هيئة الأمم المتحدة في التاسع من ديسمبر /كانون الأول/ عام 1971، عملت دولة الإمارات على دعم أنشطة الهيئة إيماناً منها بتعزيز ميثاق الأمم المتحدة والقوانين والأعراف الدولية، ولقناعتها بدور الهيئة في تعزيز العلاقات الدولية وتحقيق التنمية المستدامة.

وحَرَصت الإمارات على تعزيز عضويتها في المنظمات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة كمنظمة الصحة العالمية، ومنظمة العمل الدولية، ومنظمة الأغذية والزراعة /الفاو/، ومنظمة التربية والعلوم والثقافة /اليونسكو/، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة /اليونيسف/.

وتمكنت دولة الإمارات في 7 ديسمبر 2017 من الفوز بعضوية ثلاث لجان تابعة لمنظمة “اليونسكو” نظرا لدورها المشهود في تطوير آليات العمل في المنظمة العالمية ولجانها وجهودها الرامية لتحقيق تواصل فعال بين الدول الأعضاء بما ينعكس بشكل إيجابي على أطياف المجتمع العالمي كافة.

وترتبط دولة الإمارات العربية المتحدة باتفاقيات تعاون مع أكثر من 28 منظمة دولية من منظمات هيئة الأمم المتحدة التي تقوم بتنفيذ نحو 80 مهمة استشارية وفنية في الدولة لمصلحة عدد من الوزارات والمؤسسات والدوائر الاتحادية والمحلية.

وعملت دولة الإمارات بنجاح مع الأمم المتحدة على مر الأعوام الماضية، وقدمت يد العون لمختلف الهيئات التابعة للمنظمة، ففي عام 2018م قدمت الإمارات وفي إطار جهودها لتخفيف وطأة الوضع الإنساني في اليمن مبلغ 1.84 مليار درهم، أي ما يوازي 500 مليون دولار أميركي لدعم خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية في اليمن للعام 2018م.

وتبرعت في نفس العام بمبلغ إضافي قدره 50 مليون دولار لدعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة /الأونروا/.

ولم تدخر دولة الإمارات جهدا لمد يد العون لكل من دفعتهم الظروف إلى ترك أوطانهم واللجوء إلى أماكن أخرى بحثا عن الأمن والاستقرار حتى باتت جهود الإمارات تشكل نقطة الانطلاق الأساسية في كل تحرك دولي نحو معالجة هذه المشكلة المتفاقمة، مع وصول عدد اللاجئين في العالم في بداية عام 2017 إلى 22,5 مليون لاجئ بحسب إحصائيات منظمة الأمم المتحدة.

وتعكس التجربة الإماراتية في مساعدة اللاجئين منظومة القيم الإنسانية التي يقوم عليها مجتمعها المحلي المتمثلة في التسامح والمحبة واحترام جميع الثقافات والأديان والأعراق البشرية.

وفي مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، حققت الإمارات إنجازات مهمة سواء عبر المشاركات العسكرية في التحالفات الإسلامية والدولية أو عبر سن القوانين المحلية التي تحاصر الإرهاب ومسبباته مثل “قانون مكافحة التمييز والكراهية” والقانون الاتحادي رقم (7) لسنة 2013م لإنشاء مركز هداية الدولي للتميز في مكافحة التطرف العنيف، إضافة إلى إصدار مرسوم بقانون يقضي بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها ومكافحة أشكال التمييز ونبذ خطاب الكراهية وتجريم التمييز بين الأفراد أو الجماعات على أساس الدين أو العقيدة أو المذهب أو الملة أو الطائفة أو العرق أو اللون أو الأصل.

من جهة أخرى عملت الحكومة على تبني العديد من المبادرات المعنية بالاتصالات الإستراتيجية وأثر وسائل التواصل الاجتماعي في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف ولعل أبرزها: مركز صواب وهو مبادرة بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية للعمل على تسخير وسائل التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت من أجل تصويب الأفكار الخاطئة وإتاحة مجال أوسع لإسماع الأصوات المعتدلة، والذي يأتي ضمن إطار تعزيز جهود التحالف الدولي في محاربة تنظيم داعش الإرهابي .

وحققت دولة الإمارات العربية المتحدة قفزات تنموية بفضل الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي والبنية الأساسية المتطورة التي أنجزتها والإستراتيجيات الاقتصادية والمالية التي انتهجتها والتي ترتكز على الحرية الاقتصادية وتشجيع الاستثمارات وتنويع مصادر الدخل القومي في تحقيق التطور الاقتصادي في مختلف القطاعات الإنتاجية.

وتبوأت دولة الإمارات العربية المتحدة على الصعيدين الإقليمي والدولي مكانة متقدمة ومرموقة في خارطة أكثر الدول تقدماً وازدهاراً واستقراراً في العالم بحلولها في المركز الثاني عشر في تقرير التنافسية العالمي الذي صدر عن المنتدى الاقتصادي العالمي “دافوس” للعام 2014 – 2015م متقدمة بذلك على دول كالدنمارك وكندا وكوريا الجنوبية في إحراز ترتيب الصدارة في العديد من المؤشرات الكلية للتقرير.

وأحرزت دولة الإمارات العربية المتحدة تقدماً جديداً وبارزاً في مؤشر الابتكار العالمي بعدما حافظت على صدارتها في المركز الأول عربيا، وحصدت المركز الـ 35 عالميا، لتحقق بذلك قفزة لتكون ضمن بلدان الفئة العليا الأكثر ابتكارا في الترتيب العام للمؤشر.

ووفقا لتقارير التنافسية العالمية 2017 تصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة المركز الأول في مؤشر كفاءة الإنفاق الحكومي، وذلك نتيجة لحسن إدارة الموارد المالية للدولة والحد من هدر المال العام والتوجيه نحو الاستثمارات والمنافع الاجتماعية لخدمة جميع أفراد المجتمع، والمركز الثاني في مؤشر كفاءة الأعمال والمركز الرابع في مؤشر الكفاءة الحكومية والمركز الخامس في مؤشر الأداء الاقتصادي.

وتمضي مسيرة دولة الإمارات العربية المتحدة بخطوات واثقة في دروب التميز والتفرد في سعيها لتحقيق ريادة عالمية في مختلف القطاعات ركيزتها “رؤية الإمارات 2021” ..فالعناصر الأربعة لهذه الرؤية الوطنية “متحدة في المسؤولية .. متحدة في المصير .. متحدة في المعرفة .. متحدة في الرخاء” شكلت مرتكزاً رئيسياً انطلقت منه مختلف قطاعات الدولة لإطلاق المبادرات المتفردة وتحقيق الإنجازات خلال عام 2017م .

ومرت مسيرة الإمارات خلال عام 2017 بمحطات عديدة من التميز والريادة والإنجاز ارتبطت بتحقيق مؤشرات الأجندة الوطنية الـ 52 لرؤية الإمارات 2021.

وانطلاقا من نهج الدولة وقيادتها الرشيدة بأن لا حدود للتميز فلا يمكن لأمة طموحة أن تحقق أهدافها بالركون إلى إنجازات الماضي .. لم تقف مسيرة دولة الإمارات كثيرا عند ما تحقق بل مضت في طريقها نحو الوصول للمحطة الأهم في عام 2021 لتحتفل حينها باليوبيل الذهبي وتحتفي كواحدة من أفضل دول العالم.

وشهد عام 2017 محطات مهمة في مسيرة العمل الحكومي الإماراتي يأتي أبرزها “خمسية التحدي” فالسنوات الخمس المقبلة هي سنوات التحدي والإنجاز لتحقيق جميع أهداف الأجندة الوطنية لرؤية الامارات 2021.

وتصدرت دولة الإمارات دول المنطقة في أكثر من 100 مؤشر تنموي رئيسي بالإضافة إلى العديد من المؤشرات الأخرى مثل مؤشر البنية التحتية وجودة الطرق وجودة البنية التحتية للنقل الجوي والبحري ومعدلات الأمن والأمان ومعدلات التحاق الإناث بالتعليم الجامعي وكفاءة الحكومة والثقة بالحكومة وغيرها.

فقد حقق الاقتصاد الإماراتي ثمانية مكاسب نتيجة اتباع سياسة التنويع في الموارد الرافدة للاقتصاد الوطني مع نهاية العام 2017، وذلك بحسب ما يظهره الرصد الخاص بحركة مؤشرات القطاعات التي شكلت العصب الرئيسي لهذا النهج الرشيد الذي يستهدف التحضير لحقبة ما بعد النفط.

وجاء النجاح الذي أحرزته الدولة في تنويع القاعدة الاقتصادية مرتكزا على العديد من العناصر والتي تمثلت في زيادة مساهمة القطاع الخاص في التنمية الشاملة بشكل عام وتنمية القطاعات الاقتصادية ذات القيمة المضافة العالية على وجه الخصوص.

وتضمنت قائمة القطاعات التي ساهمت في زيادة مكاسب الدولة على صعيد التنويع الاقتصادي، (الصناعات التحويلية بجانب الصناعات المعرفية وصناعة الطيران والفضاء والنقل والتخزين والخدمات المالية والسياحة والطاقة الجديدة والمتجددة) وغيرها من القطاعات الأخرى.

ويجمع خبراء الاقتصاد على أن تطور هذه القطاعات كان له أثر كبير في توفير المناخ الملائم لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتعزيز وتفعيل الابتكار على المستويات كافة .. مؤكدين على أن هذا التطور شكل حافزا لتأسيس المناطق الصناعية والمناطق الحرة، وتكوين شراكات مع الشركات العالمية متعددة الجنسيات، وتطوير البنية التشريعية والتنظيمية بشكل عام.

وتشير القراءة الرقمية لقائمة المكاسب التي حققتها الإمارات نتيجة تنويع القاعدة الاقتصادية إلى تطور الناتج الإجمالي بالأسعار الجارية من 58.3 مليار درهم عام 1975 إلى 1.405 تريليون درهم عام 2017 .. كما ارتفعت مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج الجاري لتبلغ 1.092 تريليون درهم مقابل 25 مليار درهم خلال فترة الرصد ذاتها.

أما على صعيد الناتج الإجمالي بالأسعار الثابتة .. فقد ارتفع من 77.5 مليار درهم عام 1975 إلى 1.422 تريليون درهم عام 2017 وارتفعت مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج بالأسعار الثابتة من 32.2 مليار درهم إلى 1.003 تريليون درهم خلال الفترة نفسها .

وتظهر مؤشرات النجاح في التنويع الاقتصادي، زيادة نسبة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج الجاري إلى نحو 77.7 % عام 2017 بعد أن كانت 42.9 % عام 1975 وذلك مقابل تراجع نسبة مساهمة القطاعات النفطية في الناتج الجاري من 57.1 % عام 1975 إلى 22.3 % العام 2017 .

كذلك فقد ارتفعت نسبة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج الإجمالي بالأسعار الثابتة إلى 70.5 % عام 2017 بعد أن كانت 41.5 % عام 1975 وفي المقابل تراجعت نسبة مساهمة القطاعات النفطية إلى الناتج الإجمالي بالأسعار الثابتة من 58.5 % عام 1975 إلى 29.5 %عام 2017.

وعلى صعيد القطاعات السبعة التي شكلت قاطرة التنويع الاقتصادي .. فقد استحوذت تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات ذات المحركات والدراجات النارية والأنشطة المالية وأنشطة التأمين والتشييد والبناء والصناعات التحويلية وقطاع الإدارة العامة والدفاع والضمان الاجتماعي والأنشطة العقارية والنقل والتخزين على النصيب الأكبر من حيث القيمة والنسبة في ناتج القطاعات غير النفطية خلال الفترة 2017 – 2010 حيث تطورت قيمة مساهمتها من 571 مليار درهم إلى 766.3 مليار درهم مع نهاية العام الماضي الأمر الذي يعكس تبلور أسس اقتصاد حقيقي متنوع يعتمد على قواعد إنتاجية وخدمية بعيدا عن النفط.

وكان للتنويع الاقتصادي أثر أيضا في التطور الذي سجله متوسط نصيب الفرد من الناتج بالأسعار الثابتة حيث ارتفع من 138900 درهم عام 1975 إلى 155600 درهم عام 2017 و 104500 درهم إلى 153700 درهم بالأسعار الجارية ومن 104500 درهم عام 1975 إلى 153700 درهم .

وتضاعف متوسط نصيب الفرد من الناتج الإجمالي غير النفطي بالأسعار الجارية من نحو ثلاث مرات من 44800 درهم عام 1975 إلى 119500 درهم عام 2017 كما تضاعف بنحو مرتين بالأسعار الثابتة من 57800 درهم إلى 109800 درهم على التوالي.

واستمرت مستويات التضخم ضمن الحدود المقبولة خلال الفترة وسجلت 3.6 % عام 2017 متراجعة عن مستوياتها في العامين 2015 و 2016.

ومن المتوقع لسياسة التنويع أن تحقق الإمارات المزيد من النجاح والتقدم على المدى المتوسط والبعيد وأن تصل نسبة نمو الناتج الإجمالي غير النفطي إلى 5% بحلول العام 2021 وترتفع نسبة مساهمة القطاعات غير النفطية بالناتج إلى 80% مع تقليص مساهمة قطاع النفط إلى 20 % من الناتج الإجمالي.

وفي مجال البنية التحتية أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة العديد من المشاريع التي تبلغ قيمتها مليارات الدراهم منذ بداية عام 2017م، وتتنوع ما بين المشروعات السكنية ومشاريع تطوير البنية التحتية ومنها مشروع عالمي للطاقة الشمسية المركزة في موقع واحد بدبي بتكلفة 14 مليار درهم ومشروع “مجمع أبراج الإمارات للأعمال” في دبي بتكلفة 5 مليارات درهم، إضافة إلى مشروع “وترز أج” بقيمة 2.4 مليار درهم الذي يطل على الواجهة البحرية في جزيرة ياس بأبوظبي.