قرية رجال تستعد لليونسكو

الأحد ٢ ديسمبر ٢٠١٨ الساعة ٦:٠٧ مساءً
قرية رجال تستعد لليونسكو

أنهت 8 جهات حكومية وخاصة أعمالها المتعلقة بملف انضمام قرية “رجال ” التراثية بمحافظة رجال ألمع ، التي تقع غرب مدينة أبها 50 كيلو متر تقريباً، إلى قائمة “اليونسكو” للتراث العالمي.
وتزينت قرية “رجال” التراثية التي تضم بين أسوارها عشرات القصور المبنية بالأحجار الصلبة، لترسم لوحة فريدة بهندستها المعمارية ونقوشها الدقيقة وقناديلها المضاءة في أروقتها وعلى جنبات الطرق المؤدية إليها، حيث أظهرت جولة فريق وكالة الأنباء السعودية أمس، ضمن الوفد الإعلامي الذي شارك فيه عدد من منسوبي وسائل الإعلام على المستوى المحلي، للوقوف على ما يكتنزه المكان من مخزون تاريخي وتراث عريق، جعلها ضمن المواقع التاريخية في المملكة المرشحة للانضمام لقائمة التراث العالمي ” اليونسكو”.


وانطلقت الأعمال العاجلة في القرية قبل شهرين تقريباً، بتوجيه من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير ، ومتابعة مستمرة من نائبه صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، لتحقيق متطلبات انضمام القرية إلى قائمة التراث العالمي ، حيث شارك في أعمال الترميم وتحقيق الطلبات والشروط أمانة المنطقة ممثلة في بلدية رجال ألمع وفرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وفرع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد وفرع وزارة النقل وفرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمنطقة والشركة السعودية للكهرباء ومشغل القرية.


وأظهر عرض مرئي شاهده الوفد الإعلامي خلال الزيارة، أبرز ملامح الأعمال التي تمت في قرية “رجال” التراثية منذ بدء الأعمال العاجلة، حيث قامت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني على ترميم وتعديل واجهات بعض مباني القرية وتزيين مجلسها العام بالقط العسيري وتأثيثه بما يتناسب مع بيئة المكان، وبناء جدار لحماية مبنى مركز الزوار من السيول واستبدال اللوحات الإرشادية بلوحات صغيرة مناسبة لبيئة المكان، وأزالت بلدية محافظة رجال ألمع بعض المباني الإسمنتية المستحدثة وأعادت بناء أخرى بالأحجار الموجودة في المكان، إلى جانب إزالة غرف الضيوف واستبدالها بنمط مفتوح مناسب لبيئة القرية،وإعادة تأهيل إضاءات القرية بما يتناسب مع طابعها التقليدي، وطمست بعض الكتابات الحجرية المستحدثة ،وعولجت الجداريات الإسمنتية في القرية ورصفت أسطح المحلات التجارية،كما قام مشغل القرية من جانبه، بطمس الرسومات والجبسيات والألوان الجديدة والعمل بالرسومات القديمة وإزالة أعمال الجبس وأعمال الدهانات الجدارية وأعمال البلاط الأرضية وإستبدالها بما يتناسب مع بيئة المبنى ووضع صناديق للمقتنيات لحفظها وتسهيل عملية عرضها في المتحف، وقام فرع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بدوره في معالجة واجهة مسجد القرية بما يتناسب مع بيئة المكان ومكوناته.


وبدأت جولة الوفد الإعلامي التي نظمها فرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالمنطقة بالتعاون مع إحدى المؤسسات الإعلامية لدعم ملف تسجيل قرية “رجال” التراثية، بزيارة عدد من المواقع السياحية القريبة من القرية، كما شارك الفريق في مبادرة زراعة السدر في المحافظة ، ثم زار الجميع متحف “طرشي” لصاحبه طرشي محمد الصغير ، وهو متحف خاص يقع على ضفاف وادي “رجال” بجوار القرية التراثية ويحتوي على مئات القطع التراثية موزعة على 6 أركان، للأدوات المنزلية المستخدمة قديما ثم ركن الملبوسات التقليدية للمرأة والرجل وركن يحوي أدوات معاقبة الخارجين عن النظام العام قديماً، وركن للأسلحة الشخصية المستخدمة قديماً، مثل الرماح والبنادق والسيوف والخناجر من مختلف العصور.
ولطبيعة المكان الزراعية احتوى المتحف على نماذج عديدة من المحاريث المستخدمة في الزراعة قديماً، ولفتت أنظار الوفد غرفة استقبال الضيوف القديمة التي تحتوي على نقش ” القط العسيري” بشكله الأصيل إضافة إلى مقاعد الجلوس الخشبية المعروفة بـ “القعادة”، ثم قدّمت الفنون الشعبية التي تشتهر بها القرية منذ القدم ومن أبرزها لوني ” الدمة” و” الخطوة.


وتعتمد أهمية قرية “رجال” التاريخية والأثرية على عمقها الحضاري، ويذكر عدد من الباحثين أنها كانت حاضرة في التاريخ قبل القرن العاشر الهجري، وامتازت بريادتها في مجالات عدة من أبرزها التجارة والفنون المعمارية الفريدة المتمثلة في الحصون الشاهقة المبينة بطريقة فنية بديعة تجمع بين الجمال والإتقان واستغلال المساحات بشكل لافت، حيث تتراص 8 حصون على مساحات صغيرة متقارية، لتصنع كتلة واحدة بارتفاعات متفاوتة، يصل بعضها إلى 6 طوابق زخرفت من الخارج بحجر “المرو” الأبيض، كما زينت من الداخل بالنقوش الفنية التي يطلق عليها ” القط العسيري” ، مما جعلها مقصدا للزوار القادمين إلى منطقة عسير من داخل المملكة وخارجها.