سر الـ 63 عاماً لموقف الصين من إرهاب إيران

الخميس ٢١ فبراير ٢٠١٩ الساعة ٨:٠١ مساءً
سر الـ 63 عاماً لموقف الصين من إرهاب إيران

عندما زار الرئيس الصيني شي جين بينغ السعودية في 19 يناير 2016، بعد 16 يوماً فقط من قطع السعودية لعلاقاتها الرسمية مع إيران، في أعقاب الاقتحام الشهير والمشين لسفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد بالحرق والتخريب، حاول أن يقوم بدور “الوسيط النزيه” بين الطرفين من أجل إجراء مصالحة، خصوصاً أنه زار إيران عقب الزيارة السعودية، في 23 يناير من نفس العام (بعد يومين من مغادرة السعودية، بعد زيارة قصيرة لمصر آنذاك).

وبعد أكثر من عام، عندما زار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الصين في 16 مارس 2017، أعاد بينغ محاولات الوساطة، ولكن على استحياء، وكأنه كان يعلم أن الملك سلمان سيرفضها، وهذا ما حدث بالفعل. ولكن من ذلك الوقت أدركت الصين أن لغة الاقتصاد مع السعودية أهم من اللغات السياسية “المعقَّدة”، خصوصاً أن الاتفاقيات الموقَّعة في زيارة الملك بلغ مردودها الاقتصادي أكثر من 65 مليار دولار.

تأثيرات الرؤية

عندما زار الرئيس الصيني بينغ الرياض في يناير 2016، كأول زيارة له لبلد عربي منذ توليه الحكم وكأول زيارة بعد 7 سنوات من آخر زيارة للرئيس الصيني السابق هو جين تاو في 10 فبراير 2010، لم تكن السعودية قد أعلنت بعد عن حلمها الكبير “رؤية 2030” (26 أبريل 2016)، أي أن الزيارة سبقت إعلان الرؤية بأكثر من 3 أشهر.

ولا يخفى لعاقل أن دراسة محاور الرؤية، من مختلف جوانبها وعلى رأسها الجانب الاقتصادي، من أي خبير حاذق، لا يمكنه المغامرة بعيداً عنها. لهذا اختلفت لغة الوساطة السياسية الصينية بشأن ملف إيران تدريجياً، وخفّت كثيراً، رغم ما يُثار من أحاديث عن احتمالية إعادتها مع الزيارة الراهنة لولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز.

ولا يخفى أن الأمير محمد بن سلمان عندما كان ولياً لولي العهد، زار الصين بعد نحو 4 أشهر من إعلان الرؤية، وتمكّن هناك من توقيع اتفاقية لإنشاء لجنة سعودية صينية مشتركة لتقوية الروابط التجارية والاستثمارية، وكانت البداية بتوقيع 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم في عدة مجالات، أبرزها الطاقة وتخزين الزيوت ومجالات التعدين والتجارة.

معادلة الـ 63 عاماً

في عام إعلان الرؤية (2016)، الذي شهد زيارة بينغ للسعودية في يناير وزيارة الأمير محمد بن سلمان للصين في أغسطس، احتفت الصين بمرور 60 عاماً آنذاك (63 عاماً حالياً) على بدء علاقاتها الدبلوماسية مع أبرز الدول العربية.

ولعل هذه المعادلة السياسية للاحتفائية بعلاقتها عمرها الآن 63 عاماً، والنابعة عن تقدير الحكومة الصينية لها كحقيقة دبلوماسية مهمة، تعني الكثير بالنسبة لخبراء السياسة، إذ إن التضحية بالعلاقة مع أبرز الدول العربية المختلفة مع إيران حالياً وبشكل منهجي، تبدو أمراً غير مقبول بالنسبة لدولة تبني الكثير من المصالح مع هذه الدولة العربية، ولا معنى مطلقاً للاستغناء عنها في مقابل إرضاء الطرف الإيراني ومعسكره الموالي.

رسالة بكين الرافضة للإرهاب

ترفض حكومة بكين الإرهاب العالمي، وأعلنت الصين كثيراً أنها تريد تعميق روابطها الدفاعية وتعاونها مع العالم العربي لمكافحة الإرهاب. كما تؤكد على أن بعض مسلمي الويغور في إقليم شينجيانغ (غرب الصين) سافروا إلى سوريا والعراق للقتال في صفوف جماعات متشددة، وبالفعل كان تنظيم داعش قد أعدم في نوفمبر 2015 رهينة من الصين.

وعبر التاريخ المعاصر، تتخوّف حكومة بكين من التدخل السياسي في الشرق الأوسط، خصوصاً مع عدم خبرتها بالتعامل مع توتراته السياسية والطائفية، لكنها تأمل أيضاً في لعب دور مختلف رغم خشيتها من الدخول إلى “مقبرة”، على حد وصف أحد محلليها السياسيين.