إسهامات المملكة في مؤتمرات القمة العربية.. سِجل مشرف من البطولة والكرامة والإنسانية

الأربعاء ٢٧ مارس ٢٠١٩ الساعة ٥:٤٣ مساءً
إسهامات المملكة في مؤتمرات القمة العربية.. سِجل مشرف من البطولة والكرامة والإنسانية

منذ انضمامها لمنظمة الأمم المتحدة في أكتوبر 1945، ومشاركتها في أولى القمم العربية سنة 1946، وللمملكة دور مشرف سطرته مواقف البطولة والكرامة بحروف من نور في سجل التاريخ، ذلك الدور الذي حارب منذ البداية لنيل الدول العربية والإسلامية حقوقها في العيش الحر والسلام والوحدة والكرامة، فمنذ أول قمة عربية وحتى آخر قمة والمملكة تسعى إلى الدفاع عن القضايا العربية المصيرية وتبذل جهودًا لم ينسها التاريخ من أجل وحدة الأمة وكرامتها وإرساء مبادئ الاستقلال والسلام والعيش المشترك. فما هو الدور الذي قامت به المملكة في تاريخ مؤتمرات القمة العربية؟ وما هي الجهود التي قدمتها قيادات المملكة بملوكها ووزراء خارجيتها منذ أول قمة حتى اليوم؟

القمة الأولى.. الدفاع عن فلسطين والحق في الاستقلال
وعقدت أول قمة عربية سنة 1946 بعد عام واحد من تأسيس جامعة الدول العربية وذلك بمدينة أنشاص بمحافظة الشرقية بمصر، وشاركت فيها سبع دول فقط هم المؤسسون الأوائل للجامعة العربية وهذه الدول هي: المملكة ومصر وسوريا والعراق والأردن واليمن ولبنان، وكانت القمة طارئة حيث كان موضوعها الرئيسي الذي انعقدت من أجله هو وقف العدوان على فلسطين والدعوة من أجل تحرير الدول العربية من الاستعمار، فالمملكة كانت منذ البداية حاضرة في قلب العالم العربي، تسعى إلى استقراره ووحدته فأسهمت في تأسيس الجامعة العربية، وكانت –ولا تزال- حريصة على الدفاع عن قضاياه ومشكلاته المصيرية فكانت أول المشاركين في أول قمة من أجل نيل الاستقلال والدفاع عن فلسطين.


قمة بيروت.. الانتفاض من أجل العدوان على مصر

بعد قرار الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس أعلنت كلٌّ من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل الحرب على مصر فيما عُرف بالعدوان الثلاثي، فعقدت الدول العربية قمة بيروت سنة 1956 من أجل الدفاع عن الأراضي المصرية، ورغم أن الرئيس المصري لم يحضر المؤتمر بسبب الحرب إلا أن الدول العربية، وفي مقدمتها المملكة التي تكفلت بعقد هذه القمة الثانية، أصدرت بيان إدانة بالعدوان الثلاثي، معلنةً تمسكها بحق مصر المشروع في الدفاع عن نفسها.


قمة الخرطوم.. واللاءات الثلاثة
بعد حرب النكسة بشهرين، وتحديدًا في 29 أغسطس من سنة 1967 انعقدت القمة العربية في الخرطوم في مؤتمر تاريخي عرف بقمة “اللاءات الثلاثة” وهي: “لا سلام، لا اعتراف، لا مفاوضات مع إسرائيل”، وكان للمملكة مع أشقائها –الكويت وليبيا- الدور الأبرز حيث قدمت هذه الدول الثلاث مساعدات بقيمة 147 مليون جنيه من أجل دعم مصر ومساعدتها في الصراع العربي الإسرائيلي، ذلك الصراع الذي كانت المملكة عاملاً رئيسياً وبطلاً من أبطال فصوله المختلفة في الدفاع عن حقوق الأمة العربية والإسلامية.


قمة الرياض.. دعوة لوقف شلال الدم

في أكتوبر 1976 طالبت المملكة بعقد قمة عربية طارئة لبحث أزمة لبنان وتجنب الحرب الأهلية التي اندلعت نيرانها سريعًا، فما كان من المملكة إلا أن تدعو لقمة طارئة مصغرة على أراضيها ضمت كلًا من المملكة ومصر والكويت وسوريا ولبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية؛ بهدف وقف نزيف الدم والحفاظ على وحدة الأراضي اللبنانية، مع التأكيد على احترام سيادة لبنان ورفض تقسيمه والمساعدة في إعادة إعماره، فلطالما كانت المملكة حريصة منذ عقود مضت وحتى اليوم على استقلال لبنان ووحدة أراضيه ولطالما كانت صمام الأمان ضد كل الخلافات المذهبية والطائفية التي تحرق أخضر لبنان ويابسها.

قمة بيروت 

في سنة 2002 أطلق الملك عبدالله والذي كان آنذاك وليًا للعهد مبادرة تاريخية عرفت بمبادرة السلام العربية وهدفها إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليًا على حدود 1967 وعودة اللاجئين وانسحاب إسرائيل من هضبة الجولان المحتلة، هذه المبادرة التي لاقت ترحيبا عربيا واسع النطاق تم الإعلان عنها في القمة العربية في بيروت سنة 2002، وإيمانًا من الحكومات العربية بقيمة هذه المبادرة وبدور المملكة في دعم العروبة والأمة الإسلامية فقد كانت أعمال هذه القمة العربية العادية في دورتها الرابعة عشر تدور بشكل كامل حول المبادرة التي أصبحت فيما بعد مبادرة عربية للسلام.


قمة الرياض.. قمة من أجل الحفاظ على الهوية العربية

لم يقف دور المملكة في تاريخ القمم العربية على الدفاع عن قضايا الأمة السياسية والاقتصادية فقط، بل امتد ذلك ليشمل القضايا الثقافية أيضا، فلطالما آمنت المملكة وقيادتها بقيمة ودور الثقافة في الحفاظ على الشعوب والأمم، وضمن هذا السياق استضافت الرياض القمة العربية العادية في دورتها التاسعة عشرة في مارس 2007 لبحث القضايا العربية في عمقها الحضاري والتاريخي والثقافي.

ففي ختام هذه القمة أكد القادة العرب ضرورة السعي والعمل الجاد والحثيث على الحفاظ على الهوية العربية وتحصينها من أي أخطار خارجية أو داخلية ودعمها وترسيخ مبادئها في قلوب الأطفال وعقول الشباب ونفوس المواطنين، كما أكدوا على أهمية نشر قيم الاعتدال والتسامح والحوار ورفض كل أشكال الإرهاب والغلو والعنصرية والكراهية، في دعوة مفتوحة وعالمية لنشر قيم الإنسانية في عالمنا المعاصر.
هذه هي المملكة في بعضٍ من تاريخها المشرف في لقاءات القمم العربية، دور عربي إسلامي يدافع عن قضايا الأمة في بعدها السياسي، ودور اقتصادي لا يدخر جهداً في تقديم الدعم والمساعدات للأشقاء العرب، ودور إنساني حضاري لا يَنسى دور الثقافة وقيم التسامح والعيش المشترك في عالم واحد يعمه السلام والمحبة وينبذ الطائفية والكراهية، تلك هي المملكة كانت ولا تزال تقدم إسهاماتها السياسية والحضارية للأمة العربية والعالم كله.