اليوم الدولي للعمل الخيري.. نحو عالم أكثر تراحماً

الإثنين ٩ سبتمبر ٢٠١٩ الساعة ١٢:٢٨ مساءً
اليوم الدولي للعمل الخيري.. نحو عالم أكثر تراحماً

الإنسانية هي التي تقود خطانا إلى عالم مفعم بالمحبة والتقارب والتعايش المشترك، وهي مجموعة الأفكار والسلوكيات المقبولة والحميدة، التي تبين أهمية الإنسان وقيمته تجاه أخيه الإنسان وفي مجتمعه أياً كان مركزه في المجتمع ومقدراته وحالته التكوينية وهي قيمة نبيلة تشمل الجميع دون تمييز بين عرق وعرق أو وفق جنس أو لون، لذلك يحتفل العالم في الرابع من سبتمبر من كل عام بـ «اليوم الدولي للعمل الخيري»، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، عرفاناً بقيمة هذا العمل النبيل، فضلاً عن دعوة الأفراد إلى التطوع والانخراط في العمل الخيري من أجل عالم أكثر تراحماً وعطفاً.

والمملكة التي تولي العمل الخيري أهمية كبرى انطلاقاً من مرتكزاتها الثابتة ومبادئها التي قامت عليها وسارت بها عبر تاريخها المشرف الضارب في أعماق التاريخ البشري وباعتبار العمل الخيري قيمة إنسانية قائمة على العطاء والبذل بأشكاله كافة وهي من أوائل الدول التي ترجمت معنى الثروة وحولتها إلى فكر مشع ومشاركة إنسانية تشمل العالم بأسره دون منة أو من أجل استثمار وقتي أو مصالح ضيقة.

وقد نجحت المملكة بدعم القيادة الرشيدة، وعبر جهود طويلة في تنظيم ومأسسة العمل الخيري وتحويله إلى ثقافة وسلوك مجتمعي راسخ في الإنسان السعودي الذي يملك بدوره رصيداً هائلاً من الاستعداد الفطري للبذل والعطاء طبقاً لثقافته ودينه اللذين يحثان على التكافل ويعليان من قيمته. ويعزى نجاح المملكة في هذا المجال إلى وضع الأطر التشريعية والتنفيذية التي تضمن له المرونة وسرعة التحرك، إضافة إلى فتح المجال أمام جميع فئات المجتمع للإسهام في الأعمال الخيرية.

ووفقاً لتقرير “آفاق القطاع غير الربحي 2018” الذي أصدرته مؤسسة الملك خالد الخيرية، فإن عدد مؤسسات القطاع غير الربحي في المملكة يبلغ 2598 مؤسسة، ومع ذلك فإن مساهمة القطاع في الناتج المحلي لا تتجاوز أربعة مليارات ريال، وهو بكل المقاييس رقم ضئيل، إذا قارناه بحجم الناتج المحلي الذي يفوق 2.5 تريليون ريال.

ولدينا أكثر من 686 جمعية خيرية تحت مظلة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، إضافة إلى ثماني مؤسسات مستقلة (تسمى المؤسسات المانحة) ولا تزيد مساهمتها في الناتج المحلي على 0.3 في المائة، لذلك تصدت “رؤية المملكة 2030” لهذه الإشكالية ومعالجتها بتفعيل الآليات والبرامج التي تدعم كفاءة القطاع الثالث، ورفع مساهمته في إجمالي الناتج المحلي من أقل من 1 ليصل إلى 5 في المائة.

كما أن المملكة والعمل الخيري والإنساني صنوان، ومن خبر المملكة جيداً لا يستغرب مبادراتها الإنسانية التي أرست دعائم الخير قاعدة في تعاملاتها دون تمييز أو تفرقة بين عرق أو دين، فهي مملكة الإنسانية التي تجمع تحت سمائها أجناساً وشعوباً، تعيش في أمن وأمان ورخاء وسعادة، وتتناقل سيرتها وتشاهد مآثرها ألسن وأعين من عاشوا على أرضها الخيّرة.

وتحتل المملكة مركزاً متقدماً ضمن قائمة أكثر الدول في العالم تقديماً للمساعدات الخيرية، بتوجيهات كريمة من ولاة الأمر الذين يدعمون بسخاء القطاع غير الربحي والجهود التطوعية والعمل الإنساني.

وجهود المملكة، في العمل الخيري والإنساني، في مختلف أرجاء العالم لا تخفى على أحد، ومساهماتها في مساعدة الدول المحتاجة بتنفيذ برامج نوعية ومرجعية، ومبادرات إنسانية رائدة في مختلف المجالات واضحة للعيان، فالمملكة في مقدمة دول العالم في العمل الإنساني، ووصلت مساعداتها لأكثر من 79 دولة، وأنشأت ذراعاً إنسانية بمبادرة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان – يحفظهما الله، وهي مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، الذي استطاع أن يصل إلى 44 دولة منذ إنشائه في مايو 2015.

وختاماً فإن الأيام الدولية هي مناسبات لتثقيف عامة الناس حول القضايا ذات الأهمية ولتعبئة الموارد، لمعالجة المشاكل العالمية والاحتفال بالإنجازات الإنسانية وتعزيزها. ونحن مواطني مملكة الخير أجدر الناس بأن نكون في الصفوف الأولى من المبادرين في دعم مثل هذه التوجهات تناغماً مع الزخم المؤسساتي الذي تقوم به الدولة واستناداً على قيمنا وما نشأنا عليه من تكافل قل أن تجد له نظيراً أو مثيلاً في أي مكان في عالمنا اليوم.

  • كاتب إعلامي وخبير في استراتيجيات القطاع الثالث

 

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني