الفيصل : لن نرتاح أو نهدأ حتى نستعيد أرض فلسطين

الإثنين ٢ ديسمبر ٢٠١٩ الساعة ٤:٢٣ مساءً
الفيصل : لن نرتاح أو نهدأ حتى نستعيد أرض فلسطين

تجسيدًا لموقفها الداعم للقضية الفلسطينية، ولمناسبة الذكرى السبعين للنكبة، أطلقت مؤسسة الفكر العربي تقريرها العربي الحادي عشر للتنمية الثقافية، تحت عنوان “فلسطين في مرايا الفكر والثقافة والإبداع”، وذلك في حفل خاص أقيم في فندق كمبينسكي العثمان الخُبر.

جاء ذلك بحضور صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، رئيس المؤسسة، وصاحب السمو الملكي الأمير بندر بن خالد الفيصل رئيس مجلس الإدارة، وصاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل، رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، وأعضاء مجلسي الأمناء والإدارة، وكُتاب التقرير، وشخصيات ثقافية وأكاديمية.

وألقى صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل كلمة قال فيها: ليست لدي كلمة اليوم، كلمتي واحدة هي فلسطين، فأهلًا بكم في الحديث عنها، وبتقديم فلسطين في هذا التقرير الذي أعتبره أفضل التقارير التي قدمتها مؤسسة الفكر العربي، وأكبرها حجمًا، وأهمها علمًا وثقافة. أعتقد أن الذين ساهموا في كتابة هذا التقرير، لم يكتبوه فقط، وإنما أذابوا أنفسهم وعقولهم فيه.

وأضاف سموه: يُعبر هذا التقرير عن نبض كل إنسانٍ عربي، ويمثل المقاومة الثقافية للقضية الفلسطينية، فنحن نحتاج إلى الثقافة وإلى العِلم مع الفعل السياسي والاقتصادي، في إطار المقاومة الفلسطينية العربية أمام الطغيان الصهيوني. أعتقد أن سكب هذه المشاعر في هذا التقرير، سوف تصل إلى كل إنسانٍ عربي، وتحرك فيه ذلك الحس الوطني المتوقد، ونحن في هذا الوطن العربي نستقبل في هذه الأيام، وفي المرحلة القادمة، مستقبلًا جديدًا وتحولًا جديدًا في الفكر والثقافة والاقتصاد والسياسة.

وقال: إذا كنت أريد أن أتحدث عن موقف المملكة العربية السعودية، يكفيني أن أكرر أمامكم العبارة التي أطلقها سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز عن هذا الموضوع، عندما قال “إن فلسطين هي قضيتنا الأولى”.

وتابع : أرجو من الله سبحانه وتعالى أن ينتقل هذا الشعور إلى كل عربي، وأن تكون قضية العرب الأولى، ولا حاجة لنا إلى كثيرٍ من الخطابات ومن الكلمات، فنحن نحتاج إلى الكثير من التفكير والعملِ والإنجاز لكي نكسب هذه المعركة.

وختم سموه قائلًا: ليست المعركة حربية وسياسية فقط، وإنما المعركة الفكرية والثقافية والعلمية كذلك التي يجب أن نتسلح بها في هذه الجولة المستقبلية، لكي نعيد فلسطين إلى أهلها. نحن أصحاب حق في فلسطين، ولن نرتاح ولن نهدأ إلى أن نستعيد حقنا في فلسطين. فلنضع أيدينا في أيدي بعض، ونعمل بكل ما نملك من قدرة وتفكير، وما نملك من ثقافة واقتصاد وسياسة، ومن جهاد كذلك في سبيل الله، وفي سبيل فلسطين العزيزة التي تستحق منا كل تضحية.. إلى الأمام وإلى موعدنا المستقبلي في القدس الشريف.

بعد ذلك ألقى المدير العام لمؤسسة الفكر العربي البرفسور هنري العَويط كلمة، أهدى فيها هذا التقرير إلى فلسطين الحبيبة، التي ألهمت كل حرف فيه، اعترافًا بإنجازات مفكريها ومثقفيها وعلمائها وأدبائها وفنانيها، وتقديرًا لإبداعات شعبها الصامد والمقاوم، وفعل إيمانٍ بعدالةِ قضيتها، وإحياءً لا لذكرى النكبة، بل إحياءً وتجديدًا للأملِ بتحريرِ أرضها المحتلة، وعودةِ اللاجئين من أبنائِها، وانتصارِ إرادة الحياة النابضة في عروقِ شعبها، وأطفالِ الحجارة في ملاحمِ انتفاضاتِها.

ولفت إلى أن المؤسسة قررت إصدار التقرير لمناسبة الذكرى السبعين لنكبة فلسطين (1948 – 2018)، لا لأنه يُسهم في ترسيخ توجهات المؤسسة الفكرية فحسب، بل لأنه يضطلع أيضًا بمهمة الإعلان عن مفهومها للثقافة ودورها ووظيفتها كفعلِ مقاومة، ولأنه يُترجم موقفها المناهض للاحتلال والداعم لفلسطين وقضيتها والمؤيد حقوق شعبها. وأكد أن الثقافة لا يسعها أن تبقى على الحياد في المعركة التي يخوضها الشعب الفلسطيني لمقاومة الاحتلال، في نضاله من أجل الحفاظ على هويته، وحماية تراثه، وصون تاريخه وذاكرته، واسترجاع حقوقه المشروعة في أرضه، وقيام دولته. مؤكدًا حرص التقرير في معرض التصدي لمحاولات تزوير التاريخ، على تصحيح الروايات المحرَفة والمحرِفة، وتقديم الأدلة على عراقة الانتماء، والإضاءة على مشاريع إحياء التراث، وإبراز كل ما يؤول إلى حفظ الهوية الفلسطينية وأصالتها.

وركز العَويط على اهتمام المؤسسة بالثقافة العربية والتزامها بتنميتها، معتبرًا أن التقرير الجديد يندرج في سياق سعي المؤسسة إلى الإضاءة بصورة محددة وبانورامية على أوجه الحياة الثقافية المنوعة في مختلف مناطق العالَم العربي، مشكلًا الحلقة الثانية في السلسلة التي بدأتها مع تقريرها التاسع الصادر بعنوان “الثقافة والتكامل الثقافي في دول مجلس التعاون: السياسات، المؤسسات، التجليات”، والتي ستستكملها من خلال التقرير الذي تنوي إصداره لاحقًا، وستخصصه لأوضاع الثقافة في دول المغرب العربي.

وتوقف العَويط عند محاور التقرير السبعة التي تناولت فلسطين وقضيتها عبر تجليات الإبداع الفكري والثقافي والأدبي والفني، وهي: فلسطين في فكرِ رجالات النهضة العربية، فلسطين فلسفيًا وفي مدارات العلوم الإنسانية، فلسطين: التاريخ والهوية، فلسطين في مرايا الأدب والفن والإبداع، فلسطين في مرايا الثقافة العالمية، اللغة والتربية والعلوم في فلسطين، ملف القدس. كما تضمن التقرير بيبليوغرافيا توثيقية موسعة، عرفت بأهم ما صدر في الأعوام الأخيرة (2014 – 2018) من مؤلفات باللغتين الفرنسية والإنجليزية حول تاريخ فلسطين، وقضيتها، ومدنها، ونتاج أبنائها الإبداعي. مشددًا على أن هذا التقرير ما كان ليُبصر النور بمضامينه الثرية، لولا تضافر جهود كثيرين من داخل مؤسسة الفكر العربي، ومن شبكة المفكرين والمثقفين والخبراء وأصحاب الاختصاص، الذين نتشرف ونغتني بالتعاون معهم.

وفي صدد إجابة سموه عن بعض مداخلات الحضور في ختام الحفل، ذكر سموه أن قضية فلسطين تهم كل عربي، حيث اقترحت مؤسسة الفكر العربي على جامعة الدول العربية عقد قمة عربية للثقافة، وتمت الموافقة المبدئية بانتظار تحديد مكان وزمان انعقادها.