محك الخمس وأربعين دقيقة!

السبت ٤ أبريل ٢٠٢٠ الساعة ١١:٠٢ مساءً
محك الخمس وأربعين دقيقة!
بقلم : حياة الزهراني

تتبع الوزارات ما يصدر من اللوائح النظامية لتقويم أداء الموظفين؛ من أجل الوصول إلى تحقيق الرؤية التي يتطلع إليها الوطن وأفراده، ولا شك بأن لكل قطاع تقويمًا يأتي بحسب هرمه ومناصب منسوبيه والهيكل التنظيمي، وبناءً على ذلك يتم تصميم استمارات تقويم الأداء بناءً على ما سبق؛ ذلك لأن أفضل طرق تقويم الأداء تفشل عندما لا توجه لخدمة الاحتياجات الأساسية للمنظمة.

وحرَص الباحثون على جودة ما تتضمن وإخراجها بنجاح، ولما للتقييم من تأثير على رفع مستوى أداء الموظفين على المدى الطويل والإسهام في تحقيق الأهداف المرجوّة فإن وزارة التعليم تعتمد في تقييمها لأداء المعلمين على استمارة تسمى (بطاقة متابعة وتقويم الأداء الوظيفي للمعلمين)، وتنقسم استمارة تقويم المعلم إلى ثلاث خانات رئيسية، الثانية والثالثة منها تتعلق بسلوك المعلم وتعامله، أما الأولى وهي الأهم والأعلى درجة تتمثل في عدة عناصر تُقاس جميعها داخل فصله خلال 90 دقيقة مقسمة على زيارتين في السنة الدراسية إحداها يقوم بها القائد والثانية يقوم بها المشرف التربوي تسمى حضورًا فنيًّا.

وثمة زيارتان أخريان في دقائق معدودة يتم فيها إجراء اختبار لطلاب المعلم في مادته وقياس تحصيلهم الدراسي وتسمى بالزيارة التشخيصية، ومتابعة تنفيذه للنشاط وتوزيعه للمنهج والذي يمكن قياسه خارج الفصل من رؤسائه المباشرين بشكل دوري، وهذه الزيارات الأربع التي قد لا تتجاوز الثلاث ساعات خلال السنة الدراسية هي من تضع جهود المعلم على المحك؛ إذ إنه يُقيّم من خلال مراقبته لمدة 90 دقيقة على زيارتين وملاحظة إن كان قد نفّذ جميع ما ورد في استمارة حضور الحصة التي تتضمن طريقة التدريس وإستراتيجياته.

الغريب حقيقةً أن تلك الاستمارة ليس فيها بند قد يراعي بعض الاستثناءات أثناء التقييم، ففي بعض المدارس التي أرى بأنها ذات تجربة تعليمية- كما قد كتبت سابقًا للإشراف التربوي- يكون فيها قبول عدد 45 طالبًا في الفصل الواحد، ويشمل ذلك فصل التأسيس للأول ابتدائي.!

هذا ما يجعل المعلم يُعطي جهدًا أكبر ووقتًا أكثر مقارنة بأقرانه في المدارس الأخرى، وهذا الوضع ليس من الطبيعي لمن هم في الميدان، خاصة مع مساحة فصل لا يتسع لهذا العدد، ولا يمكن معه تحقيق إستراتيجية التعلم التعاوني في المجموعات؛ إذ إن ذلك يحتاج لمساحة وتجهيزات أكثر، أما من هم خارج الميدان فيرونه مصيرًا محتومًا على المعلم والطالب وعليهما مواجهة هذه التجربة وإنجاحها بأي وسيلة كانت.

وليس من العدل حقًّا ألا تكون المصلحة الأهم من نصيب الطالب الذي قد يُسقِط الزحام وضيق الوقت من فرصة استيعابه ونيله على حق التعليم بشكل صحيح، ومن ثم ينتقل هذا الإجحاف إلى المعلم الذي قد لا يستطيع إدارة فصله ولا يسعفه وقته إلا لإلقاء الدرس فقط، والمتبقي من الوقت إن وجد يجعله يفكر في أمرين، إما أن يضحي بالمتفوقين ولا يشركهم في العملية التعليمة، أو أن يتابع الضعيفين فقط ويضيع مع ذلك ذوي المستوى المتوسط، ويترتب على ذلك طالب بلا مخرجات تعليمية ومعلم يعطي مجهودًا عظيمًا، وفي المقابل يُعطى أداءً لا ينال إعجابه، بل قد يصل الأمر أحيانًا إلى إنكار جهوده، وينسب إليه التقصير ضمن قائمة طويلة من الأخطاء التي لم يرتكبها ولم يكن له حق الاختيار منها، في الوقت الذي يطمح إلى الدرجة العالية التي تشعره بالنجاح ويحقق من خلالها أهدافه في طلب نقل أو ترشح لمنصب قيادي.

لا شك أن أعداد الطلبة الهائل في الفصل الواحد هو المؤثر الكبير على مستوى التحصيل العلمي للطالب وعلى أداء المعلم، لذلك لابد من تصنيف المدارس التي تقع ضمن منطقة جغرافية مكتظة بالسكان وأخرى مختلطة الشعوب أن تكون مدارس ذات تجربة تعليمية وتربوية تتطلب المزيد من المساحة وعدد المعلمين والتجهيزات، فحين نرغب في تحقيق رؤية الوطن 2030 الذي له الفضل بعد الله في إنقاذ بعض الدول المجاورة التي هاجر بعض سكانها إلى وطننا وتكفلت بتقديم خدمة التعليم مجانًا أن يُعمل وفق ذلك خطة إستراتيجية لإعادة النظر في أداء المعلم الذي يعمل ضمن ذلك النطاق المكاني وعدم مساواته بالمعلم في ظروف أخرى مختلفة يتقاضيان نفس الراتب ويقيّمان بنفس البنود.

وبما أن المدرسة تعمل بأسلوب المنظومة التي تتساوى فيها المسميات الوظيفية وتركز على مُخرج ذو نجاح وفريق ذو كفاءة، فلو أن الأداء الوظيفي للقائد جزء منه يعتمد على جمع المعلومات والآراء والملاحظات من المعلمين مع المشرفين لجعل عملية التقييم أكثر قيمة ومصداقية؛ لأن الحفاظ على سرية العمل وما يحدث بداخله أحيانًا من تجارب فاشلة أسبابها طريقة تعامل القائد وسلوكه والتي تؤثر على المنظومة أن تبقى تفاصيلها بلا تصعيد بحيث يعزز بداخله مراقبته لذاته ويقلل من التعامل بالمحسوبية أو المساس بأداء معلم بينهما موقف شخصي فيستغل سلطته، وفي المقابل يُعطى المعلم الأولى بالرعاية استمارة لتقييم وتقويم ذاته في منتصف العام الدراسي كمحاولة لإشراكه في برامج لتعديل مستواه نحو الأفضل، كل هذا من أجل الطالب الذي هو لبنة الوطن وعماده في المستقبل.

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

  • ام أريج

    انا مع انو الفصل لازم مايكون فيه هاذه العدد من طالبات ٤٥ طالبة

  • ريم

    كلام جدا رائع ويلامس الحقيقة بحذافيرها ان شاء الله يوصل للمسؤولين والنظر فيه بكل مايخدم المعلم والطالب

  • ام ليان

    كلامك صحيح كان الله في عونكم

  • مرام المطرفي

    سلمت أناملك
    للأسف هذا الواقع وإن شاء الله القادم أجمل