أصوات مُخيفة في الطائرة!

السبت ٢ مايو ٢٠٢٠ الساعة ٥:٠٥ مساءً
أصوات مُخيفة في الطائرة!
بقلم : تركي الدويش

استقل الطائرة عائدًا لمدينته بعد أن قضى يومًا منهكًا عقد فيه اجتماعاته، وأنجز أعماله، وبعد أن أخذ مكانه في الطائرة واستقر في مقعده والتعب قد سيطر عليه، استرخى قليلًا مع أنفاس عميقة علّها تخفف عليه تعبه. ومع استمرار توافد المسافرين وجلوسهم في أماكنهم، كان النصيب بأن تكون المقاعد أمامه لعائلة جميعهم أطفال مع والديهم ومنذُ أن جلسوا حتى بدأ كل طفل بإخراج جهازه الذكي والاتصال بالإنترنت والإبحار في عالمه مع تلك الأصوات المزعجة التي تصدر من أجهزتهم التي ضايقت كل من حولهم بما فيهم صاحبنا حتى إنه لم يعد يميز بينها من تداخلها.

فكل طفل قد ولج لعالمه مع جهازه الذكي. حاول الكابتن تهدئة الأمر بعد أن طُلب منه، ولكن لا حياة لمن تنادي، فوالديهم أخذوا موقف السلبية وكأن ما يحدث من أطفالهم أمر عادي لا يحق لأحد زجرهم وتنبيههم عنه. أقلعت الطائرة وانقطع الاتصال بالعالم الآخر، تنفس الصعداء وقال في نفسه الآن سأرتاح من تلك الضوضاء حتى نصل سالمين نحو وجهتنا. لم يدم ذلك السكون طويلًا إذ بهم ينتقلون باستخدام الألعاب والتنقل فيما بينها بنفس المستوى من الأصوات وإيذاء الناس! ووالداهم ما زالا يغطون في سبات عميق من انعدام الإحساس واللا مبالاة!

إن الأماكن العامة لها ضوابطها وخصوصيتها والتي تختلف عن البيت والمكان المستقل حتى تترك لأبنائك الصغار بعمل تلك الفوضى أيًّا كان نوعها! فتركهم بعمل تلك الممارسات في مكان يخصكم لوحدكم هذا شأنكم وأنتم تتحملون نتائجه، ولكن عندما يتعلق الأمر بالأماكن العامة فهناك قيود وأدبيات تقنن تلك الحرية!

أيضًا تركك لأطفالك بممارسة هذه السلوكيات هي رسالة مبطنة منك أنك تتقبل هذا النوع وهذه الأعمال منهم وأنها أمور طبيعية، ولن يتوقف أثرها في وقت وقوع الحدث بل سيمتد ‏معهم عندما يتقدم بهم بالعمر إلى إحساسهم بأن تلك السلوكيات لا تنافي الأدب والذوق العام، وقد يصل بهم بأن يدافعوا عن أخطائهم اعتقادًا منهم أنها حق مشروع!

‏كذلك على الوالدين أن يتخيلوا أنهم في مكان أولئك الذين تضايقوا من أطفالهم هل سيتقبلون ذلك ويتحملون تبعاته؟! سؤال سبقته إجابته: الرفض جملة وتفصيلًا! إذ طالما أنكم لن تتقبلوا ذلك عاملوا الناس بمثل ما تحبون أن يعاملوكم به. وقد يتعذر الوالدان بأن أطفالهما لديهم فرط في الحركة ويصعب السيطرة عليهم، وهذا ليس بعذر؛ لأن الآخرين ليس لهم علاقة بما يحدث لك في حياتك، فعليك كأب وكأم أن تأخذ الاحتياطات اللازمة لكبح سلوكهم بدلًا من تخليك عن ‏مسؤوليتك وخلق المشكلات.

وختامًا، رُقي سلوكيات أطفالكم عند مخالطتهم للناس تبدأ من المنزل!

 

* كاتب ومهتم بتنمية وتطوير الشخصية.
@TurkiAldawesh

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

  • فريده

    الخطا من الكابتن وطاقم الطائره من اول الرحله وهم يعبثون بااجزتهم وعدم تمثلهم باداب الامكان العامه مفروض ينزلهم من الطائره ولايسمح لهم بمتابعه الرحله فاامثالهم لزوم ان ينقرضو

  • أبو يزيد

    لابد من نظام يفرض لاخضاع اللامبالين بشعور الاخرين الى احترام خصوصيات المكان والمتواجدين فيه