ترامب وإستراتيجية الديناميكا

الأربعاء ١٧ يونيو ٢٠٢٠ الساعة ١٢:١٦ صباحاً
ترامب وإستراتيجية الديناميكا
بقلم الدكتور راشد القياس *

من الواضح أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، استخدم طريقة الديناميكا السياسية في إستراتيجية إدارة الأزمات الداخلية والخارجية، من خلال صنع البدائل المناسبة في مواجهة الأزمات السياسية والاقتصادية، والتي نتج عنها الكثير من الانتقادات والمظاهرات الشعبية التي تعصف بالبيت الأبيض، بدءًا من أحداث جائحة كورونا ومقتل جورج فلويد وغيرها من الأزمات الخارجية، والتي تُعد أكثر تعقيدًا كالصين وروسيا وبعض القضايا الإقليمية في الشرق الأوسط.

استدعى الرئيس ترامب الأخذ بقاعدة دبلوماسية في التعامل مع الأزمات الداخلية والخارجية بأن (عدو اليوم صديق الغد) وفق مراحل متعددة وسيناريوهات متنوعة تقوم على الردود المفاجأة في تعرية خصومه في الداخل.

المرحلة الأولى:

استخدم عنصر المفاجأة كأحد العناصر المهمة والمستخدمة في مواجهة خصومه في الداخل ورسالة للخارج من خلال التصدي لمظاهر العنف والشغب وفق سلطة القانون، يصاحبها العديد من البدائل السياسية والاقتصادية في مواجهة الأصوات المعارضة، إلا أن عنصر المفاجأة يُعد أحد العناصر الفاعلة؛ عندما استشعر بأنه دخل حربًا انتخابية؛ ومن هنا بدأت قراءة ما يدور في عقل الناخب الأمريكي وفق مطالب محددة.

استطاع مواجهة معارضيه باستخدام نقاط قوته في إخضاع معارضيه أمام الرأي العام في تصريح له أن هناك من يدفع بجماعة (الأرنكية) وجماعة أنتيفا التي يقف خلفها جورج سوس، وهو رجل أعمال يهودي يصفه البعض بأنه رئيس الدولة العميقة في دعم أحداث الشغب ونشر الفوضى في العالم والتحريض على الانقسام الداخلي وخلق مجتمعات تحكم نفسها دون تدخل سلطة القانون، وتعد أفكار تلك الجماعات مخالفة لأفكار المجتمع الأمريكي ومبادئ الدستور، فأصبحت سلطة القانون هي الوسيلة المشروعة لتدخل الشرطة والجيش في ردع المخربين إن استدعى الأمر ذلك.

وعندما توالت الأحداث استشعر الرئيس تعرضه لحرب انتخابية في حال وظّفتها أصوات معارضيه في تقسيم الشعب الأمريكي ضد إعادة انتخابه لفترة ثانية؛ وعليه سارع بوصف تلك الأعمال بالمخالفة الدستورية لمبادئ الانتخاب الحر ووصف خصومه بأنهم جماعة تخريبية تستهدف أمن المواطن الأمريكي هدفها تكريس الانقسام الشعبي والإخلال بالأمن ونشر الفوضى؛ مما يؤكد إقبال السود على صناديق الاقتراع، ليس من أجل الصوت الحر، إنما بدافع العنصرية، وبالمقابل يذهب البيض على صناديق الاقتراع بشكل أكبر في حال شعروا بأن أمنهم وأمانهم في خطر عدائي من بعض الجماعات العنصرية (السود).

المرحلة الثانية:

بناء السيناريوهات:

استخدام الخطاب الإعلامي المسيس حالة خروج العملية الديمقراطية عن مسارها الصحيح، التي نص عليها الدستور مما يكسب الرئيس استخدام قوة الإقناع وقوة التأثير على الرأي العام.

السيناريو الأول:

تبدأ عملية التأثير على الطبقة النخبوية المسيسة كأداة تأثير على الفئات المعارضة بأن الجميع تحت سلطة القانون في ظل بيئة ديمقراطية أمنة تراعي المصلحة العليا للشعب الأمريكي ثم الممارسة الديمقراطية.

السيناريو الثاني:

توظيف أزمة البطالة بسبب جائحة كورونا في ظل غياب خطط مسبقة في إدارة الأزمات إلى سياسات خاطئة بسبب الإدارة السابقة.

السيناريو الثالث:

توجيه النقد إلى بعض رؤساء الولايات من الديمقراطيين في التعامل مع الأزمة.

السيناريو الرابع:

التركيز على الخطاب السياسي في إقناع الطبقات السياسية ذات القدرة المؤثرة على الرأي العام في حل الأزمات؛ كونها فرضة على الجميع، وأن الوسيلة الأنجع إشراك الجميع في بناء خطط وسياسات عملية في إقناع الناخب الأمريكي وإعطاء أصحاب المصالح الثقة في كسب أصوات القوى المؤثرة لصالح سياسات الرئيس.

الخلاصة تبقى استطلاعات الرأي وسيلة ضغط، وتبقى إحدى وسائل الديمقراطية التي تلوح بها جماعة الضغط كأداة للتغيير في صنع سياسات مستقبلية لتحقيق بعض المطالب الشعبية، ولا يمكن الرهان عليها بأن تبقى مؤشرًا في حسم إسقاط الرئيس من عدمه ما دام أن الطبقة السياسية النخبوية هي المؤثر الحقيقي في تطبيق مبادي الديمقراطية الحرة التي تراعي الحفاظ على مصالح الشعب ومبادئ الدستور العام.

* باحث في الشؤون السياسية

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

  • ابو محمد

    يعطيك العافيه دكتور راشد ، مقال رائع وجميل وتفسير للاحداث الامريكيه

  • سلطان القياس

    متميز دائماً يادكتور راشد
    يعطيك العافية

  • عبدالله

    الله يعطيك العافية د. راشد.
    موضوع مثير للأهتمام ونشكر لك مطروحاتك

  • عبدالله آل صندوق

    نظره ثاقبه يا دكتور راشد