خطيب المسجد النبوي: الإعراض عن التفكر والاعتبار يقسّي القلب ويوقع في المعصية

الجمعة ٢١ أغسطس ٢٠٢٠ الساعة ٢:٥٨ مساءً
خطيب المسجد النبوي: الإعراض عن التفكر والاعتبار يقسّي القلب ويوقع في المعصية
المواطن - واس

تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي في خطبة الجمعة اليوم عن التفكر والاعتبار موصيًا فضيلته المسلمين بتقوى الله عز وجل.

https://youtu.be/r2PFywu-qJs

وقال فضيلته” كونوا من أهل البصائر والإيمان , واتبعوا سبل ذوي الألباب والإحسان, فأولو الألباب هم أهل العقول المستقيمة, والفطر السليمة, وهم الذين ينتفعون بالوحي, ويفهمون معاني ما انزل الله على مراد الله ومراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ,ويعلمون بكلام الله ,رجاء ثوابه ,وخوفا من عقابه, قال تعالى (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ).
وبين فضيلته أن الاعتبار من أعمال العقول المستنيرة, ومن أعمال البصيرة الخبيرة, وان الاعتبار يهدي الى الفوز والنجاة من المهلكات ويوفق صاحبه إلى عمل الصالحات ويرشد به صاحبه إلى طريق الصالحين والمصلحين, وتكون عواقبه الى الخيرات ,ومن حرم الاعتبار لم ينفعه الاِدَكار ,ووقع في المهلكات واتبع الشهوات واتبع سبل المفسدين فصار من النادمين, مشيرا فضيلته الى ان الاعتبار هو الانتقال من حالة مشاهدة او حالة ماضية ذات عقوبة ونكال الى حالة حسنة محمودة بالشرع والعقل باجتناب اسباب العقوبة والنكال او الانتقال من سيرة الصالحين وما اكرمهم الله به الى العمل بأعمالهم واقتفاء آثارهم او التفكير في طبائع المخلوقات ومعرفة اسرارها وصفاتها والحكمة منها لعبادة خالقها وتخصيصه بالتوحيد والطاعة تبارك وتعالى.
وأشار فضيلته أن الله عز وجل قد قص علينا في كتابة وقص علينا رسوله صلى الله عليه وسلم من قصص واحوال الانبياء والمرسلين والمؤمنين ما فيه العبر ,وما فيه القدوة لمن بعدهم وما فيه النجاة من العقوبات والفوز بالخيرات وما فيه احسن العواقب ورفع الدرجات قال تعالى( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).
وبين فضيلته أنه لا ينتفع بأحداث التاريخ والحكم من أحواله إلا المعتبرون المتفكرون الذين يقتدون بأهل الصلاح والإصلاح ويتركون أهل الفساد والإفساد ,وأما من لا يعتبر ولا يتعظ ولا يحاسب نفسه ولا يعمل لآخرته ولا يحجزه دين ولا عقل عن القبائح والآثام فهو كالبهيمة لقوله تعالى ( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ? إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ? بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ), وما ذكر الله سيرة الانبياء والمرسلين وخاتمهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الا لنعتبر بتاريخهم ونقتدي بهديهم واخلاقهم ونسلك طريقهم وقد امر الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم فقال سبحانه(أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ),وخاتمهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي نسخ الله به الشرائع وبعثه بأكمل تشريع ودين ابدي وتكفل الله لمن تمسك بهديه ان يحيا حياة طيبة في الدنا والاخرة وان يدخله مع خير خلقه في دار السلام .
ومضى فضيلته قائلًا: كما قص الله علينا قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والمؤمنين بهم لنقتدي بهم ونسلك طريق النجاة معهم ونعتبر بسيرتهم ونعلم احوالهم قص الله تعالى علينا اخبار المكذبين لهم والمعاندين للحق والمستكبرين عن اتباعهم والمؤثرين للحياة الدنيا على الأخرة ونحذر من اللعنة التي حقت عليهم قال تعالى(كل كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ), وتاريخ الرسل صلوات الله وسلامه عليهم مع المكذبين المحادين لله والرسل يعلمها الناس وتعرفها الاجيال الآخر عن الاول ,وهي من اكبر حجج الله تعالى على خلقه في تأييد الحق واهله, ومعرفة التوحيد والدعوة اليه ونصر الموحدين, وفي ابطال الباطل والشرك, والتحذير منه وعقوبات المشركين المعرضين, والتاريخ هو محل العبر للأفراد والاسر والاجيال والامم, فمن انتفع به نجا ومن لم ينتفع به جرت عليه السنن ودخل عليه النقص .
وخطب إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي خطبته مؤكدا ان التفكير في مخلوقات الله عز وجل هي عبادة من المسلم وان الاعتبار بهذه المخلوقات يزيد المسلم إيمانا ويزيده رسوخا في اليقين, فالتفكر والاعتبار يثبت المرتاب ويحي القلوب وينور البصائر ويقيم السلوك والإعراض عن التفكر والاعتبار يقسي القلب ويورث الغفلة ويقود الى الندامة ويوقع في المعصية.