رغم تقدمه بالعمر ما كان ليتأخر ليكون وسيطًا بين بلدان تمزقها الخلافات

جميل الذيابي: لهذه الأسباب استحق الشيخ صباح لقب أمير الإنسانية عن جدارة

الأربعاء ٣٠ سبتمبر ٢٠٢٠ الساعة ٨:٥٤ صباحاً
جميل الذيابي: لهذه الأسباب استحق الشيخ صباح لقب أمير الإنسانية عن جدارة
المواطن - الرياض

أكد الكاتب جمال الذيابي أنه برحيل أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد أمس فقد الإقليم والعالم، قائدًا إنسانيًا، ورجل دولة محنكًا.

وأضاف الذيابي في مقاله المنشور في صحيفة عكاظ اليوم الأربعاء، تحت عنوان “ورحل المحنك الصباح”، أن أمير الكويت الراحل كان مستودع حكمة، وصاحب مبادرة، واستحق لقب أمير الإنسانية عن جدارة، إثر مبادراته، ومساعداته، ووساطاته، ودعمه للتنمية والسلام.

وجاء في نص المقال ما يلي:

أمير الكويت الراحل أتاح له عمله الطويل في الحكومة بعد استقلال الكويت في 1961، خصوصًا توليه منصب وزير الإعلام، أن يمتلك خبرات إدارية وإعلامية متراكمة، جعلت الكويت منارة إعلامية وثقافية في الخليج والعالم العربي. وبعد تكليفه بمنصب وزير الخارجية، الذي ظل يشغله باقتدار على مدى 40 عامًا (1963-2003)، أضحى عميدًا للدبلوماسية، معززًا دوره بحراكه الذي لم يكن يهدأ، متنقلًا بين الدول، عارضًا مواقف بلاده ومقدماً الوساطات لتسوية الخلافات، ومشجعًا الدول الكبرى للقيام بدور أكبر في تحقيق الأمن والنماء، واستقرار الشعوب.

وتعاظمت قدراته الدبلوماسية خلال فترة الغزو العراقي للكويت عام ١٩٩٠، حين قام بدور بارز في حشد التأييد لبلاده، مشكلاً جبهة قوية لا تقل صلابة عن الجبهة الميدانية التي أقامتها السعودية وحلفاء الكويت لتحريرها من غزو صدام حسين. وكان الغزو والتحرير أقوى دليل على متانة العلاقات بين السعودية والكويت، خصوصًا حين تمسك الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز بكلمته الشهيرة “إما أن تعود الكويت لأهلها أو تذهب السعودية معها”.

وبقي ذلك ديدن علاقة الرياض والكويت على مر العقود الماضية، وظل الراحل محافظًا على مكانته ودوره “قطبًا دبلوماسيًا دوليًا” بما تهيأ له من حكمة، وعقلانية، ورؤية سياسية، جعلت منه مكوك مصالحات ومبادرات لن ينساها التاريخ.

وحتى بعدما تقدم به العمر، ما كان الشيخ صباح الأحمد ليتأخر عن مغادرة الكويت وسيطًا بين البلدان التي تمزقها الخلافات، واحتفظ وهو في مرضه بالوساطة لحل أزمة قطر، على رغم أن قطر كانت تستهدف بلاده بالفتن والمؤامرات وتحريض الشارع الكويتي ضده. وسيحفظ له التاريخ أيضًا تساميه على جروح الغزو العراقي الغائرة، ليستضيف في الكويت مؤتمرَي المانحين للعراق، ولسورية.

وعلى رغم كثرة التقلبات السياسية؛ ظل صباح الأحمد متمسكًا بحكمته ووقاره، وحبه الصادق للإنسانية، ومتمسكاً أكثر بخليجية الكويت واستقلاليتها، فلم يفتح أرض الكويت العزيزة للمشروعين الفارسي والعثماني لبناء قواعد عسكرية تركية، أو إيرانية، مثلما فعلت قطر.

وكان حريصًا طوال حياته في الوزارة والحكم على التصدي للمسؤوليات والمهمات الصعبة. كيف لا، وهو القائل إن المسؤولية جسيمة، والعبء ثقيل لكن نحن قادرون على تحملهما.

الأكيد أن الخليج والإقليم والعالم يفقدون بغياب الشيخ صباح الأحمد رجل سلام، ورمزًا للحكمة، وبرحيله يخسر المجتمع الدولي أحد أعقل رجالاته وأقطاب سياسته. ففي كل قضية تهم الإنسان ترك الراحل بصمة إيجابية في التاريخ. ولا شك في أنه لا خوف على الكويت من بعده، فقد تركها آمنة مطمئنة، أقوى من أن تهزها أية محاولات أو مؤامرات لزعزعة استقرارها.. وكل الثقة في الأمير الجديد نواف الأحمد الجابر الصباح.