ميكانيكية التعايش مع الإعلام الرقمي

الجمعة ١٨ سبتمبر ٢٠٢٠ الساعة ٢:٤٠ صباحاً
ميكانيكية التعايش مع الإعلام الرقمي
بقلم: سلطان بن باز

منذ ظهور الإعلام الإلكتروني كانت هناك أخبار عن إغلاق بعض الصحف لمطبوعاتها بسبب عزوف القراء ونقص المبيعات، أثار هذا الأمر مناقشات حادة حول سبب وكيفية تجاوز الوسائط الرقمية للوسائط المطبوعة التقليدية، وهل ستكون الوسائط الرقمية هي القشة التي قصمت ظهر الوسائط التقليدية؟

ظهور مثل هذه التصنيفات وهذا الكم الهائل من الأسئلة كان السبب في ارتفاع الإنفاق على الإعلام والتسويق الرقمي بشكل كبير.

قبل أن أبدأ بتحديد ميكانيكية التعايش مع الإعلام الرقمي على افتراض أنك باحث رقمي أو شخص يعمل في صناعة يتم تسويقها رقمياً ومن ثم في وقت ما ربما تم إخبارك أو ربما أخبرت أنت شخصاً آخر أن استخدام وسائل الإعلام التقليدية في تراجع وأن وسائل الإعلام الرقمية هي الاتجاه الجديد.

كان هناك وقت كان فيه مستخدمو الوسائط التقليدية بمثابة متلقٍّ صامت حيث كانوا مقيدين بنوع واحد وشكل واحد فقط من الأخبار وهي الأخبار أو الوسائط المطبوعة، بينما الآن هم جميعاً متفاعلون بل مشاركون يستهلكون كل شيء وأي شيء في ذات التوقيت.

وتشير الإحصائيات إلى أن الأرقام الخاصة بوسائل الإعلام المطبوعة في انخفاض ملحوظ، لكن حتى نعرف كيفية التعايش مع الإعلام الجديد والقديم معاً علينا بدلاً من اعتبارها خسارة لوسائط الإعلام التقليدية يجب أن نفسرها على أنه تكيف بينهما.

الأشخاص الذين كانوا من متداولي الصحف المطبوعة لمجرد أنها كانت المصدر الإخباري والمعلوماتي الوحيد قد انتقلوا الآن إلى الإعلام الرقمي بسبب ديناميكيته إذاً لم ينخفض عدد الأشخاص الذين يستهلكون “الإعلام” بل قاموا بتغيير المصدر فقط.

كما نلاحظ فإن غالبية الأشخاص وخاصة الإعلاميين لا يعترفون أو بالأحرى لا يعتقدون أن كل من وسائل الإعلام التقليدي والإعلام الرقمي يمكن وينبغي أن يتعايشا.

يختلف سلوك المستخدم في هاتين الوسيلتين، ولكن التجربة الأساسية هي نفسها، يمكن أن يتسبب الإعلام الإلكتروني في جعل الإعلام التقليدي أكثر تفاعلاً مع المستخدم بدلاً من اعتبارهما متنافسين يمكن دمج هذين الشكلين من الإعلام ووضعهما تحت سقف واحد.

حتى نحدد ميكانيكية التعايش مع الإعلام الرقمي يجب علينا في السنوات القادمة أن نبعد عن أي تمييز بين الإعلام الرقمي الجديد والإعلام التقليدي، يجب تجميع جميع وسائل الإعلام تحت مصطلح واحد مشترك وهو “وسائل الإعلام” وحتى يحدث ذلك يجب على صناع الإعلام أن يتعلموا قبول بعضهم الآخر كواحد.

لن تتطور الصناعة الإعلامية بشكل كامل إلا إذا كان هناك فهم بأن الرقمي والتقليدي لا يتنافسان واعتبار أن الإعلام الرقمي ما هو إلا تطور للإعلام التقليدي وأن في جوهرهما يصنعان محتوى مقنع.

من دون شك أن وسائل الإعلام الإلكتروني وتطبيقاته المختلفة قد استحوذت على اهتمام المستهلك للمحتوى الإعلامي والإخباري، على الرغم مما بذلته المؤسسات الصحفية المطبوعة حول العالم من دول الشرق الأوسط وغيرهم إلى إثراء فكرة القراءة الورقية لكنها لم تستطع مجاراة ما تم إتاحته بواسطة الإعلام الإلكتروني الأمر الذي جعل منه غير قابل للمنافسة من جانب أي وسيلة إعلامية أخرى.

أصبحت شبكات التواصل الإعلامي الاجتماعي هي الأقرب لالتماس الحاجة الإخبارية كما أصبح المستهلك يبحث عن الترندات المتعلقة بمصادر ذات مصداقية جزءاً من الممارسات اليومية التي يتبعها دون الحاجة الملحة إلى الاطلاع على نوافذ إخبارية في صحيفة ورقية مليئة بأخبار قد يخرج بعضها من دائرة اهتماماته.

يقول روجر ديكنسون وباري جونتر في كتابهما عن وسائل الإعلام في الوطن العربي إن هذه الوسائل وشبكات التواصل الاجتماعي تحظى بهذا القدر من الاهتمام بسبب دورها الأساسي في مساندة ومتابعة القضايا النشطة والعاجلة.

وفي الختام نصل إلى أن النقاش الدائر بين المختصون والعلاقة التنافسية بين الإعلام الجديد والإعلام المطبوع فيما يتعلق بالسبق وتحري الدقة وأيهما أحق بالاهتمام، أبدى المختصون أسفهم لأن بعض وسائل الإعلام الجديد مثل مواقع التواصل الاجتماعي تقدم سبقاً صحفياً يجذب الإعجاب ثم يأتي التدقيق في صحة المعلومات لاحقاً وهذه المصداقية هي ما تميز الصحف وتمنحها الأفضلية.

(جاء في كتاب الإعلام الجديد وقضاياه أن الاختلاف بين الصحف المطبوعة والصحف الإلكترونية وإعلام الشبكات الاجتماعية يتمثل في حركة البيانات الرقمية غير المحدود مقابل الحركة المقيدة في المطبوعات بالإضافة إلى التفاعل الحسي المضاعف في المحتوى الرقمي).

ssbinbaz@

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني