الاعتراف الياباني

الأحد ١١ أكتوبر ٢٠٢٠ الساعة ١٠:١١ صباحاً
الاعتراف الياباني
بقلم : عبدالله بن مترك

لا أدري لماذا كلما تركت الحديث عن رؤية 2030، أجدني مضطرًّا للحديث عنها مرة أخرى! ربما لكثرة إنجازاتها أو لتغلغلها في كل مناحي الحياة، ولربما لأنها خطة متكاملة ومتوازنة، صنعت المستحيل على أرض الواقع، وحافظت على مكانة المملكة في منطقة الشرق الأوسط والعالم، كدولة محورية مهمة، تؤثر في محيطها بما تملكه من إمكانات وقدرات لا حدود لها.

الرؤية التي أعلن عنها ولي العهد بكل ثقة واقتدار قبل أكثر من أربع سنوات، بلغت بتطلعاتها وأحلامها عنان السماء، عندما جاءت بأفكار وتصورات جريئة، تجاوزت حدود المنطق والخيال، إذ فاحأت الجميع بأنه في الإمكان بناء اقتصاد قوي ومتنوع، لا يعتمد على دخل النفط، أتذكر- آنذاك- أن هناك من تساءلوا بحسن نية، ومن تساءلوا بخبث كيف للمملكة التي ظلت تعتمد على دخل النفط لأكثر من 75 عامًا، أن توجه بوصلتها اليوم إلى قطاعات أخرى غير النفط؟!

منذ الإعلان عن الرؤية وحتى اليوم، والواقع يؤكد أن تلك الرؤية هي التي أنقذت المملكة من مصير مجهول، وضياع كان يلامس الاقتصاد السعودي، وأنه لولاها لفقدت المملكة الكثير من مكانتها وربما هيبتها، مثل هذا الكلام قد يكون فيه مبالغات، خاصة لو كان صادرًا من شخصيات سعودية، ولكن ما أسعدني خلال الساعات الماضية أن معهد الشؤون النقدية الدولية الياباني، أصدر دراسة محايدة أكدت فيها أن المملكة نجحت بالفعل لا بالقول في مسعاها، وصعدت بالصادرات غير النفطية حتى الآن إلى الحد الذي يدفعها إلى تحقيق وعدها بالوصول إلى حاجز تريليون ريال بحلول 2030.

جهود الرؤية في هذا الإطار، انطلقت بعد ساعات من الإعلان عنها في العام 2016، حيث ارتفعت إيرادات المملكة غير النفطية بنسبة 78.7%، من 186 مليار ريال، لتصل إلى 332.4 مليار ريال، وبلغ متوسط الزيادة السنوية خلال هذه الفترة تحديدًا 22%، واليوم يؤكد المركز الياباني أنه في حال واصلت المملكة الحفاظ على الوتيرة نفسها، فستحقق هدفها بالوصول إلى التريليون ريال في الموعد المحدد.

اليوم أشعر وكأن الرؤية كانت تستشرف المستقبل، وتتوقع ما سيشهده العالم من جائحة كورونا، وتداعياتها الخطيرة على الاقتصاد العالمي، وتراجع أسعار النفط إلى ما هو عليه اليوم، وذكاء هذه الرؤية وآليات عملها، ساعد المملكة على تجاوز هذه التداعيات بنجاح فاق كل التصورات، هذا الذكاء عمل على تنويع إيرادات المملكة غير النفطية، بين الإيرادات الضريبية، وإيرادات خصخصة القطاعات الحكومية.

شكرًا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على تلك الرؤية، التي حافظت على سمعة المملكة وهيبتها، وجعلتها اليوم تقود العالم من بوابة قمة العشرين الاقتصادية، تلك القمة التي لا ينتسب إليها سوى الاقتصادات العالمية المؤثرة في الكون.. ولكم أن تتخيلوا معي أن هذا الكم من النجاح تحقق في أربع سنوات ونيف فقط، فما بالنا عندما نصل إلى العام 2030، أكاد أجزم بأن سيكون لدينا دولة مثالية قوية عملاقة.. وغدًا سترون.

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

  • علي

    مقال جداً رائع .. شكراً دكتور

  • ابوعبدالعزيز

    احسنت