المملكة قادمة تكنولوجيًّا

السبت ١٤ نوفمبر ٢٠٢٠ الساعة ٢:٣٠ مساءً
المملكة قادمة تكنولوجيًّا
بقلم : عبدالله بن مترك

رغم التغييرات الجوهرية التي تشهدها المملكة في كل المجالات، منذ الإعلان عن رؤية 2030، إلا أن ولاة الأمر أدركوا أن التغيير الحقيقي والمنشود، لن يتحقق إلا إذا أصبحت البلاد متطورة تكنولوجيًّا، ويقودها جيل من المبتكرين والمخترعين القادرين على إعادة صياغة مكونات الاقتصاد الوطني، وتحويله من اقتصادي “ريعي”، قائم على دخل النفط، إلى اقتصاد “حقيقي” قائم على قطاعات استثمارية، تعطي بقدر الاهتمام الذي تحظى به.

هذا التوجه أعلنته صراحة رؤية 2030 ومهندسها سمو سيدي الأمير محمد بن سلمان، الذي تسلح بروح الشباب، واستثمر معارفه وخبراته بمستجدات الحياة وتطوراتها من حولنا، ودعا الحكومة إلى أن تدير ظهرها إلى قطاع الطاقة، وتفعيل قطاعات جديدة ترتقي بالاقتصاد، قبل أن يدعو شباب الوطن إلى التشمير عن سواعدهم، واستثمار التقنيات الجديدة في التوصل إلى ابتكارات واختراعات نوعية، تُعلي من شأن الاقتصاد الوطني، وتصل به إلى أبعد نقطة من الازدهار المبني على العلم، وليس على الارتجالية والعشوائية، وهذا يفسر لنا حرص سموه في الصفقات التي كان يعقدها مع الغرب، على إدراج بنود بنقل التقنية إلى المملكة، وتدريب شباب الوطن عليها.

جدية المملكة في تنفيذ توجهاتها وتحقيق كامل تطلعاتها، فضلًا عن حرصها على استثمار رئاستها لمجموعة العشرين الاقتصادية، دعاها قبل يومين إلى استضافة المؤتمر العالمي الأول للموهبة والإبداع، تحت عنوان “تخيل المستقبل” في نسخته الأولى، ضمن فعاليات التي تنظمها مجموعة العشرين، هذا المؤتمر أعتقد أنه سيكون بداية فعلية لتكوين جيل سعودي من المخترعين والمبتكرين، قادر على تعزيز اقتصاد المعرفة، وترجمة التطلعات والأمنيات التي حددتها الرؤية إلى واقع معاش، يثمر عن دولة نموذجية، تعتمد على التقنيات الحديثة في تسيير دفة أعمالها اليومية.

ودعوني أتحدث بصراحة أكثر، وأؤكد أن المملكة خلال العقود الماضية أنفقت المليارات على البحث العلمي في الجامعات ومراكز البحث والتطوير، وللأسف الناتج لا يواكب مع ما تم إنفاقه، وأعتقد بل أجزم أن المملكة تعي هذا الأمر جيدًا، وتعي أيضًا أن الكثير من الوقت والجهد قد ضاعا هباءً منثورًا، وحان الوقت لتعويض ما فات، بطرق علمية، تخطط بحكمة، وتجني الثمار تلو الأخرى، وهذا الأمر ليس صعبًا، خاصة إذا عرفنا أن مدارس المملكة وجامعاتها ومراكز الأبحاث تضم فئة من الموهوبين والمبدعين لا يحتاجون سوى التشجيع حتى يحققوا طموحاتهم الشخصية، وتطلعات ولاة الأمر فيهم.

وبعبارة أكثر صراحةً ووضوحًا، أرى أن عالمنا العربي من شرقه إلى غربه، أهمل كثيرًا في مجال البحث العلمي، وأدار ظهره إليه جهلًا بمتطلبات المستقبل، ولم يمنح مبدعيه ومبتكريه حقهم من الاهتمام والعناية والدعم، وحان الوقت لتعديل هذا المشهد المحزن، وأؤمن أن المملكة وقريبًا جدًّا، هي من ستغير هذا المشهد، وتقود العالمين العربي والإسلامي إلى طفرة علمية استثنائية، نسمع خلالها بأسماء مخترعين سعوديين وعرب، يعرفهم العالم عن كثب، ليس لسبب سوى أنهم سيكونون قيمة مضافة لاقتصادات بلادهم.. وغدًا سترون.

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

  • محمد

    كلام جميل يا دكتور .. خصوصاً أنه من شخص مهتم بالبحث العلمي ومتخصص فيه .. أشكرك