قراءة استشرافية لإدارة بايدن حيال إيران والإخوان

الأربعاء ٢٣ ديسمبر ٢٠٢٠ الساعة ٨:٣٠ مساءً
قراءة استشرافية لإدارة بايدن حيال إيران والإخوان
بقلم: نبيل شرف الدين

عندما قفزت نيران ما يُسمى “الربيع العربي” من تونس لمصر، وصف خامنئي ما يحدث بأنه “ربيع إسلامي” وراهن على وصول “الإخوان” للسلطة، وكانت زيارة الرئيس الإيراني حينئذٍ أحمدي نجاد، للقاهرة في فبراير 2013 أول زيارة يقوم بها رئيس إيراني لمصر منذ 1979، للاجتماع بالرئيس المصري الإخواني محمد مرسي، وكشفت بوضوح عن تلاقي مصالح قطبي الإسلام السياسي بأطماعهما التوسعية إقليميًا، بذريعة قيادة العالمين السُنّي والشيعي.

وخلال “عام الإخوان” جمعتني مقابلة مع “إريك تراجر” الباحث الأميركي في “معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى” الذي التقى كبار قادة التنظيم وسألته عن دوافع واشنطن لدعم الإخوان في مصر إبان حكم إدارة أوباما، فشرح تصوره مستندًا لمعلومات من مصادره قائلًا: “دعم أمن إسرائيل”، وأوضح أن حركة “حماس” ترتبط عضويًا بالإخوان وتعتبرهم مرجعيتها الفكرية والسياسية، خلافًا لنظام مبارك الذي كان يتعامل معها بتوجس، وكانت الحركة الفلسطينية لا تثق به، إذ طالما دعمت (مصر/مبارك) السلطة الفلسطينية، واعتبرت أن “حماس” انقلبت على الشرعية، لهذا تبلورت لدى مراكز صنع القرار بإدارة أوباما قناعة مؤداها أن الإخوان بوسعهم احتواء “حماس” والسيطرة على الموقف أفضل من مبارك، الذي كان حجر عثرة لحسم الصراع المحتدم بين الحركة المتأسلمة وإسرائيل من جهة، والسلطة الفلسطينية من جهة أخرى.

وحين سألت الباحث الأميركي عن الغزل الصريح بين نجاد الذي التقى نظيره المصري في القاهرة في أول زيارة لرئيس إيراني خلال مشاركته في قمة منظمة التعاون الإسلامي، ابتسم ساخرًا وقال إن هذا ليس أكثر من مجرد “بروباجندا”، لكن (مصر/الإخوان) أكدت لوزير الخارجية الأميركي كيري أنها لن تكون طرفًا في مواجهة عسكرية مع طهران، ولا بأس بتصريحات تدين وتشجب، لكنها في النهاية لن تصطف خلف نظام الملالي لاعتبارات برجماتية، فلدى الإخوان ما يكفي من الأزمات السياسية والوجودية، وأن معظم مفاتيح حلها بيد واشنطن، وهو ما يدركه الإخوان جيدًا، لهذا فلم يقامر نظام مرسي وجماعته بمصالحه مع الأميركيين، كما لم يسمح الجيش المصري بهذه المغامرة، وهو ما حدث لاحقًا.

أما الأمر الذي لا أجزم به فهو: كيف ستدير إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن مسألة إيران؟ وما موقفها من التنظيم الدولي للإخوان الذي ترعاه (تركيا/أردوغان) وحزبه؟، وهل سيعيد إنتاج منظومة سلفه أوباما؟، أم أنه وخلفه حزبه الديمقراطي تعلم الدرس الذي اتضحت نتائجه البشعة خلال العقد الأخير؟!

ثلاثة سيناريوهات

يرى البعض أن الضربة العسكرية لإيران “آتية لا ريب فيها” وليست سوى “مسألة وقت”، استنادًا لمقولة المخضرم هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأميركي الأسبق، حاضرة في الأذهان: “من لم يستمع لصوت طبول الحرب في الشرق الأوسط فهو مصاب بالصمم”، إذ تحمل إشارات واضحة باستدعاء آلة الحرب للمنطقة، وأن إيران ستكون البداية باعتبارها العدو الأول لواشنطن، التي تهدد أمن إسرائيل والخليج، وتدعم حركات الإسلام السياسي الراديكالية.

بالمقابل يحلل مراقبون مضمون تصريحات بايدن الأخيرة حيال طهران وبرنامجها النووي فتبدو باهتة، خاصة مع تعيين أنطوني بلينكن وجون كيري ضمن فريق إدارته، فالأول كان مسؤولًا بارزًا بالخارجية الأميركية في عهد أوباما، وقاد فريقًا سريًا أوفدته إدارته إلى مسقط للتفاوض مع الإيرانيين، والثاني كان وزيرًا للخارجية ولعب دورًا محوريًا برسم معالم السياسة الخارجية للإدارة السابقة، وكلاهما شاركا في إبرام الاتفاق النووي بعد مفاوضات بشأن تنفيذه.

وطالما أكد بايدن اعتزامه العودة للاتفاق النووي مقابل عدة مطالب منها إطلاق سراح السجناء الإيرانيين-الأميركيين في طهران، وتجميد برنامج تطوير الصواريخ الإيرانية، بالإضافة لسحب القوات والميليشيات الإيرانية من العراق وسوريا واليمن، والاعتراف بالمسؤولية عن الهجوم الصاروخي بطائرات مُسيرة على منشآت النفط السعودية في سبتمبر 2019، فهل تمتثل النخبة الحاكمة بإيران لهذه المطالب بسهولة؟، أشك بذلك شخصيًا.

ويبقى سيناريو “بلقنة إيران” بمعنى دعم قوى المعارضة الإيرانية لتنفيذ “خارطة طريق” تؤدي لتغيير مدروس بعناية لنظام مدني تعددي تنتقل بموجبه السلطة من النخبة الفارسية الطائفية لكافة مكونات المجتمع الإيراني، لكن ذلك قد يؤدي لفوضى عارمة بالمنطقة، كما يؤكد كريم عبديان رئيس منظمة حقوق الإنسان الأحوازية بواشنطن.

أما الموقف الأميركي حيال تنظيم الإخوان الدولي، وراعيه الأبرز في أنقرة، فيتطلب تفصيلًا سنأتي عليه في مقالنا المقبل بإذن الله.

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني