مخاوف من امتداد رقعة التأييد الشعبي لنشاطات الجماعات الكُردية

إيران خائفة بعد مواجهاتها مع الأكراد و3 محاور تحلل المشهد

الأربعاء ٦ أكتوبر ٢٠٢١ الساعة ١٢:٣٤ مساءً
إيران خائفة بعد مواجهاتها مع الأكراد و3 محاور تحلل المشهد
المواطن - الرياض

استعرض المعهد الدولي للدراسات الإيرانية ردود الأفعال والدلالات بشأن تصاعُد المواجهات الإيرانية-الكُردية.

ونشر معهد رصانة تقريرًا عبر موقعه الرسمي التقرير الذي استعرض من خلاله الصراع المحتدم والمتجدِّد بين إيران والأحزاب الكُردية المعارضة لها، حيث شنَّت القوات الإيرانية سلسلةً من الهجمات على مواقع هذه الجماعات ذات التوجُّهات اليسارية-الاشتراكية أو القومية، ممثَّلةً في أحزاب كومله وPJAK والحزب الديمقراطي الكردستاني، وبرَّرت طهران هذه الهجمات بأنَّها جاءت على خلفية قيام تلك الجماعات باستهداف القوّات الإيرانية، على الشريط الحدودي مع العراق.

نص التقرير: 

وجاء في نص التقرير ما يلي:

رغم أنَّ المواجهات بين القوّات الإيرانية والجماعات الكُردية المسلَّحة ليست بالجديدة، وتعود لسنوات عدَّة، لكن يبدو أنَّ التحرُّكات الأخيرة لهذه الجماعات واستهدافاتها المتكرِّرة للمناطق الحدودية، باتت تُثير قلق النظام الإيراني.

ظهر هذا القلق من خلال التهديدات والتحذيرات، التي أطلقها المسؤولون الإيرانيون، والتي ترمي في مجملها إلى شرْعنة أي تصعيد قد تقوم به إيران ضدّ هذه الجماعات.

وأكَّد رئيس هيئة الأركان العامَّة للقوّات المسلَّحة الإيرانية محمد باقري، على مواجهة إيران لنشاطات الجماعات الكُردية، كما أكَّد عزمَ الجيش والحرس الثوري إعطاء أولوية لمواجهة نشاط تلك الجماعات. وأوضح باقري في 19 سبتمبر 2021م، أنَّ القوّات المسلَّحة الإيرانية بقيادة الحرس الثوري سوف تقضي على وجود الجماعات الإرهابية، مضيفًا أنَّه على العراق وحكومة إقليم كردستان ألَّا يسمحا للجماعات المعادية للثورة أن تتّخِذ من العراق مُنطلَقًا لتنفيذ الهجمات ضدّ إيران.

أوّلًا: هجمات عسكرية متواصلة

كان الحرس الثوري قد شنَّ هجمات بالمدفعية والطائرات المسيَّرة، في 09 سبتمبر 2021م، ضدّ عدد من المواقع التابعة للأحزاب الكُردية الإيرانية داخل الأراضي العراقية، حيث قصف ناحية سيدكان بمنطقة بالكايتي التابعة لمحافظة أربيل، وقضاء جومان التابع لنفس المحافظة، والتي تتواجد فيها عناصر كُردية مسلَّحة، وحسب ما نقلته شبكة رووداو الكردية العراقية، فإنَّ القصف الإيراني لم يُوقِع خسائر بشرية بين المدنيين.

كما تجدَّدت في 22 سبتمبر 2021م أعمال القصف، من قِبَل مقرّ حمزة سيِّد الشهداء التابع للقوّات البرِّية للحرس الثوري، واستهدف أربعة مقارّ تابعة للأكراد بالقذائف، بالإضافة إلى عدد من الطائرات المسيَّرة.

وأشار نائب مقرّ حمزة سيِّد الشهداء العميد مجيد أرجمند فر، إلى استهداف جميع المواقع ومراكز القيادة ومخازن الذخيرة، التي تمتلكها الجماعات الكُردية، مبيِّنًا أنَّ هذه الجماعات كانت موجودة على مسافة قصيرة من الحدود الإيرانية؛ لذلك كُنَّا قد وجَّهنا التحذيرات اللازمة.

ثانيًا: ردود الفعل

تصريحات رئيس هيئة الأركان المشتركة محمد باقري، قُوبِلت بردود فعل، سواءً من المسؤولين العراقيين، أو من قِبَل الناشطين الأكراد، حيث رفض عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عبد الخالق العزاوي ما ورد في تصريحات باقري، ونفى وجود تنسيق مع الحكومة العراقية في أعمال القصف، التي تقوم بها قوّات الحرس الثوري للمناطق الكُردية في العراق، معتبرًا أنَّ تلك التصريحات لا يمكن أن تُؤخَذ على محمل الجد، ولا تتعدَّى كونها تصريحات إعلامية.

وتوالت ردود الفعل العراقية والكُردية، عقِب التصريح الذي أدلى به باقري، إذ اعتبر الناشط الُكردي كاوه آهنكري، أنَّ هذه التهديدات والمطالب الإيرانية تتكرَّر بصورة مستمِرَّة تجاه الحكومة العراقية ومسؤولي حكومة كردستان العراق، معتبرًا تلك التهديدات والمطالب الإيرانية بأنَّها تدخُّلٌ في الشؤون الداخلية للعراق. وفيما يتعلَّق بالتصريحات التي أوردها باقري بألَّا يكون لتلك الجماعات وسائل إعلامية سواءً كانت قنوات تلفزيونية أو محطَّات إذاعية، أوضح آهنكري بقوله إنَّ من حقّ الجماعات الكُردية امتلاك وسائل الإعلام الخاصَّة بها، واتَّهم إيران بأنَّها تمارس شتَّى الطُرُق والأساليب لوقف نشاط وسائل الإعلام التي تمتلكُها الجماعات المعارضة.

ثالثًا: تهديدات إيرانية متزايدة

الأنشطة الكُردية قادت الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني لزيارة العراق، ولقاء رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، في 12 سبتمبر 2021م. وخلال هذه الزيارة استخدم شمخاني لغةً تهديدية مع الجانب العراقي، حيث طالبَ بنزع سلاح الجماعات المسلَّحة المعارضة لإيران، وطردها من الأراضي العراقية بشكل عاجل. ولتبرير القصف الإيراني للجماعات المسلَّحة داخل الأراضي العراقية، أكَّد قائد القوّات البرِّية للحرس الثوري محمد خاك بور، أنَّ بعض الجماعات المسلَّحة تستخدم المناطق الواقعة في الأجزاء الشمالية لكردستان العراق لتحرُّكاتها، وأنَّ مسؤولي الحكومة العراقية والإقليم لم يواجهوا هذه التحرُّكات.

خلاصة

يمكن القول إنَّ التصريح الذي أدلى به باقري يفسِّر تزايُد وتيرة المواجهات بين الطرفين وسِجال معاركهما المستمِرَّة، والذي يُظهِر على الواجهة مجدَّدًا تعاظُم الخِشية الإيرانية من تزايُد هجمات الجماعات الكُردية، ومحاولة لإضفاء مزيدٍ من الشرعية على مواصلة الهجمات الإيرانية في الشمال العراقي.

كما تُفسِّر لغةُ التهديد الإيرانية تجاه واشنطن مخاوفَ طهران من احتمالية حصول هذه الجماعات على دعم القوّات الأمريكية المتمركزة في قاعدة الحرير الأمريكية بمنطقة أربيل الكردستانية، وهو ما برز على لسان باقري عن استخدام القاعدة كمركزٍ لتجمُّع الجماعات الإرهابية المعادية للثورة.

فضلًا عن ذلك، فإنَّ إيران تهدُف لاستخدام هذه الورقة؛ للضغط على مسؤولي إقليم كردستان لإخراج القوّات الأمريكية من أراضي الإقليم.

كما تتزايد المخاوف الإيرانية من امتداد رقعة التأييد الشعبي لنشاطات الجماعات الكُردية المسلَّحة، وانعكاس تأثير هذه النشاطات على الجماعات الكُردية المتواجدة في الداخل الإيراني، وتتعاظم المخاوف الإيرانية من تزايُد هجمات الجماعات الكرُدية وتحرُّكاتها خلال فصل الشتاء، والاستفادة من المواقع الجبلية التي تتمركز فيها هذه الجماعات.

ولتوسيع دائرة مواجهاتها العسكرية مع الجماعات الكُردية، يُتوقَّع أن تعمل إيران على توثيق تعاونها مع تركيا، التي تخوض هي الأُخرى مواجهات مع جماعات كُردية.