مبادئ هذه الدولة في أطوارها الثلاثة ثابتة لم تتغير

إرثنا التاريخي يمتد لـ600 عام.. وهذه دلالات يوم التأسيس

الأحد ٣٠ يناير ٢٠٢٢ الساعة ٣:٢٤ صباحاً
إرثنا التاريخي يمتد لـ600 عام.. وهذه دلالات يوم التأسيس
المواطن - محمد عامر

أكدت الدكتورة مها بنت سعيد اليزيدي، الأستاذ المشارك بالتاريخ الحديث في جامعة الجوف، أن تاريخ الدولة السعودية يمتد لقرابة 600 عام منذ تأسيس الدرعية على يد مانع المريدي الجد الثالث عشر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.

دلالات إقرار يوم التأسيس: 

وقالت في حوار لها مع “المواطن“: إن المتتبع لتاريخ الدولة السعودية في أطوارها الثلاثة يلاحظ الامتداد التاريخي لها وتقارب الفترات الزمنية بين الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة، فالدولة السعودية الأولى بدأت عام 1139هـ/ 1727م واستمرت إلى 1233هـ/ 1818م، فيما بدأت الدولة السعودية الثانية عام 1240هـ/ 1824م واستمرت إلى 1309هـ/ 1891م، في حين قامت الدولة السعودية الثالثة بفتح الرياض عام 1319هـ/ 1902م.

وأضافت أن سلسلة الحكم لدى الأسرة السعودية المالكة تمتد إلى ما يقارب الـ 600 عام، وذلك حينما أسس مانع المريدي مدينة الدرعية وهو الجد الثالث عشر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان (حفظه الله)، ولكن التأسيس وتغير شكل الحكم من دولة المدينة إلى الدولة الواسعة حدث في عهد الإمام محمد بن سعود.

وأشارت إلى أن هذه دلالات واضحة على امتداد الإرث التاريخي للدولة السعودية، كما أن مبادئ هذه الدولة في أطوارها الثلاثة ثابتة لم تتغير من حيث إن دستورها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وأسسها تقوم على الحكم الرشيد والإنجازات المستمرة التي تحققها لصالح الدولة والمواطنين.

تأسيس الدولة السعودية الأولى:

وحول العوامل التي ساعدت الإمام محمد بن سعود على بسط الأمن والاهتمام بالدعوة وحماية الدرعية لتأسيس دولة واجهت الكثير من الحملات لإسقاطها قالت مها اليزيدي: إن شخصية الإمام محمد بن سعود الذي نشأ وترعرع في الدرعية واستفاد من التجربة التي خاضها في شبابه ومساعدته لوالده في أوضاع الإمارة ومشاركته في حملات الدفاع عن بلدته الدرعية، بالإضافة إلى الصفات التي تحلى بها، كالتدين والشجاعة والحكمة والحنكة السياسية مما ساعده ذلك في بسط نفوذ دولته على الأقاليم المتناحرة في نجد والإمارات المجاورة والعشائر المتنقلة.

وأشارت إلى أنه منذ توليه الحكم بدأ في وضع خطة لنشر التعليم والثقافة وتحقيق الوحدة بين أفراد شعبه وتعزيز التواصل بينهم والحفاظ على الأمن، حيث قام بالاهتمام بالأمور الداخلية وتقوية مجتمع الدرعية، ثم انطلق للاستقلال السياسي وعدم ولائه لأي قوة خارجية وتحديد مصادر الدخل للدولة، وقد نتج عن ذلك قوة سياسية واقتصادية للدولة أدت إلى انتقال الشيخ محمد بن عبدالوهاب إليها، والذي جاء نتيجة طبيعة لسياسة الإمام محمد بن سعود في الوقت الذي تخلى عنه أمير العينية.

وقد رأى الأمام محمد بن سعود أن في تأييد الدعوة الإصلاحية أنها تتفق مع مبادئ الدولة التي يعمل على تأسيسها خاصة في الجانب الديني لأنه كما ذكرنا عرف عنه التدين، ثم أن الدولة السعودية بما قامت به من أعمال ومنجزات داخلية وخارجية نجحت في التصدي لعدد من الحملات التي أرادت القضاء عليها في بدايتها.

الملك سلمان المؤرخ الأول:

وحول ما يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وسمو ولي العهد من اهتمام بالجوانب التاريخية والمحافظة على الإرث التاريخي وتوثيقه للمملكة العربية السعودية خصوصًا ولتاريخ شبه الجزيرة عمومًا وانعكاسه مستقبلًا على الجوانب التاريخية والوطنية، قالت مها اليزيدي: الملك سلمان- حفظه الله- هو المؤرخ الأول والمعاصر في بلادنا ممارسة وهواية ودراية وهو موسوعة التاريخ ونحن المؤرخين نفخر بأن قدوتنا في التاريخ ملكنا وراعي مسيرتنا سيدي خادم الحرمين الشريفين واهتمامه بالتاريخ وتوثيق تاريخ المملكة العربية السعودية خصوصًا وتاريخ شبة الجزيرة العربية عمومًا واضح جدًا، فهو رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز التي أنشئت في عام 1392هـ/ 1972م لخدمة تاريخ المملكة العربية السعودية والخليج العربي والجزيرة العربية والعالم العربي والإسلامي، ومؤسس جائزة ومنحة الملك سلمان لدراسات تاريخ الجزيرة العربية، وقد حرص- حفظه الله- على ترسيخ العمق العلمي والثقافي في ذكرى مئوية التأسيس من خلال نشر 65 كتابًا تاريخيًّا عن المملكة العربية السعودية والملك عبدالعزيز.

كما أضافت أن دارة الملك عبدالعزيز قد وصلت إلى ذروة عطائها وقمة نشاطها بفضل الله ثم توجيهاته ومتابعته المتواصلة لكل ما من شأنه إتاحة الفرصة ‏لخدمة التاريخ الوطني ‏الذي هو جزء مهم من تاريخ الجزيرة العربية والتاريخ الإسلامي والعربي.

جهود ولي العهد لحفظ التراث:

ولفتت مها اليزيدي إلى أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان سار على نهج والده حفظهما الله من حيث العناية بالتاريخ والمؤرخين في المملكة العربية السعودية.

وكان ذلك واضحًا أيضًا في رؤية المملكة 2030 والتي أكدت على إبراز العمق التاريخي والحضاري للمملكة العربية السعودية حيث قال: “العمق التاريخي والقيمة الثقافية التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية عبر الأزمنة أمر يجد موقعًا خاصًّا في دائرة اهتمامات القيادة الحكيمة ويتصدر قائمة التخطيط والرعاية في 2030 الأمر الذي ينعكس إيجابًا على كافة المفاهيم المرتبطة في المشهد الشامل لهذا المضمون والذي يرتبط بالتاريخ ويلهم الحاضر ويرسم ملامح المستقبل”.

وتجلي ذلك واضحًا في إعلان المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) اختيار الدرعية عاصمة للثقافة العربية لعام 2030 نظير رمزيتها الخالدة على صعيد الثقافة محليًّا وإقليميًّا وما تمتلكه من تاريخ مشهود ذي إرث حضاري لا يزال مؤثرًا حتى اليوم وهذا التتويج الثاني بعد اختيار الرياض عاصمة الثقافة في عام 2000 م، وهو يأتي ثمرة لدعم ورعاية القيادة الحكيمة لمختلف أوجه القيمة التاريخية والثقافية.

وختمت مها اليزيدي بالقول: ومن هنا نفتخر، نحن السعوديين، بإرثنا الحضاري وتاريخنا العريق ويجب أن نهتم بتاريخنا ونستحضر العمق التاريخ لهذه الدولة الغالية، وأن نكون مثل ما قال الملك سلمان في أحد لقاءاته: “باعتباري مواطنًا سعوديًّا يهتم بتاريخ وطنه والتاريخ بصفة عامة”.