عندما تأتي الرياح بما تشتهي السفن

الرابحون في أوروبا من حرب أوكرانيا.. جونسون وماكرون

الأحد ٢٠ مارس ٢٠٢٢ الساعة ٦:٢٠ مساءً
الرابحون في أوروبا من حرب أوكرانيا.. جونسون وماكرون
خاص- المواطن

رغم استمرار العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، واشتعال نيران الأسعار على المستوي الدولي، منحت تلك الأزمة قُبلة الحياة وطوق النجاة من الأزمات الداخلية التي كادت أن تعصف بهم. فرغم الضغوطات والأزمات التي يعاني منها الرئيس الأمريكي جو بايدن نتيجة الأزمة، نجد على الجانب الآخر من الأطلسي مكاسب من نوع مختلف أبرزهما ماكرون وجونسون بحسب خبراء ومحللين.

ماكرون ينتهز الفرصة

في الداخل الفرنسي حيث يستعد الرئيس إيمانويل ماكرون للترشح لفترة رئاسية جديدة في الانتخابات المقررة 10 أبريل المقبل، فإن الكثيرين داخل فرنسا يتحدثون عن استفادة ماكرون من الحرب في أوكرانيا.

من جانبه يقول الباحث السياسي علاء العزولي: إن ماكرون استفاد بشكل شخصي من الحرب الروسية في أوكرانيا، فهو يحاول الظهور منذ فترة وكأنه قائد للاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا.

وأظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة “أن ماكرون يكتسب الدعم نتيجة للأزمة، إذ منحه استطلاع أجرته شبكة “هاريس إنتر أكشن” 27 % من الأصوات وأعطاه استطلاع المعهد الفرنسي للرأي العام نسبة 28 %، متقدمًا بحوالي 10 نقاط مئوية على مارين لوبان، مرشحة اليمين المتطرف، التي احتلت المركز الثاني في انتخابات 2017″.

ويوضح الباحث علاء العزولي، خلال تصريحاته لـ”المواطن“، أن ماكرون يعد الآن ممثلًا لبلاده في المسرح الدولي ولاعبًا أساسيًا في أحداث أوكرانيا وروسيا، وهذا سيؤدي إلى تخفيف المعارضة هجومه عليه بخلاف محاولة كسب القاعدة الجماهيرية التي خسرها بالفعل السنوات الماضية.

وأضاف أنه يستفيد من وضعه الثلاثي كرئيس للدولة وحامي الشعب وقيمه، وقائد الجيش والدبلوماسية الوطنية؛ من جانب آخر يقول المطلعون في معسكرات خصوم ماكرون إنهم يجدون صعوبة في العثور على زوايا للهجوم على الرئيس الفرنسي، بحسب مجلة بوليتكو الأمريكية.

وأكد أنه في ظل التهديدات المحدقة بأوروبا نتيجة أزمة أوكرانيا، اضطر خصوم ماكرون في أقصى اليمين الذين كانوا يتصدرون تيار التشكك في أوروبا وتجديد القومية في النقاش العام، إلى تغيير مواقفهم السابقة المؤيدة لبوتين.

ففي حين أيدت لوبان، العام الماضي، ضم روسيا لشبه جزيرة القرم ورفضت الدعوة للإفراج عن زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني وقالت “إنها معجبة ببوتين”، فإنها اعترفت في لقاء تلفزيوني أخيرًا “أن الصراع في أوكرانيا غير رأيها جزئيًا في الرئيس الروسي”.

وأضاف الباحث السياسي أن تلك المواقف يمكن أن تلحق الضرر بمصداقية اليمين في حملة تركز الآن بقوة على القضايا الدولية، التي هي مجال قوة لإيمانويل ماكرون ويستفيد منها خير استفادة.

وعن تبني فرنسا للوساطة في بداية الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، قال العزولي، إن ماكرون يرغب في تولي زمام الأمور في مفاوضات الاتحاد الأوروبي مع روسيا ليحلّ محلّ ألمانيا، فهو يسعى لكسر تحالف روسيا والصين المتنامي أيضًا.

فرصة جونسون الذهبية 

على الجانب الآخر في القارة العجوز نفسها نجد من يحقق مكاسب سياسية من الأزمة الأوكرانية أيضًا، ففي المملكة المتحدة بينما كان يواجه رئيس الوزراء بوريس جونسون غضبًا كاد يطيح حكومته، جاءت الرياح في تلك المرة بما تشتهى السفن.

وهنا أكد العزولي، أن جونسون كان بين قوسين أو أدني من مغادرة منصبه بشأن فضيحة انتهاكه قواعد الإغلاق الخاصة بفيروس كورونا واستضافته حفلات في “داونينغ ستريت”.

وأوضح الباحث السياسي أن جونسون كان على أعتاب إجراء تصويت لسحب الثقة منه بعد أن اتهمه نواب وقادة المعارضة بأنه مخترق ومتسلسل للقواعد وكاذب وغير لائق للبقاء في الحكومة.

وتقول هيئة الإذاعة البريطانية، “إن جونسون الذي يقضي وقته حاليًا في مكالمات مع رئيس أوكرانيا ويقوم بجولات إلى أوروبا الشرقية ويحاول التوسط في عمل غربي موحد، كان يحاول منذ وقت ليس ببعيد الإنقاذ من الغرق سياسيًا.

وحول خطوات جونسون، أوضح الباحث السياسي علاء العزولي أن رئيس الوزراء البريطاني سارع بعد ساعات من اشتعال الصراع في أوكرانيا، بخطاب للشعب قبل أن يعلن عقوبات ضد موسكو، كما ذهب لاتخاذ شعار جديد من ثلاث كلمات “يجب أن يفشل بوتين”.

وعلى وقع الحرب أبدى الساسة البريطانيون من الأحزاب المختلفة تضامنًا مع جونسون في مواجهته لروسيا، واختفت عناوين الصحف حول كعكات الاحتفالات في مقر الحكومة وتحقيقات الشرطة وقواعد الإغلاق، إذ أدت أزمة أوكرانيا وما يحيط بها من تهديد لأوروبا إلى تغيير البيئة السياسية لجونسون تمامًا.

في السياق ذاته يؤكد العزولي، خلال تصريحاته لـ”المواطن“، أن جونسون لم يتخلص تمامًا من المخاطر التي تحدق بحكومته، إذ إن الصراع بين روسيا وأوكرانيا يلقي بظلاله على الاقتصاد في أوروبا وأسعار الطاقة للقارة العجوز تعتمد بشكل رئيس على الغاز الروسي، مما يعني ارتفاع تكاليف المعيشة والتضخم، وهو ما ستكون له آثار طويلة المدى على جونسون.

وهذا ما دفع به للهرولة إلى المملكة العربية السعودية من أجل إقناع المملكة برفع الإنتاج، ولكنه فشل نتيجة حياد السعودية في الأزمة الأوكرانية والالتزام باتفاقية منظمة أوبك بلس.

ويتوقع المراقبون أن تضيف الأحمال الاقتصادية مزيدًا من المشكلات والمخاطر التي يواجهها القادة المنتخبون ديمقراطيًا في كل مكان، لا سيما أولئك الذين يفتقرون إلى الكثير من الدعم الشعبي مثل جونسون.