تمسك الرئيس بوتين بخطوات بلاده حيال أوكرانيا

3 رسائل من الدب الروسي للقارة العجوز: مستمرون ولا تراجع

الثلاثاء ٢٢ مارس ٢٠٢٢ الساعة ٩:١٦ مساءً
3 رسائل من الدب الروسي للقارة العجوز: مستمرون ولا تراجع
المواطن - خاص

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطابه بمناسبة الذكرى الـ8 لضم شبه جزيرة القرم: إن منطقة دونباس تعرضت لـ”الإبادة الجماعية” منذ إعلان جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك انفصالهما عن أوكرانيا.

وأضاف أن العملية العسكرية الروسية هدفها وقف انتهاكات أوكرانيا، ورفع مستوى المعيشة لسكان تلك المنطقة وتحقيق كل الخطط الاقتصادية لتلك المنطقة، وأشاد بسكان دونيتسك ومناطق أوكرانيا التي تساعد الجيش الروسي.

وتمسك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بخطوات بلاده حيال أوكرانيا، وقال: إن الأحداث الأخيرة أثبتت صواب القرار الذي اتخذته موسكو في عام 2014 حول ضم شبه جزيرة القرم، خطاب جاء وسط حشد كبير من أحد ملاعب موسكو من أنصار بوتين الذي وجه 3 رسائل مهمة للغرب وواشنطن خلال كلمته، بحسب خبراء ومحللين.

العملية مستمرة:

وتعهّد الرئيس الروسي بمواصلة العملية العسكرية في أوكرانيا لحين تحقيق كل أهدافها، وهنا قال دانييلي روفينيتي، المحلل السياسي الإيطالي: إن نوايا موسكو من خلال ما يحدث على الأرض هي التصعيد بشكل مباشر دون رجوع أو حتى فتح مجال للدبلوماسية.

وأضاف دانييلي روفينيتي، خلال تصريحاته لـ”المواطن“: هناك حافز آخر للتصعيد من جانب بوتين، وهو أن عمليته العسكرية في أوكرانيا جاءت عكس ما كان يتوقعه، فالجيش الروسي يتلقى يوميًّا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، فبوتين الآن في ورطة التوقيت؛ فهو يريد حسم العملية في وقت قصير جدًا، فكلما زاد التوقيت وضعت روسيا في إحراج؛ لأنها تحولت إلى حرب عصابات.

وأوضح المحلل السياسي الإيطالي، أن بوتين تحدث في خطابه عن وحدة روسيا وشعبها تجاه قرارته، وهذا دليل على أنه يخشى غضب الداخل من طول العملية العسكرية، وفي ظل العقوبات المفروضة على روسيا من الغرب وأمريكا.

في السياق ذاته، قال الباحث السياسي محمود الفضالي: إن ظهور الرئيس الروسي اليوم بزي شبه رياضي المقصود منه أنه مستمر، ولن يمل ولم تؤثر فيه عقوبات الغرب وواشنطن، مشيرًا إلى حديثه بنبرة حماسية في محاولة لاسترجاع أمجاد روسيا الأم وهو ما يسعى إليه فعليًّا.

وأضاف الفضالي أن رسالة بوتين الأولى هي أنه لا تراجع عن تحقيق حياد كامل لأوكرانيا ونزع السلاح وتأمين حدود روسيا، بخلاف مغازلة سكان تلك المنطقة بالمزيد من الإصلاحات الاقتصادية وتطوير البنية التحتية التي دمرها من وجه نظره الحكومات الموالية للغرب.

وأكد أن بوتين يطالب بإجراء مفاوضات وجهًا لوجه مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اتخاذ قرار بشأن اتفاقية حفظ السلام، والموافقة رسميًّا من جانب أوكرانيا على سيادة روسيا على شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو فعليًّا منذ 8 سنوات.

العقوبات لا تُفيد: 

في تلك الزاوية أكد بوتين في حديث له مساء أمس أن العقوبات المفروضة على بلاده من جانب أوروبا وواشنطن تضر في المقام الأول أصحابها قبل موسكو، وهنا أكد دانييلي روفينيتي، المحلل السياسي الإيطالي أن كلام بوتين غير واقعي؛ فالجميع خاسر، وموسكو تعاني بالفعل من العقوبات القاسية.

وأضاف المحلل السياسي الإيطالي، أن للعقوبات بالفعل تأثيرًا كبيرًا جدًّا على الاقتصاد الروسي الذي أصبح معزولًا بشكل فعال، وتابع قائلًا: “لقد غادرت الشركات الكبيرة البلاد، وحدث انهيار للاستثمار العقاري.. لقد اتحد رد فعل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية وكندا ضد موسكو”.

فعلى وقع التصعيد غير المسبوق بين موسكو والغرب أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده لم تعد لديها أي أوهام متعلقة بالاعتماد على الغرب.

أما فيما يتعلق بالعقوبات التي فُرِضت على روسيا، فاعتبر أنها معتادة منذ عام 2014 على هذا النهج، وأضاف أن تلك العقوبات تهدف إلى عزل روسيا وردعها، لكنها ستجعلها أقوى، قائلًا: “سنعيد ترتيب اقتصادنا للتعامل مع العقوبات”.

من جانبه، قال الباحث السياسي محمود الفضالي، في مركز “الوشم الأوسط” لدراسات السياسة والإعلام: إن الرئيس الروسي صادق بالفعل في رسالة أن العقوبات لا تفيد، والدليل وضع الاقتصاد العالمي فأمريكا تعاني من ارتفاع في أسعار الطاقة والمنتجات الزراعية بخلاف معدلات التضخم، وهذا الوضع يضر بالفعل بالإدارة الأمريكية التي تعاني بشكل واقعي من أزمات داخلية أخرى.

وأوضح الفضالي، خلال تصريحاته لـ”المواطن“، أن سلاح العقوبات هدفه الأساسي إجبار روسيا على وقف إطلاق النار والذهاب لمائدة التفاوض، ولكن الخطر هنا هو أن تأتي العقوبات بمردود عكسي من جانب الدب الروسي، حيث من المتوقع أن يصعّد بوتين بالأخص تلميحه بأن العقوبات لن تفيد وتقاربه مع الصين التي لا يجب إغفالها من المعادلة الحالية.

التصعيد قادم:

أصبحت أزمة أوكرانيا أكبر كارثة إنسانية في أوروبا منذ الحرب اليوغوسلافية في التسعينيات، وهنا توقع دانييلي روفينيتي، المحلل السياسي الإيطالي، مزيدًا من التصعيد الروسي في وجه أوروبا وواشنطن خلال الأيام المقبلة.

وطالب دانييلي روفينيتي بضرورة فرض مزيد من العقوبات وتسليح كييف حتى يتم إجبار موسكو على وقف إطلاق النار والبدء في مباحثات سلام جادة وليست شكلية.

وفي وقت سابق، اتهم بوتين كييف بتأخير عملية التفاوض خلال اتصال هاتفي مع المستشار الألماني أولاف شولتز، وقال: “لوحظ أن نظام كييف يحاول بكل طريقة ممكنة تأخير عملية التفاوض، وطرح المزيد من المقترحات غير الواقعية”، ومع ذلك، فإن الجانب الروسي “مستعد لمواصلة البحث عن حلول تتماشى مع مقارباته المبدئية المعروفة”.

وتدخل العملية الروسية في أوكرانيا أسبوعها الرابع مع استمرار حصار العاصمة كييف وقصف باقي المدن، كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس، أن الجيش قام بتدمير ما يقرب من 1400 دبابة ومدرعة، و177 طائرة مسيّرة، و182 طائرة ومروحية تابعة للقوات الأوكرانية، منذ بدء العملية العسكرية.