جلسة مرتقبة بين بوتين وزيلينسكي على مائدة الحل فهل ينجح غوتيريش؟

السبت ٢٣ أبريل ٢٠٢٢ الساعة ٤:٢٩ مساءً
جلسة مرتقبة بين بوتين وزيلينسكي على مائدة الحل فهل ينجح غوتيريش؟
خاص- المواطن

تتطلع دوائر صنع القرار في دول العالم للقاء محتمل بين الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين قد تحتضنه تركيا، خلال أيام، برعاية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وسط تفاؤل باحتمالية التقارب بين روسيا وأوكرانيا، وما قد ينتج عن الاجتماع المرتقب من جهود لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، خاصةً بعد ما أعلنت الأخيرة أن موسكو وافقت “شفهيًا” على مقترحات أوكرانية رئيسة، ما يعزز الآمال بإحراز تقدم في المحادثات.

فمنذ أيام قليلة دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لوقف العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا وإحلال السلام بالمنطقة.

وعقب هذه الدعوة الأممية، أعلن الكرملين، أمس الجمعة، أن الأمين العام للأمم المتحدة سيزور الأسبوع المقبل روسيا حيث سيلتقي الرئيس فلاديمير بوتين، في أول لقاء منذ بدء العملية في أوكرانيا.

كما أعلنت الأمم المتحدة في بيان إن غوتيريش سيلتقي الخميس المقبل زيلينسكي، ووزير خارجيته، بعد زيارة له إلى موسكو الثلاثاء. والأسبوع الماضي، أرسل الأمين العام للأمم المتحدة رسالتين منفصلتين إلى الرئيسين الروسي والأوكراني. وطلب غوتيريش في الرسالتين، من بوتين وزيلينسكي، استقباله في كلّ من موسكو وكييف، بحسب الناطق باسمه ستيفان دوجاريك.

هل ينجح غوتيريش؟

يسعى الأمين العام للأمم المتحدة ببذل مجهودًا أكبر في الأزمة الروسية الأوكرانية، حيث قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك هذا الأسبوع: “في هذا الوقت الذي ينطوي على مخاطر كبيرة وعواقب، يود (غوتيريش) مناقشة الخطوات العاجلة لتحقيق السلام في أوكرانيا”.

ومنذ 24 فبراير موعد بدء العملية العسكرية الروسية، هُمّشت الأمم المتحدة في الصراع بسبب انقسام بين الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن: موسكو، واشنطن، باريس، لندن وبكين.

ولم يكن هناك تواصل مكثف بين غوتيريش وزيلينسكي منذ بدء الهجوم، وقد تحدثا مرة واحدة عبر الهاتف في 26 مارس، ولم يردّ بوتين على مكالمات غوتيريش الهاتفية أو يتواصل معه، منذ أن صرح الأمين العام للأمم المتحدة أن الهجوم الروسي انتهاك لميثاق المنظمة الدولية.

ورغم أن الوضع الحالي للمفاوضات بين روسيا وأوكرانيا غير مكتمل الأطوار، إلا أن كبير المفاوضين الأوكرانيين ديفيد أراخاميا قال في تصريحات لتلفزيون بلاده، مطلع الشهر الجاري، إن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين قد يلتقيان قريبًا، وهو اللقاء الذي طالب به كثيرًا الرئيس الأوكراني.

وأضاف المفاوض الأوكراني أنه تم إحراز تقدم بالفعل بصدد مسودات الوثائق المتعلقة بالمفاوضات وأن المحادثات المباشرة بين رئيسي الدولتين باتت محتملة.

في السياق يقول محمود الشهابي، الباحث في الشؤون الدولية، إن في تلك الأثناء يحاول الأمين العام للأمم المتحدة من خلال هذه المبادرة إعادة إطلاق الحوار من أجل التوصل إلى حل سلمي للحرب المتصاعدة حدّتها في أوكرانيا.

ويُضيف الشهابي، خلال تصريحاته لـ”المواطن“، أن التحركات الأممية التي سيقودها غوتيريش خلال الأسبوع الجاري لوقف الحرب وإحلال السلام بين روسيا وأوكرانيا، تتوازى مع التحركات التركية في الشأن ذاته حيث قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده تواصل جهودها لعقد قمة بين الرئيسين الروسي والأوكراني.

وأضاف أردوغان أنه سيجري اتصالات مع موسكو وكييف في هذا الإطار، معربا عن أمله في تحقيق نتائج إيجابية خلال المرحلة المقبلة.

والاثنين الماضي، أكد الرئيس التركي أن بلاده ستواصل مساعيها من أجل التوصل إلى حل يرضي الطرفين الروسي والأوكراني، والمجتمع الدولي، وذلك في كلمة ألقاها على هامش مشاركته في برنامج إفطار تقليدي مع السفراء الأجانب لدى أنقرة، في مقر حزب العدالة والتنمية، تطرق خلالها إلى الحرب الروسية الأوكرانية وجهود التهدئة.

المعادلة على الأرض

وهنا يتابع الباحث في الشؤون الدولية محمود الشهابي، أن هناك تطورات خطيرة شهدتها الحرب بين الدولتين في الأيام الأخيرة، فروسيا تعرضت لهزة بلا شك بعد أن استهدفت طائرتان هليوكوبتر حربيتان منشآت روسية وتسببت في إصابة عمال وإخلاء سكان دون أن ترصدهما أو تتعقبهما التكنولوجيا أو القوة الروسية الجبارة المصنفة الثانية على العالم من حيث القدرة والتطور، كما عانت روسيا من استهداف قوتها المدرعة بالصواريخ وحرب الشوارع في العديد من المدن الأوكرانية وخسائر في صفوف الأفراد.

بخلاف إعلان موسكو أمس الجمعة، حصيلة خسائرها البشرية من جراء غرق السفينة العسكرية “موسكفا”، حيث نقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزارة الدفاع قولها، إن بحارا واحدا لقي مصرعه، وإن 27 آخرين أصبحوا في عداد المفقودين، بعد غرق الطراد الروسي الأسبوع الماضي.

روسيا وافقت في جولات المحادثات السابقة على أن إجراء استفتاء على الوضع المحايد لأوكرانيا بشأن الانضمام لحلف الناتو، يعد الطريق الوحيد للخروج من الأزمة وإنهاء الحرب، فيما عقب مفاوضون أوكرانيون على مسألة قبول الأوكرانيين بتبني الحياد، بأنهم سيختارون إما العودة إلى حالة الحرب، أو الانغماس في مفاوضات جديدة.

ويبدو أن روسيا وأوكرانيا لا تمانعان في التوصل إلى قرار موحد نحو إنهاء الحرب، ولديهما رغبة كبيرة في الجلوس على “مائدة الحل”، وصرح المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، بأن المحادثات ليست سهلة ولكنها مستمرة، ورغم أن روسيا تود مواصلة المحادثات مع أوكرانيا في بيلاروسيا المجاورة، لكن كييف تعترض على ذلك وتفضل أنقرة أو اسطنبول، وما يزكي احتمالية جلوس فلاديمير بوتين وفلاديمير زيلينسكي في تركيا، رفض الرئيس الأوكراني التفاوض في أرض انطلقت منه الصواريخ صوب بلاده.

جلسات ومطالب

عقدت روسيا وأوكرانيا عدة جولات من المحادثات في بيلاروسيا، في مارس الماضي، قبل أن يجتمع وفدا البلدين في مدينة إسطنبول التركية، الشهر الجاري ولكن المفاوضون عادوا أدراجهم بـ”خفي حنين”. “تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن”، فصناع القرار في روسيا، اعتقدوا أن الحرب في أوكرانيا ليست إلا نزهة عسكرية للجيش الروسي، ولكن طال أمدها وامتدت آثارها السيئة على الاقتصاد.

امتدت جلسات المفاوضات طويلة بين الروس والأوكران، وعقدت الأولى يوم الاثنين 28 فبراير أي بعد اندلاع شرارة الحرب بأربعة أيام، وطوال جلسات للتفاوض عبر الفيديو، سبقتها جلسة مباشرة على الحدود البيلاروسية، وأخرى على حدود بولندا، لم تسفر عن حلول جذرية وتسوية نهائية للأزمة الروسية الأوكرانية التي وصفت بالصعبة والمعقدة.

وتتمسك روسيا بحياد أوكرانيا وعدم انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ونزع سلاحها النووي، فيما واصلت كييف المطالبة بضمانات أمنية دولية لتجنب وقوع نزاع أو هجوم روسي مستقبلًا، مقابل أن تتخلى عن طلب الانضمام إلى حلف الناتو، أو نشر أي قواعد عسكرية أجنبية على أراضيها. وأبدت أوكرانيا استعدادها لاستبعاد مسألة شبه جزيرة القرم ودونباس الواقعة تحت سيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا بشكل مؤقت من النقاشات أو الاتفاق المرتقب.