أمر تقوم به جميع دول العالم بدون استثناء

سعود كاتب: العولمة وتطورات التكنولوجيا تستلزم إجراءات تكفل حماية قيمنا وهويتنا الثقافية

الأربعاء ١٤ سبتمبر ٢٠٢٢ الساعة ١٠:١٣ مساءً
سعود كاتب: العولمة وتطورات التكنولوجيا تستلزم إجراءات تكفل حماية قيمنا وهويتنا الثقافية
المواطن - الرياض

أكد الكاتب والإعلامي د. سعود كاتب، أن العولمة وتطورات التكنولوجيا فرضت واقعًا يستلزم النأي عن أسلوب الرقابة والحجب التقليدي.

وأضاف في مقال له بصحيفة “المدينة”، بعنوان “الرقابة والحجب.. في زمن العولمة والتكنولوجيا المتطورة”، أن مخاطر تلك التكنولوجيا وسلبياتها تستلزم من ناحية أخرى ضرورة اتخاذنا سياسات وإجراءات تكفل حماية قيمنا وهويتنا الثقافية، حتى لو استدعى ذلك قدرًا من الرقابة والحجب، بعد استنفاد الحلول الأخرى، وهو بالمناسبة أمر تقوم به جميع دول العالم بدون استثناء.. وإلى نص المقال:

موضوع الحجب والرقابة:

موضوع الحجب والرقابة على وسائل الإعلام الجديد ليس جديدًا في واقع الأمر، فقد تناولته في كتابي الأول (إنترنت.. المرجع الكامل)، والذي صدر عام 1996، ورأيي حياله لم يتغيَّر كثيرًا رغم مرور قرابة 25 عامًا على صدور ذلك الكتاب، الذي قلت فيه: «إن مسؤولية الاستعمال الصحيح للإنترنت ينبغي أن تكون مشتركة بين كافة الأطراف، سواء الأفراد أو الجهات الحكومية أو وسائل الإعلام المختلفة.. المشكلة أن الإنترنت هو نظام مفتوح يربط حوالى 200 دولة تختلف في قوانينها وأنظمتها، بل وحتى ما يعتبر مقبولًا وغير مقبول، فما هو أخلاقي في مجتمع ما؛ قد ينظر إليه في مجتمع آخر بأنه غير أخلاقي.. وتقع على الجهات الحكومية المختصة مسؤولية دراسة الآثار الاجتماعية والاقتصادية وغيرها، ووضع القوانين والأنظمة التي تحكم ما هو مقبول وما هو غير مقبول.. وهذا التدخل يجب أن يتم بصورة بعيدة ومختلفة عن وسائل الرقابة التقليدية، والتي لن تكون مجدية؛ نظرًا لاختلاف طبيعة الإنترنت عن وسائل الإعلام التقليدية الأخرى.. وكما أن كل دولة عربية بإمكانها وضع القوانين الخاصة بها، فإن بإمكان الدول العربية التي تتشابه في ظروفها، العمل بشكل جماعي للاستفادة من هذه الوسيلة، وفي الوقت ذاته تجنب آثارها السلبية على مجتمعاتهم».

تطور التكنولوجيا:

عقدان ونصف مرت على كتابتي لرأيي هذا، في وقت كان عدد مستخدمي الإنترنت، 30 مليون مستخدم، (اليوم 5 مليارات مستخدم)، وكانت الخدمات المتاحة على الشبكة محدودة العدد والتأثير.. تطورت بعدها التكنولوجيا بشكل مذهل، مقدمة لنا فوائد جديدة لا تحصى، وأيضًا مخاطر جديدة لا تحصى، ومن ضمن تلك المخاطر، أن هذه التكنولوجيا أصبحت أداة رئيسية من أدوات الحروب القادرة على ممارسة أقصى درجات التدمير؛ بصمت تام ودون ضجيج.. وأحد أشكال ذلك هو التدمير الأخلاقي وما يعرف بحروب الهوية، والتي تجاوزت اليوم كل الحدود التي يقبلها العقل والقيم الإنسانية السوية، وبرعاية دول تسعى علنًا لفرض ذلك وتطبيعه في كل مكان.

حماية قيمنا وهويتنا الثقافية:

وكمثال لما ينبغي عمله لمواجهة تلك المخاطر، أصدر مجلس التعاون الخليجي مؤخرًا بيانًا يرفض فيه محتوى منصة نتفليكس المتعارض مع قيمنا ومبادئنا، كما أصدرت هيئة الإعلام المرئي والمسموع في المملكة بيانًا مماثلًا بنفس الشأن أكدت فيه على متابعتها لمحتوى المنصة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حال استمرار المخالفات.. وعرضت قناة الإخبارية الرسمية تقريرًا انتقدت فيه بشدة نتفليكس، وتساءلت عما إذا كان سيتم حجبها قريبًا، وكل هذه تعتبر إجراءات ضرورية وخطوات في الاتجاه الصحيح.

فكما أن العولمة وتطورات التكنولوجيا فرضت واقعًا يستلزم النأي عن أسلوب الرقابة والحجب التقليدي، فإن مخاطر تلك التكنولوجيا وسلبياتها تستلزم من ناحية أخرى ضرورة اتخاذنا سياسات وإجراءات تكفل حماية قيمنا وهويتنا الثقافية، حتى لو استدعى ذلك قدرًا من الرقابة والحجب، بعد استنفاد الحلول الأخرى، وهو بالمناسبة أمر تقوم به جميع دول العالم بدون استثناء.