الرياض تصوغ اليوم استراتيجية تنموية وأمنية

المملكة اليوم تضع البديل الحضاري لهذه المنطقة المنكوبة

السبت ٣١ ديسمبر ٢٠٢٢ الساعة ١٢:٤٧ مساءً
المملكة اليوم تضع البديل الحضاري لهذه المنطقة المنكوبة
المواطن - فريق التحرير

أكد الكاتب عبدالله السعدون أن المملكة اليوم تضع البديل الحضاري لهذه المنطقة المنكوبة بالحروب والقلاقل والانقلابات العسكرية.

وأضاف السعدون، في مقال له بصحيفة “الرياض” بعنوان “البديل الثالث”، اليوم تصوغ الرياض استراتيجية تنموية وأمنية، ليس لها فقط، لكن لكافة الدول العربية، خطط مدروسة تبنى على المصالح المشتركة مع جميع الدول الغنية والصديقة والمجاورة. اليوم تضع المملكة مصالح الشعوب العربية وأمنها وحريتها كبديل عن الحروب والنزاعات الإقليمية والطائفية والمذهبية.

الحرب والسلام

وتابع الكاتب : “يقول المثل: إذا كان سلاحك الوحيد هو المطرقة، فكل ما تراه أمامك مسامير” فالحرب والقبضة الحديدية هما أسوأ الحلول، لما يفرزانه من ضحايا وأمراض. كما أنه لا يمكن التنبؤ بنتائج الصراع المسلح مهما بدا واضحاً ومحسوماً. وحين نفكر في البديل للحرب يجب أن نفكر في السلام الهادف إلى العيش المشترك، ونعدد الفوائد الاقتصادية والسياسية التي تنجم عن السلام”.

وأضاف “يرتكب الإنسان الأخطاء ويدفع الثمن، على مستوى الأفراد والدول. نقرأ التاريخ لكن لا نستوعب دروسه. لا نرى من الألوان إلا الأبيض والأسود، ولا نرى من الطرق إلا طريقين فقط، طريق حفرته أقدام من قبلنا، وطريق شائك لا ندري إلى أين يوصلنا. بينما يوجد حلول وبدائل كثيرة قد تكن أفضل وأقل تكلفة”.

البديل الثالث

وتابع الكاتب “«البديل الثالث» هو كتاب من كتب تطوير الذات للكاتب «ستيفن كوفي» مؤلف الكتاب الأكثر مبيعاً «العادات السبع للناس الأكثر فعالية» وهو يتحدث عن الحلول الممكنة لكل صراع أو مشكلة، ويطرح الكثير من الأمثلة التي استطاع أصحابها إيجاد حلول سهلة وممكنة، مستخدمين ما لديهم من إمكانات كمراكز الأبحاث والدراسات، أو العصف الذهني بالنسبة للمجموعات.”.

التاريخ معلم مخلص

وواصل الكاتب بقوله “التاريخ معلم مخلص لا يلتفت إليه غالباً. والحياة مليئة بالمشكلات والتحديات، تحديات على مستوى الأسرة، وصعوبات على مستوى العمل، ومنغصات على الطرق، وفي التعامل مع الناس. توترات بين الدول المتجاورة أو المتنافسة على المصادر والأسواق، والحل في نظر الأكثرية إما المواجهة أو الخضوع والعيش تحت هذه الظروف الصعبة. بينما يوجد حلول أخرى قد تقود إلى العيش المشترك بين الأفراد والدول. وهنا أسوق بعض الأمثلة لإيضاح ما أرغب في التأكيد عليه:

أولاً. حين نبحث عن أفضل الحلول يجب ألا نحصر الحلول في حلّ أو حلين، بل يجب أن نعطي الفرصة للعصف الذهني، واستشارة الخبراء ومراكز الدراسات الاستراتيجية، وقراءة التاريخ القديم والحديث. في كليات القيادة والأركان وكليات الحرب يوضع أكثر من حل وسيناريو ثم تعدد مزايا وعيوب كل حلّ. وهذه إحدى الطرق للتوصل إلى أفضل الحلول وأقلها تكلفة.

ثانياً. يقول المثل: «إذا كان سلاحك الوحيد هو المطرقة، فكل ما تراه أمامك مسامير» فالحرب والقبضة الحديدية هما أسوأ الحلول، لما يفرزانه من ضحايا وأمراض. كما أنه لا يمكن التنبؤ بنتائج الصراع المسلح مهما بدا واضحاً ومحسوماً. وحين نفكر في البديل للحرب يجب أن نفكر في السلام الهادف إلى العيش المشترك، ونعدد الفوائد الاقتصادية والسياسية التي تنجم عن السلام. ومن الوسائل للعيش المشترك هي المساهمة في نشر التعليم الموجه لمكافحة التفرقة والمذهبية والطائفية. كما أن مكافحة الفقر والتنمية من أهم أسباب استقرار الدول، وتفويت الفرصة على المتاجرين بقضايا الشعوب. وهذا هو الدرس الذي يؤخذ من جميع النزاعات التي استبدل بها السلام ولنا في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا خير مثال، فمن الحروب التي استمرت مئات السنين، وحربين عالميتين إلى دول مستقرة تربطها مصالح مشتركة كثيرة وتعاون.

ثالثاً. بعض الأنظمة لا تريد السلام، وتجد في الحرب مخرجاً لتصدير مشكلاتها الداخلية، وهنا يجب أن نبحث عن البدائل لتفادي إعطائها الفرصة التي تبحث عنها. ومنها الاستمرار في محاولة إقامة علاقات اقتصادية وسياسية مبنية على المصالح المشتركة. كما أن الحياد هو البديل الآخر حين لا تستجيب للبديل الأول. ومن البدائل استخدام القوى الناعمة كإغاثة المنكوبين في الكوارث، والتفريق في المعاملة بين الشعوب وحكوماتها، فالإحسان إلى الشعوب لا يضيع مهما كانت الدعاية مغرضة.

رابعاً. أفضل وسيلة لمنع الحرب هو الاستعداد لها، فالردع هو الذي يجبر الآخر على القبول بالبدائل. والاستعداد لا يعني شراء السلاح فقط، لكن القدرة على تصنيعه وتطويره محلياً. كما أن الاقتصاد القوي المبني على تعدد المصادر من أهم وسائل دعم المجهود الحربي في حالة عدم نجاح البدائل الأخرى.

البديل الحضاري

وتابع الكاتب “المملكة اليوم تضع البديل الحضاري لهذه المنطقة المنكوبة بالحروب والقلاقل والانقلابات العسكرية. اليوم تصوغ الرياض استراتيجية تنموية وأمنية، ليس لها فقط، لكن لكافة الدول العربية، خطط مدروسة تبنى على المصالح المشتركة مع جميع الدول الغنية والصديقة والمجاورة. اليوم تضع المملكة مصالح الشعوب العربية وأمنها وحريتها كبديل عن الحروب والنزاعات الإقليمية والطائفية والمذهبية”.

وختم الكاتب بقوله “العالم العربي بحاجة إلى قيادة تبحث عن البدائل في ما تتخذ من قرارات، وهاهي المملكة تعقد القمم وتوقع مذكرات التفاهم وتسير بخطى ثابتة نحو المستقبل. العالم العربي بحاجة إلى قدوة، والمملكة وبقية دول مجلس التعاون ترسم الطريق إلى الرخاء والازدهار والتنمية”.