مصدر إزعاج دبلوماسي لأكبر قوتين في العالم

رسالة حملها المنطاد الصيني لإدارة الرئيس الأمريكي

الأحد ٥ فبراير ٢٠٢٣ الساعة ١:٢٠ مساءً
رسالة حملها المنطاد الصيني لإدارة الرئيس الأمريكي
المواطن - ترجمة: هالة عبدالرحمن

أثبت المنطاد الصيني، الذي تم اكتشافه في وقت سابق من هذا الأسبوع فوق ولاية مونتانا شمال غرب الولايات المتحدة، فعاليته كمصدر إزعاج دبلوماسي بين أكبر الاقتصادات في العالم، فيما ألغى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين رحلة إلى الصين ردًا على أزمة المنطاد، الذي زعمت بكين أنها أطلقته بغرض البحث ولكنه خرج عن مساره.

موقعه الحساس

أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، في وقت سابق من هذا الأسبوع أنها كانت تتعقب المنطاد فوق مونتانا، حيث تمتلك الولايات المتحدة صوامع للصواريخ الباليستية النووية العابرة للقارات. وأضافت: “الرئيس جو بايدن قرر عدم إسقاطه بسبب خطره على المدنيين”، إلا أنه تم إسقاطه في وقت لاحق أمس السبت.

وفي المقابل، أبدت وزارة الخارجية الصينية، اليوم الأحد، استياءها الشديد واعتراضها على استخدام الولايات المتحدة القوة لمهاجمة منطادها.

ما هو بالون التجسس؟

ونُشرت بالونات التجسس لأول مرة خلال الحروب الفرنسية، وتم استخدام المناطيد التي يديرها الجواسيس بمنظار خلال الحرب الأهلية الأمريكية لاكتشاف تحركات قوات العدو. وتم استخدامها على نطاق واسع خلال الحرب الباردة، حيث سعت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي إلى طرق لمراقبة جيش بعضهما البعض.

وتفتقر بالونات التجسس إلى الدفع، فهي تخضع لتقلبات تيارات الرياح. لكن الإصدارات الحديثة من الأجهزة منخفضة التكلفة يمكن أن تحتوي على الكاميرات والرادارات وأجهزة الراديو.

أهمية منطاد التجسس

أدى التحسن الهائل في تكنولوجيا الأقمار الصناعية وانتشار أقمار التجسس الصناعية في العقود الأخيرة، بالإضافة إلى الاستخدام المتزايد للطائرات بدون طيار، إلى جعل بالونات المراقبة تقنية عفا عليها الزمن إلى حد كبير. لكنها لا تزال تُستخدم، لا سيما للمراقبة غير العسكرية.

وقال البنتاغون إن المنطاد لم يزود الصين بقدرات تتجاوز أقمار التجسس الصناعية الخاصة بها، لكن المحللين العسكريين والاستخباراتيين قالوا إن السرعة البطيئة والارتفاع العالي للبالونات، التي تعمل عادة على ارتفاع حوالي 80 ألف قدم، أعلى بكثير من الطائرات التي تسمح بذلك، فيما يسمح لمنطاد التجسس التقاط المزيد من التفاصيل التي يصعب رصدها من الطائرات بدون طيار أو المعدات التقليدية للمراقبة مثل الرادار، بينما يمكنها البقاء في الهواء لأسابيع، مما يوفر رقابة أفضل لأي نشاط على الأرض.

بكين ليست مجنونة

وأشار بعض المحللين لفايننشال تايمز إلى أن البالون كان إما موجهًا نحو الولايات المتحدة عن طريق الخطأ، أو أنه حمل رسالة تحذير صينية لواشنطن من العبث معها.

وقال بليك هيرزنجر، الباحث في معهد أمريكان إنتربرايز، عبر موقع تويتر، إننا نحتاج على الأقل إلى التفكير في احتمال أن يكون هذا خطأ. وأضاف: “بكين ليست مجنونة، إن إرسال بكين لمنطاد فوق الولايات المتحدة للتجسس على شيء ما، يمكنها الحصول عليه سراً من الفضاء، يمثل مخاطرة غير ضرورية على الإطلاق”.

وفي المقابل، صرح بيل بيشوب، المحلل الأمريكي الصيني: “لا أعتقد أن القيادة الصينية تتفهم حجم الثمن السياسي الذي ستدفعه جراء إطلاق منطاد للتجسس  في واشنطن، إنه سيزيد من قتامة الأوضاع”.

التأثير الدبلوماسي المحتمل

ويأتي إلغاء رحلة بلينكين التي كانت ستستغرق يومين، نتيجة حتمية لهذا الحادث، وكان من المتوقع أن يلتقي بلينكن بالرئيس الصيني شي جين بينغ في رحلة كانت ستجعله أول وزير في حكومة بايدن يزور الصين وأول وزير خارجية يسافر إلى البلاد منذ أكثر من خمس سنوات.

وأصبحت العلاقات بين القوتين العظمتين بالفعل على حافة الهاوية. وكانت رحلة بلينكن جزءًا من جهود تهدئة التوترات بعد محادثات بين بايدن وشي في نوفمبر الماضي. واتفق الزعماء في ذلك الاجتماع على ضرورة محاولة وضع أرضية للعلاقة التي هبطت إلى أدنى مستوياتها منذ أن أقامت الدولتان العلاقات الدبلوماسية عام 1979.

انتقادات لبايدن

وكان بعض الجمهوريين في الكونجرس، بمن فيهم توم كوتون، النائب من ولاية أركنساس، قد استغلوا في وقت سابق نبأ المنطاد لدعوة بلينكين لإلغاء زيارته، كما انتقدوا البيت الأبيض لسماحه بمثل هذا التوغل.

وقال مايكل ماكول، الرئيس الجمهوري للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، إن بلينكن كان يجب أن يذهب ليخبر الرئيس شي وحكومته أن مغامراتهم العسكرية لن يتم التسامح معها بعد الآن.