محاصرة العنف الأسري مسؤولية المجتمع ككل

نتائج العنف الأسري وتبعاته تتجاوز الأسرة والمعنِّف والمعنَّف

الثلاثاء ٨ أغسطس ٢٠٢٣ الساعة ٩:٠٠ صباحاً
نتائج العنف الأسري وتبعاته تتجاوز الأسرة والمعنِّف والمعنَّف
المواطن - فريق التحرير

أكد الكاتب والإعلامي عبداللطيف الضويحي أن نتائج العنف الأسري وتبعاته تتجاوز الشخص المعنِّف والمعنَّف، وتتجاوز حتى الأسرة إلى المجتمع ككل.

وأضاف الكاتب في مقاله بصحيفة “عكاظ”، بعنوان “نزع فتيل العنف الأسري وتجفيف مسبباته”، أن محاصرة العنف الأسري وتجفيف منابعه تعد مسؤولية تقع على عاتق أفراد المجتمع ومؤسساته يشترك ويلتف حولها أفراد المجتمع ومؤسساته بِدءاً بمحاصرة أسباب المشكلة ومروراً بالتعامل المباشر وغير المباشر مع العنف من خلال الإبلاغ عن العنف ومتابعة مآلاته.

وتابع “كما أننا هنا لا بد من الإشارة إلى أهمية إجراء المزيد من الدراسات للتعرف على حواضن العنف الأسري ومكامن تواجدها، بغرض اتخاذ الاحتياطات الضرورية والإجراءات الاستباقية الكفيلة بالقضاء نهائياً أو جزئياً على مسببات العنف الأسري”.

تحديات جسام داخل الأسرة

يستمر الإنسانُ في حالة بحث دائم عن التوازن مع نفسه ومع من حوله، معتمداً على قدراته الفردية وذكائه الاجتماعي. ينجح كثيرون في الوُصول لهذا التوازن والمحافظة عليه، لكن البعض للأسف لا تُسعفُه قدراته الفردية وذكاؤه الاجتماعي أو ظروفه بالتوصُّل والوصول للتوازن النفسي الاجتماعي المطلوب والمحافظة عليه، فتكون النتيجة عُنفاً أُسريّاً، تتفاوت ضحاياه عدداً ونطاقاً ومدى، وتمتد تبعاته بدءاً من التفكك الأسري وتدهور منظومة القيم الاجتماعية التي تشكّل القواسم للعيش المشترك، ناهيك عن الخسائر الفادحة لرأس المال البشري للدولة لا قدر الله.

تتعرض الأُسرة لتحديات جِسام من داخل الأسرة ومخاطرَ جمَّة من خارجها تُهدد تماسُك وتأثير أقدم وأهم مؤسسة اجتماعية عرفتها البشرية، وصمَّام أمان الأمن والسلم الاجتماعي والاستقرار النفسي لأفراد المجتمع، وحاضنة التكافل وخزان العطاء الإنساني.

يُعدّ العنف الأسري أحدَ أبرز التحديات والمخاطر التي تتسبب بالتفكك الأسري. فالعنف الأسري يأتي ويتفاقم نتيجةً لدوافع اجتماعية تتمثل بالصراع الأزلي بين الأجيال، بين القديم من القيم والجديد، بين دعاة الاستجابة السريعة للتغيير والتغيير على مراحل أو عدم الاستجابة للتغيير.

ظروف عائلية طارئة

كما يأتي العنف الأسري من الظروف العائلية الطارئة غير المتوقعة كفشل أحد أفراد الأسرة دراسياً أو مادياً أو اجتماعياً أو سلوكياً، وقد يقع العنف نتيجة مرض مفاجئ لأحد أفراد الأسرة مثل الأمراض النفسية والاكتئاب أو الاختلاف بين الزوجين على أساليب تربية الأطفال، وقد يكون العنف الأسري ناتجاً عن تأثير التدخُّل الخارجي من أهل أحد الزوجين لحل مشكلات الزوجين. ويقع العنف الأسري نتيجةً لعدم التوافق الفكري أو التعليمي أو الاجتماعي، بالتوازي والتناغم مع انعدام لغة الحوار والتفاهم بين أفراد الأسرة. فيما يؤدي الإهمال واللامبالاة بين اثنين أو أكثر من أفراد الأسرة إلى العنف الأسري أحياناً خاصة مع إدمان البعض على الاستخدام المفرط لوسائط الإعلام الاجتماعي. كما أن العنف الأسري يمكن أن يكون نتيجةً لإدمان تعاطي الكحول أو المخدرات أو الأمراض النفسية.

وتلعب الأزمات الاقتصادية دوراً مهمّاً في تدهور العلاقات الأسرية وإشعال الأزمات ومنها العنف الأسري نتيجة لتراكم المديونيات أو لفقد أحد الزوجين العمل أو نتيجة لقرارات مالية خاطئة وعجز الأسرة عن توفير احتياجات المعيشة بسبب تدني مستوى الدخل.

خطورة العنف الأسري

ولخطورة العنف الأسري وتداعياته على أفراد الأُسرة المعنّفة، وعلى الأمن والسلم المجتمعي ككل، كان هناك بعض المبادرات لحماية الأسرة، ويأتي مركز الإبلاغ عن العنف الأسري في مقدمة تلك المبادرات والتي أطلقتها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وهي خدمة تستقبل بلاغات العنف الأسري وسوء المعاملة على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع على الرقم (1919) أو عن طريق تطبيق الجوال الموحد، وذلك بهدف تمكين سكان المملكة العربية السعودية (مواطنين ومقيمين) من الوصول إلى المساعدة الصحيحة في الوقت المناسب على يد المختصين، وذلك عند التعرض للأذى والعنف بأنواعه النفسي والجسدي واللفظي والتحرش، من خلال استقبال ومتابعة البلاغات وتقديم الاستشارات حول الحماية من الإيذاء، بجانب الاستجابة السريعة في حالات الإيذاء والتنسيق الفوري بين الجهات التنفيذية حسبما يتم تعريف المركز.

ولأن نتائج العنف الأسري وتبعاته تتجاوز الشخص المعنِّف والمعنَّف، وتتجاوز حتى الأسرة إلى المجتمع ككل، فإن محاصرة العنف الأسري وتجفيف منابعه تعد مسؤولية تقع على عاتق أفراد المجتمع ومؤسساته يشترك ويلتف حولها أفراد المجتمع ومؤسساته بِدءاً بمحاصرة أسباب المشكلة ومروراً بالتعامل المباشر وغير المباشر مع العنف من خلال الإبلاغ عن العنف ومتابعة مآلاته. كما أننا هنا لا بد من الإشارة إلى أهمية إجراء المزيد من الدراسات للتعرف على حواضن العنف الأسري ومكامن تواجدها، بغرض اتخاذ الاحتياطات الضرورية والإجراءات الاستباقية الكفيلة بالقضاء نهائياً أو جزئياً على مسببات العنف الأسري.